"حماس" . . من مصالحة داخلية إلى مصالحة طهران
تاريخ النشر : 2014-12-30 10:28

يبدو أن التصريحات التي أطلقها عدد من قادة حركة حماس حول استئناف الدعم الإيراني للحركة بعد زيارة وفد برئاسة عضو المكتب السياسي للحركة محمد نصر لطهران هي عبارة عن أمنيات لأنه لم تصدر تصريحات إيرانية مشابهة . حيث إن حركة حماس التي رأت القارب القطري يتخذ مساراً آخر بعد عقد من استضافة قطر لقيادة حماس وتمويلها ودعمها إعلامياً، سارعت إلى إيفاد وفد برئاسة محمد نصر إلى طهران في محاولة لاستكشاف إمكانية الحصول على دعم أو إعادة العلاقات مع محور طهران ودمشق . وهذه الزيارة ليست الأولى لأحمد نصر إلى طهران حيث زارها مرات عدة في السنوات الأخيرة دون جدوى، وكانت طهران تحيل حماس إلى حزب الله في لبنان الذي كان بدوره يحيل أمر عودة العلاقة مع حركة حماس إلى دمشق التي اخذت عهداً على نفسها بعدم الوثوق ثانية بحركة حماس باعتبار أن قيادتها خانت سوريا، وعضت اليد التي أكرمتها على مدى السنوات الماضية . ولم يحمل نصر في زيارته الأخيرة أي رد على أسئلة سبق لطهران أن وجهتها لقادة حماس في السابق حول حسم موقفها من جماعة الإخوان المسلمين ومن الأزمة السورية .

حماس عملياً لم تعد تراهن على عودة علاقتها مع دمشق أو حتى حزب الله بل هي معنية بعلاقة مع طهران لاعتبارات إقليمية، حيث يظن البعض من قادتها أن انتهاز الفرصة الحالية لطرق أبواب طهران مجدداً من شأنه لفت نظر دول عربية إلى ضرورة إنهاء الحصار الذي شملها باعتبارها ذراعاً للإخوان المسلمين . فحماس لا تسعى إلى دعم عسكري من إيران لأن طرق تهريب السلاح باتت مغلقة، ولا تسعى إلى دعم مالي، لأن لدى حماس أموالاً في الخارج حيث كدست أموالاً كتبرعات ودعم خارجي جراء العدوان على غزة وما قبله، لكنها لا تستطيع إيصالها إلى غزة . كل ما تسعى إليه حماس هو فك الحصار السياسي عليها سواء من الدول العربية أو الخليجية أو مصر، لأن تطبيع علاقاتها مع مصر يعني عودة الروح إلى حماس ومن شأنه إنعاش الحركة في قطاع غزة داخلياً وخارجياً في العالم العربي . ولكن حماس تعي منذ بداية عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي المطالب المصرية، المطلوب من حركة حماس أن تلبيها وسبق لمصر أن أبلغتها لموسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحماس المقيم بين القاهرة وغزة حالياً، وهي وقف دعم جماعة الإخوان "الإرهابية" في مصر، وإعلان حماس فك ارتباطها بالجماعة ووقف دعم الجماعات الأخرى في مصر التي تمارس الإرهاب، وتسليم مصر عدداً من المطلوبين المتهمين بالتورط في أعمال إرهابية داخل مصر وخاصة سيناء . ولم تتلق مصر حتى الآن أية أجوبة قطعية على مطالبها، بل هناك نفي من قبل قادة حماس لأي تورط في الشأن المصري .

في المحصلة النهائية فإن حركة حماس لا تحتاج إلى تحسين علاقات مع طهران أو حتى مصر أولاً، بل بحاجة إلى رص صفوف تياريها المتصارعين بين ما سمي تيار الدوحة - اسطنبول وتيار طهران، حيث ما زالت الخلافات قائمة بين التيارين، وبدلاً من القفز من القارب القطري - التركي إلى الإيراني من الأفضل العودة إلى القارب الفلسطيني وذلك بالتركيز على تنفيذ المصالحة الداخلية وبرنامج إعادة الاعمار . فالمصالحة الحقيقية فقط قادرة على فتح أبواب مصر، وإعادة إعمار ما دمره العدوان وشرطها الأساس هو المصالحة، لأن المصالحة مع طهران أو دمشق لن تحل مشكلة بل تصبح مشكلة، فطهران لعبت دوراً تعطيلياً لاتفاق المصالحة في السابق لأسبابها الإقليمية وليس لأسباب تتعلق بحماس أو القضية الفلسطينية . فالبحث عن ثغرات هنا وهناك للتهرب من استحقاقات المصالحة وإعادة الإعمار ليس في مصلحة القضية الفلسطينية ولا مصلحة المنكوبين من العدوان في غزة .