51 يوما ً من عام 2014
تاريخ النشر : 2014-12-31 11:16

لم نكن كما نحن الان حين كان الموت يعزف لنا لحن الرحيل كل دقيقة بل كل ثانية وكنا مهددين بالانقراض .
كان الموت يُسقط ارواحنا كما لو انها اوراق شجر في فصل خريف يستفزه البقاء او الوقوف او حتى الحياة ...كنا نلاحق الحياة لكي نبقى وهى تهرب منا وتستلم للموت الذي كان لا يقبل بنا فردا فردا وانما جماعات ... كان الليل عدونا يصادر احلامنا ويزرع فينا الخوف رغما عنا ً ويتلذذ في سماع صراخنا ... كانت اعمارنا عزيزة علينا كفتاة جميلة خائفة وهاربة من متحرش بها ...
51 يوما ًكرهنا الوقت والصوت والليل ,كنا نرى انفسنا ونحن موتى نرى النعوش تسير فينا ...51 يوما ً لم نكن نحن بل كنا غيرنا نجمع ما تبقى منا هنا او هناك , كنا نهرب من الموت لنموت , كان بكاء الاطفال اعلى من صوت القنابل واعلى من شعارات وخطب التنابل ولا من احد سائل ... كانت دموع النساء تستفز البنادق ورصاص الثائرين فتقاتل ...
51 يوما ً في عام لابد ان ينصرف كنا فيه لا فرق بيننا وبين الانسان البدائي لا شراب ولا طعام ولا كهرباء ولا حياة اصلا ً ...51 يوما ً كبرنا 51 عاما ً وما زال الوجع كل يوم يكبر فينا وما زال الكثيرين بلا مسكن ومأوى وما زالوا السياسيين يتفاوضون على جراحنا ومصائبنا ...
51 يوما ً كانت القذائف تعيش بيننا كما لو انها احد جيرانك تذكرك بجسد ممزق كل حين وتهدد وجودك اينما كنت وكانت الصواريخ تسكن بيوتنا صبح مساء بعشوائية الموت تصيبنا , نختار طريق رحيلنا بأنفسنا ونطارد شبح اليأس لكي نمنعه من التسلل داخلنا كي نبقى اكثر مدة ممكنة على قيد الحياة لا بل على قيد ربع حياة ...
51 يوما ً تأكدنا كم كنا قادرين على فعل المعجزات ان نحيا مثلا ً دون هواء وان نتنفس الغبار وكحل البارود ورائحة الدماء ونبقى احياء هذه معجزة الاقوياء تحت الركام وفوق الحطام ....
عام مضى تبرأت منه الاعوام وعام سيبدأ مثل اخيه بلا كهرباء وبلا حياة ومن عام لعام يرسم القهر صور لنا ولوحات معاناة ويخطط لنا ويبدع اكثر مما كان في قتلنا وفي كرهنا لما تسمى حياة .. عام سياتي كالأعوام السابقة لا جديد لدينا سوى ابداعنا بالموت والشكوى من ارباب البلد ومن بلد مهما فعلنا الكثير لأجلها نبقى فيها مغتربين ...
عام جديد قبلت رغما ً عني ان يسوقني الامل فيه وان يكون عاما ً مختلف عن ما سبقه من اعوام كنا وكانت فقط ارقام ورغم ان البدايات توضح النهايات وكما قال درويش عام بعد عام و من عام لعام تزداد سوءا ً يا وطني.....