حماس والفصائل في غزة
تاريخ النشر : 2013-11-22 22:15

في غزة لا تستطيع حتى الكتابة لان الالهام يحتاج الى استرخاء واجواء غير مشبعة بالضغوط النفسية التي يسببها لنا انقطاع التيار الكهربائي الذي باتت ازمته تضيق وتحصر المواطن الغزي في زاوية تزيد فيها من كربه وهمه ناهيك عن كرباته وهمومه المتراكمة اصلا منذ الاحتلال خاصة واننا نحن على ابواب فصل الشتاء الذي يتوقع ان يكون شديد البرودة هذا العام وتتربع في الذاكرة احداث وخبرات مؤلمة ومؤسفة مكبوتة في الشعور الانساني للفلسطينيين عامة وفي اللاشعور الغزي خاصة مع اقتراب فصل الشتاء لحوادث الحرائق وكوارث الموت الناتجة عن انقطاع التيار الكهربائي المستمر والذي لا تبدو له حلولا في الافق حتى بعد عرض الفصائل الفلسطينية في غزة بعض الحلول للخروج من هذه الازمة في اجتماعهم الاخير مع حكومة غزة المقالة الاسبوع الماضي .

نحن لسنا في صدد الخوض في تلك الحلول المقترحة لازمة الكهرباء من قبل الفصائل ولا في صدد الخوض في ردة فعل حكومة غزة التي تقبلت تلك الاقتراحات ولم تبد أي معارضة في تجريب أي من تلك الحلول ولكن الاهم من ذلك هو مبدا الاستماع والتشاور الذي انتهجته حماس مع هذه الفصائل للخروج من ازمة الكهرباء . فهذه خطوة مهمة تحسب للجميع وتلقي بمسؤولياتها على جميع الاطراف ولكنها لا تكفي ولو تم تغليب المشاركة من قبل حماس منذ زمن لكان حالنا أفضل بكثير ولكن لا بأس في بحثها وتدارسها الآن ابتداء من دعوة هنية للفصائل الفلسطينية قبل شهرين تقريبا بتشكيل قيادة مشتركة لادارة شئون قطاع غزة والتي قوبلت بالتحفظ من البعض او الرفض وعدم التعليق من قبل البعض الاخر لعدة ذرائع معلنة وغير معلنة من الذرائع المعلنة لرفض دعوة حماس هو عدم تعميق فجوة الخلاف بين فتح وحماس وعدم ترسيخ الانقسام الحاصل بين شطري الوطن او عدم منح الشرعية لحكومة غزة وهناك ذرائع اخرى غير معلنة وهي عدم اغضاب سلطة رام الله وخاصة الرئيس عباس من تلك المشاركة واسباب لوجستية اخرى . قد نتقبل تلك الاسباب وقد نتفهم مواقف الفصائل عندما يكون اتخاذ القرار يتعلق بأدبيات او برامج او أيدولوجيات تلك الفصائل ولكن عندما يتعلق الامر بالمصلحة العامة للشعب او بقرارات ميدانية تخصه خاصة في ظل هذه الظروف والوقائع المتسارعة والصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني الذي منه اهالي قطاع غزة الذين لا ذنب لهم ولا حمل لهم لدفع فواتير تلك المناكفات الحزبية والمصالح الفئوية المحدودة للغاية فلا مبرر لتلك الفصائل ولا ذرائع لها يمكن ان يتقبلها أي مواطن في غزة وهو في هذه الحالة المزرية من العيش الضنك حتى وان كنتم لا تتحملون المسئولية المباشرة لذلك الا ان التاريخ سيشهد عليكم انكم تركتم اهالي غزة يصارعون امواج الخلاف الحزبي . لذلك لا ارى وجود أي بعد نظر سياسي لتلك الفصائل الرافضة للمشاركة في ادارة شئون غزة والتي لم تتجاوب مع دعوة حماس وضربت بعرض الحائط الفوائد التي سيجنيها الجميع من تلك المشاركة ولم تبادر جديا في بحثها او دراستها وكأن تلك الفصائل اختارت لنفسها ان تكون خارج الضوء لتغرد في سرب وهمي خاصة على المحك السياسي وتقوقعت حتى في لعب ابسط الادوار واستحسنت الركود التي تتمرغ في اكنافه فهي تلاشت عن لعب أي دور سياسي فاعل على