"الثورة الفلسطينية عام 2015 "(2)
تاريخ النشر : 2014-12-28 12:34

مسرحية "الدولة الفلسطينية" على حدود 67 ،تعتبر "طعنة "في ظهر كل لاجئ فلسطيني ، لأن القضية الرئيسية والمركزية هي قضية اللاجئين الفلسطينين في الشتات ، وبالتالي الالتفاف على هذه الحقوق والثوابت جريمة وطنية مع سبق الاصرار والترصد . مصطلح " مع سبق الاصرار والترصد"، في القانون الجنائي يدل على ارتكاب جرائم العمد وتبييت النية لدى الجاني ،وكذلك ينطبق اﻷمر على الجرائم الوطنية والسياسية ..
إن التزام المناضلين ، الفدائيين ، الأحرار ،الثوار الأوائل بأصول وقواعد النضال والثورة ، هو وحده الذي جعلهم يحققون ما حققوه من مجد ،فإذا كانت استعادة ذلك المجد ضرورية ، إذن فإن العودة الى مصادر الإلهام التي حركت هؤلاء المناضلين والثوار تصبح هي الأخرى ضرورية ،وإذا كان إستلهام تلك المبادئ صالحا في الماضي ، فإنه لايزال صالحا للحاضر والمستقبل ..
إن القوة والعظمة والمجد يمكن استعادتها في أي وقت بشرط الإلتزام بالمبادئ النضالية والثورية وتتطلب أيضا الإرادة والتضحية ..
راودتني فكرة ، "كتابة رسالة" ، كنت أريد إيصالها للسفارة الروسية ، وكنت أريد إيصال رسائل لكل الفصائل والقيادات الفلسطينية ، وكنت أريد أيضا إيصال صوتي لكل لاجئ فلسطيني في الشتات والمنافي ، ولكن نحمد الله على هذه النعمة ، نعمة الفضاء الإلكتروني ومواقع التواصل الإجتماعي ، وبالتالي من هذا المنبر أخي اللاجئ في المنافي والشتات أستطيع إيصال صوتي لكل الاطراف المعنية ونستطيع جميعا أن نلتقي ونتحاور ونتشاور بعد أن فرقنا الاحتلال ، وبعد أن شتتنا النظام العربي ،وبعد أن قهرتنا الظروف ، نعم قهرتنا الظروف ولكن لم ولا ولن تهزمنا .
القضية الفلسطينية هي القضية المحورية في لعبة الأمم والصراع القائم بين القوى العظمى ، روسيا والولايات المتحدة الأمريكية ، الصراع على النفوذ والسيطرة ، وللأسف لم تستطع القيادة الفلسطينية استغلال واستثمار هذه التناقضات والفجوة والثغرات في الصراع الدائر بالشكل الصحيح ، القيادة الفلسطينية وضعت كل "البيض " في السلة الامريكية منذ النقاط العشر عام 1974 وماقبل وبعد . أنور السادات فتح الطريق للعالم العربي والإسلامي ، طريق الذل والعبودية والتبعية ، وجود الولايات المتحدة في المنطقة العربية وسيادة النفوذ الأمريكي في العمق العربي، يعني سيادة اسرائيل . إذن ،القيادة الفلسطينية والانظمة العربية وخصوصا الانظمة الرجعية ساهمت بطريقة أو بأخرى في تثبيت السيادة الاسرائيلية عن طريق الولايات المتحدة والتبعية المطلقة لها .

في أوائل القرن الماضي ، ظهرت حركات التنوير الاسلامي في مصر ممثلة بأبرز المفكرين والدعاة من أمثال جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ، بالأضافة للحركة السنوسية في ليبيا ، والحركة المهدية في السودان، والحركة الوهابية في السعودية ، وبعد ذلك تأسيس حركة الاخوان المسلمين وتمددها وانتشارها ، وفي المقابل ظهرت حركة القومية العربية الاشتراكية ودعاتها ،حركة التنوير القومي إذا جاز التعبير .

