نتنياهو خارج الحسبة الأمريكية
تاريخ النشر : 2014-12-30 10:22

رغم عدم توافر الكثير من التفاصيل، وعدم اكتمال خرائط التحالفات الانتخابية في إسرائيل , إلا أن ربيع الدولة العبرية سيكون عاصفا وأكثر حرارة من احتمال دول الجوار خاصة السلطة الفلسطينية التي تراقب ومعها دول المنطقة الى أي يمين ستذهب “ الجارة العدوة “ بعد أن ماجت كثبانها السياسية بحركة حزبية عشوائية قياسا بحركتها في الانتخابات السابقة , فالكنيست الإسرائيلي لم يصوّت على حلّ نفسه بواكير الشهر الجاري بقدر ما قام بتفكيك أحلاف حزبية إسرائيلية وساهم في انتقال عقول من اليسار الى اليمين ومن اليمين الى يمين اليمين مع بقاء اليسار الاسرائيلي معزولا مع القائمة العربية الموحدة .
مفتاح الولوج الى قراءة الانتخابات الإسرائيلية هو رئيس الوزراء الحالي نتنياهو , فدلالة بقائه في قيادة حزب الليكود تكشف مسار الحزب الرئيس وبرنامجه في قومية الدولة أو يهوديتها , ورحيله يكشف المدى المقطوع من الإدارة الأمريكية لرعاية تغيرات جوهرية في السياسة الإسرائيلية للإطاحة بأكثر شخصية كارزماتية في إسرائيل وتحمل مشروعا لإشعال المنطقة وإحراج حلفاء اميركا في الاقليم ودول الطوق تحديدا, ما سيرتب تحولات جوهرية في المنطقة العربية ودخولها في حسبة داخلية معقدة مخرجها الابرز انفلات الحدود وتفكك المجتمعات المجاورة لإسرائيل ان لم يكن المخرج حربا لا يمتلك طرف حسم نتائجها ومجالاتها .
من شخصية رئيس حزب الليكود ستتم قراءة أبرز التحولات داخل المجتمع الإسرائيلي الحزبي , الذي يشهد صداما داخل اليكود نفسه وهو مقبل على انتخابات داخلية اول الشهر القادم بتنافس حاد بين نتنياهو الرئيس الحالي ومنافسه موشيه فيغلين قائد اقتحامات المسجد الاقصى والذي يحقق نجومية داخل أروقة الليكود وداخل اطياف اليمين مسنودا بنتائج تفاعلات صدام نتنياهو مع الوزراء الست الذين أطاح بهم قبل الإطاحة بالكنيست ودخول إسرائيل نفق الانتخابات المبكرة التي حاول نتنياهو تجنبها وسط خذلان أحزاب اليمين الرئيسة فقرار حل الكنيست اعترض عليه نائب واحد وغاب عنه نائب آخر طبعا من خارج أصوات حزب الليكود .
أبرز الداعمين لإسقاط نتنياهو ومعه الليكود تسيفي ليفني وزيرة العدل المقالة وزميلها في الإقالة يائير لابيد الحاملين سيف القصاص من نتنياهو من خلال إعلانهم بدء المفاوضات لتشكيل كتلة مانعة لوصول الليكود ورئيسه الى سدة الحكم عبر التحالف مع حزب العمل وحزب ميرتس اليساري وربما يفتحون نافذة للحصول على دعم المقاعد العربية التي أعلنت عن تشكيل قائمة موحدة على الرغم من تحفيز هذه الموانع لأصوات ليكودية للاصطفاف خلف نتنياهو لمنحه فرصة قيادة الليكود بالتزكية والحفاظ على رئاسة الحكومة الإسرائيلية القادمة تلك الفرصة التي وصفها لابيد بـ” الفرصة المستحيلة “ نظرا لقيام نتنياهو بتخريب العلاقات الإسرائيلية مع الولايات المتحدة والخضوع للمتدينين الحريديم , ولا يُخفي اكثر من مصدر اردني وعربي أن الولايات المتحدة لم تعد راغبة برؤية نتنياهو في الملعب السياسي والرئاسي كما نقل اكثر من مصدر عن وزير الخارجية الامريكي جون كيري .