الصعيد الاقليمي أوالدولي واضحت ورقة في مهب الريح لا وزن ولا تاثير خاصة في ظل ما يسمى بالربيع العربي ولا حتى على الصعيد المحلي الذي هو ملعبها الرئيس والاساسي حتى اضحى المواطن لا يشعر لا بوجودها ولا حتى بغيابها وواتتها الفرصة ولم تستغلها حتى وان كانت متاخرة على الاقل لكي تثبت وجودها ومساعيها الحسنة او لكي ترسخ مبادئها او لكي تطرح برامجها الخدماتية او لكي تلعب دورا موازيا لتسويق اهدافها السياسية على ارض الواقع التحاما بهموم المواطن ومشاكله وسعيا لتحقيق مطالبه بعيدا عن الخطابات السياسية والاعلامية التي اختفت اصلا من ثقافتها . في الواقع انا هنا لست في صدد الدفاع عن حماس او عن حكومتها المقالة ولا بصدد تاييد نهجها السياسي والاجتماعي في التعامل مع الظرف السياسي للوضع الفلسطيني لا سابقا ولا حاليا واعلم ان هذه الدعوة جاءت متاخرة من حماس ولم تاتي هذه المبادرة لولا هذا الواقع السياسي المرير الذي تمر به حماس والذي نتج عنه زيادة في تضييق الحصار الذي لم يواجه المواطن الغزي مثيله منذ بداية الانقسام . ولكن في منحى عن كل تلك الظروف المؤلمة واستبعادا لتلك الحقبة المؤسفة من تاريخ الشعب الفلسطيني .فمن حق هذا الشعب الغريق الان في هذا الواقع المتلاطم بامواج الكوارث والتضييقات ان يتمسك بالقشة التي قد تنجيه وتعيده على الاقل الى بر الامان حتى وان كانت تلك القشة هي دعوة حماس لمشاركة الجميع في ادارة شئون غزة . لان الضحية هنا هو المواطن الفلسطيني وخاصة الغزي الذي يعاني ولا احد يبالي والذي اصبح يفقد حتى الامل في ازالة كل هذه الاعباء السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تلقى على عاتقه وتثقل كاهله . وانا اعتقد ان قبول الدعوة من قبل الفصائل في غزة للمشاركة في ادارة شئون غزة ستنم عنها فوائد كثيرة اولا : ستكشف نوايا حماس ومدى جديتها من هذا العرض .ثانيا : ستضع حدا لانفراد حماس في ادارة شئون غزة ولا اقول حكمها ثالثا : سيتاح المجال لكل القوى المشاركة في حل الازمات اليومية لمواطني قطاع غزة ومن ثم الكشف عن سبل جديدة للحل قد تغض حماس الطرف عنها .ثالثا : ستخلق واقعا جديدا لافراز طرفا محايدا لفتح خطا سياسيا مع مصر بهدف للتعاون الامني والاقتصادي ينتج عنها فتح المعابر . رابعا :تقريب وجهات النظر ما بين فتح وحماس وممارسة الضغوط على جميع الاطراف لتنفيذ اتفاقيات المصالحة . خامسا : تفعيل كافة الحريات السياسية والاجتماعية المفقودة في غزة من حرية التعبير والتظاهر وممارسة الانتخابات النقابية في المؤسسات والجامعات على اقل تقدير . هذا في الشأن المحلي والخدماتي ناهيك عن فوائد كثيرة تسعى الى توحيد الصف لمواجهة الاحتلال والاستيطان والاتفاق على مشروع وطني يجمع الكل . دعوة الى جميع الفصائل افيقوا من ثباتكم وكفوا عن لعب دور المتفرج ولا ندعوكم الى الانحياز الى طرف دون اخر انحازوا فقط الى شعبكم والى قضاياه فانتم من يتحمل المسؤولية امام الله والشعب والتاريخ . ونحن نعلم انها مجازفة ولكن لا ضير من مجازفة تصب في مصلحة الشعب وبخطوة لن يلومكم الشعب عليها بل سيلتف حولها مؤيدا ومؤازرا ومتعاونا ومن يغضب اليوم يرضى غدا وان كان الشعب هو مصدر السلطات فلا أعتقد أن أحدا لا يخولكم تلك السلطات التي تصب في مصلحته وتنقذه من ورطته .