الإبرهيمي "ديبلوماسي كسول"
تاريخ النشر : 2013-10-07 11:04

"لا تستقل يا الإبرهيمي!" كان عنوان مقال نشر في هذا المكان بالذات في كانون الثاني الماضي. آنذاك نال الممثل الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في سوريا الأخضر الإبرهيمي جرعات من الأمل لتخفيف إحباطاته. غير أن إخفاقه في إحراز أي تقدّم يثير تساؤلات عما إذا كان قادراً على إحداث اختراق لحلّ الأزمة السورية. يراه كثيرون مستسلماً للكسل. ينتظر ترياق الوفاق الأميركي – الروسي.
مضى عام على تعيين الإبرهيمي في الأول من أيلول 2012 وسيطاً بين المتحاربين في سوريا. خلف في هذه المهمة رئيسه سابقاً في العمل الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان، الذي أنجز خلال ستة أشهر وثيقتين مهمتين: خطة النقاط الست وبيان جنيف لمجموعة العمل الخاصة بسوريا في 30 حزيران 2012. اكتشف الديبلوماسي العربي أن هذا البيان حيلته الوحيدة. بيد أنه لم يزد عليه. اعتقد "الديبلوماسي الكسول" انه ينام على سرّ. رمى عبء تفسير البيان على الولايات المتحدة وروسيا. طلب من الديبلوماسيين الأميركيين والروس أن يتوافقوا على "تأليف هيئة حكومية انتقالية تحظى بكامل السلطات التنفيذية" وأن يقدموا له الوصفة السحريّة على طبق من فضة.
يعتقد ديبلوماسيون أن الإبرهيمي ارتكب أخطاء فادحة في تعامله مع الأطراف الحقيقيين في الحرب. لم يكد يذهب مرات قليلة الى دمشق حتى صار الرئيس بشار الأسد راغباً عن الإجتماع معه. عقد لقاءات عدة مع زعماء المعارضة في الداخل والخارج، فلم يجد بينهم محاوراً جديراً. لم تعد لدى الدول المحيطة المؤثرة أسباب للترحيب به. كيف تنظر اليه جامعة الدول العربية بعدما حاول من دون جدوى خلع عباءة تمثيلها؟ هل ينتظر أن تصفق له دول مثل السعودية وتركيا وايران التي تؤثر وتتأثر بما يحصل في سوريا؟ لماذا استخفّ بدور فرنسا وبريطانيا والصين؟
يخشى الإبرهيمي، وهو الآتي من مدرسة القومية العربية، تفكك بلد عربي آخر. يتخوّف من تحوّل سوريا – على غرار الجزائر في تسعينات القرن الماضي – أرضاً خصبة للإسلاميين المتطرفين. يريد من واشنطن وموسكو أن تهديا اليه حلاً كالذي أعطاه "مجد" وقف الحرب الأهلية اللبنانية عام 1989. ذلك الزمن لم يعد قائماً.
عوض الإستمتاع بباريس والإسترخاء في بالي، فليستثمر الإبرهيمي الآن المساعدة التي يقدمها له الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون، وليسمع لمستشاره الفذ غسان سلامة، وليستفد من قدرات نائبه ناصر القدوة ومدير مكتبه في دمشق مختار لماني، ليعد فتح خطوط التواصل مع كل الأطراف المحليين أولاً والاقليميين ثانياً باعتباره وسيطاً نزيهاً، عوض الإعتماد كلياً على التوافق الأميركي – الروسي، وهو ضروري بالطبع، من أجل أن يكتب النجاح لمؤتمر جنيف – 2 اذا كُتب له أن ينعقد.
"الديبلوماسية الكسلى" لن تساهم في حل الأزمة السورية.

عن النهار اللبنانية