نجاح نتنياهو ليس محسوما إذن , لا في رئاسة الحزب ولا بنيل الدعم للترشح لرئاسة الوزراء رغم عدم اشتراط رئاسة الليكود لرئاسة الحكومة او الترشح لها , لكنها مؤشر على انه لم تعد الكاريزما هي القادرة على جمع اطياف الحزب والمتطرفين تحت راية واحدة وتحت راية تحالف حزبي كبير كما كان يحلم او يريد من أجل تمرير قومية الدولة فحليفه الأبرز ليبرمان رفض شراكته قبل الانتخابات المزمع إجراؤها في 17 اذار المقبل ولم يكتفِ بذلك , بل فتح الباب لتحالف مضاد مع حزب العمل برئاسة يتسحاق هرتسوغ قائلا “ ان احتمال الشراكة بين حزب اسرائيل بيتنا وحزب الليكود أو مع حزب العمل بعد الانتخابات واردة جدا “ مؤكدا أن حزبه سيخوض الانتخابات في إطار قائمة مستقلة وسبق أن خاض انتخابات 2014 تحت قائمة موحدة مع نتنياهو حملت اسم “ الليكود بيتنا “
خسارة نتنياهو لحليف قوي مثل ليبرمان تؤكد خفوت نجمه وتشي بروائح أمريكية في تصريحات الأخير خاصة نقل التحالف الى الكتف المضاد “ العمل “ الذي بدأ الاستعداد للعودة الى الأضواء بانزياحه عن اليسار واقترابه من اليمين بتحالفه مع حزب الحركة الذي تتزعمه ليفني وإمكانية جذب القائمة العربية التي لن تجد حليفا إلا حزب العمل والحركة فالتكوينات الباقية يمينية جدا .
المشهد الإسرائيلي ما زال يحتفظ بأسراره اليمينية التي يراهن عليها نتنياهو والليكود فما زالت أحزاب شاس والبيت اليهودي وديغيل هتوراه موجودة وحاضرة ويمكن الاستفادة منها , لكن رفضها الوقوف الى جانب نتنياهو برفض حل الكنيست يمنح المشهد الليكودي وصورة نتنياهو سوادا مٌضافا خاصة مع تنامي التسريبات بقرب تشكيل حلف بينها لخوض الانتخابات إثر توافقها على تشكيل كتلة موحدة داخل الكنيست لتكون بيضة القبان لأي راغب في تشكيل الحكومة ونيل اغلبية برلمانية والحصول على مكاسب مضافة لمطالبها المعروفة لكل مراقب خارجي وليس لسياسي داخل اسرائيل فتلك الاحزاب معنية بالمستوطنات والتعليم في المدارس اليهودية وبالتالي قد تجد نفسها اقرب الى ليبرمان او الرئيس المتوقع لحزب الليكود فيغلين .
التقديرات داخل إسرائيل نفسها تشير إلى أن الانتخابات القادمة ستحمل معها مزيدا من الميل نحو اليمين واليمين الفاشي وستتمخض عنها حكومة مطلقة اليد في تعميق الطابع العنصري , فالتنافس محصور بين غالبية الأحزاب على قانون قومية الدولة أو يهوديتها بحسب التعريف العربي للقانون , لجذب الناخب الإسرائيلي , وهو القانون الذي اقرته حكومة نتنياهو بانتظار اقراره من الكنيست وهو القانون الذي يشكل كلمة السر في الفوز بالانتخابات ويشكل كلمة السر في الموقف الأمريكي من نتنياهو , بعد ان ابلغ جون كيري وزراء خارجية الدول الاوروبية بنصيحة شيمون بيرز وتسيفي ليفني والتي مفادها ضرورة افشال مشروع القرار الفلسطيني في مجلس الأمن بشأن انهاء الاحتلال الإسرائيلي لأنه يعزز من مواقع نتنياهو وبينيت , وهذا ما لا تريده واشنطن .
خريطة الانتخابات الاسرائيلية مرهونة او معلقة على نتائج انتخابات حزب الليكود التي ستجرى مطلع السنة الجديدة وأوائل الشهر المقبل وهي تسير نحو اسقاط نتنياهو بحسب الرغبة الأمريكية وبالتالي اخراجه من المنافسة على رئاسة الحكومة , فأي قادم لن يحمل كاريزما نتنياهو وان كان الفارق الى اي يمين ينتمي الى اليمين التقليدي أم الى اليمين الفاشي بعد تراجع ما كان يُعرف باليسار الاسرائيلي؟