حركة التنوير الاسلامي كانت تحث الناس على العودة الى قيم الاسلام الأصولية ، وكانت تدعو الى تجديد العالم الاسلامي بقيم الأصول الاسلامية بكل الأشكال والأساليب والوسائل وأبرزها "العنف المشروع "، نعم ؛ كانت تعبر عن نفسها وأفكارها المستلهمة من الشيخ ابن تيمية ومن الامام احمد ابن حنبل . في العصر العباسي الذي طغى عليه مظاهر الترف والبذخ والإنحلال الاخلاقي الاجتماعي ، كان الأمام احمد ابن حنبل يحمل لواء الدعوة السلفية ،يدعو ويحث الناس على العودة الى قيم الاسلام الأصولية . وكانت القومية العربية تدعو وتحث الناس على الوحدة العربية والاستقلال للتخلص من الاستعمار والتبعية ، وكانت جماعة الأخوان المسلمين التي تأسست في مدينة الاسماعيلية على يد الشيخ حسن البنا رحمه الله عام 1928 تدعو وتحث الناس على العودة الى قيم الاسلام وطرد الاحتلال البريطاني من البلاد..
وبالطبع ظهرت حالات التناقض والتصادم بين كل الحركات "التنويرية" ،رغم إنها اتفقت في بعض الاوقات على بعض الاهداف الاستراتيجية . وللأسف أيضا استغلت القوى العظمى والولايات المتحدة خصوصا هذا التناقض والاختلاف .أستثمر الأمريكان هذه الفجوة لصالح المعركة الدائرة بين الرأسمالية والشيوعية ، واستطاعت الولايات المتحدة تحويل أنظار العرب والمسلمين عن العدو الحقيقي-اسرائيل- ، وأخترعت لنا عدو وهمي أسمه " الالحاد " الشيوعية ، وبدعم من كل الأنظمة العربية الرجعية وبالتالي ساهم البعض منهم في تثبيت النفوذ والسيادة الأمريكية أي تثبيت السيادة الاسرائيلية .
في اعتقادي أن ثورة يوليو الضباط الاحرار في مصر ،كانت ثورة لإعادة التوازن الدولي والاقليمي ، إعادة التوزان لميزان القوى ، والصراع القائم . نعم ،كانت تدعو للوحدة العربية والاستقلال للتخلص من التبعية ، ولكنها استعانت بالقطب السوفييتي واستطاعت ان تلعب على التناقضات والخلافات ، تحالفت القومية العربية مع الاتحاد السوفييتي ، وكان الاتحاد السوفييتي هو الداعم الرئيس -بالمال والسلاح- لكل حركات التحرر الوطني ، هذا الدعم كان أحد اسباب الخلاف والاختلاف بين القومية العربية وحركات التنوير الاسلامي ، ولكن السؤال المهم والأهم لماذا لاتتحالف الحركات الاسلامية مع روسيا الجديدة ، مع الشيوعية ، مع القوى الصاعدة الدولية ..؟ الولايات المتحدة خلقت لنا العدو الوهمي القديم الجديد ، الشيوعية ، "الشيعة "، الالحاد ، واستطاعت إدخال-اسرائيل -في التحالفات ، علينا إذن تحديد من هو العدو ..؟
وبالتأكيد طالما ارتبطنا وربطنا قضيتنا بالولايات المتحدة ، لا يمكن أن يكون عدونا (اسرائيل) ، هذا ماتريده الولايات المتحدة ومعها بعض الأنظمة العربية الرجعية ، لأن مصيرهم ووجودهم مرتبط ببقاء ووجود (اسرائيل )واستمرارالمشروع الأمريكي في المنطقة .
الصراع الروسي الأمريكي لم ولاولن ينتهي ، كانت البداية بعد الحرب العالمية الثانية ، والآن الصراع في الساحة العربية ،سوريا والعراق وغيرها . لم تتقبل الولايات المتحدة الهزيمة الساحقة في فيتنام ، ولن تنسى دعم الاتحاد السوفييتي لكل تلك الدول المناوئة والمناهضة للمشروع الامريكي الصهيوني في المنطقة ، وبما أن الحرب العالمية الثالثة مستحيلة بين القطبين الروسي والأمريكي في الوقت الحالي على الأقل . فمن الطبيعي أن ينتقل الصراع الى الساحات العربية والاسيوية وفي اوروبا الشرقية و امريكا اللاتينية وافريقيا . وفي كل ساحة من ساحات المعركة تظهر عناصر القوةوالضعف.
في معارك اوكرانيا وجورجيا والعراق وسوريا واليمن ، روسيا تدافع عن أمنها القومي . بل وتدعم المحور المقاوم للمشروع الصهيوني والأمريكي في المنطقة ، والأنظمة العربية تدعم الولايات المتحدة في كل الساحات والباحات . في افريقيا تأسس " نادي السفاري "-نادي يضم أجهزة مخابرات معظمها عربية - للقضاء على بقايا الجيوب الشيوعية المتمركزة في العمق الإفريقي ،في كل المناطق والساحات كان الدعم العربي للولايات المتحدة بلا حدود وبلا قيود! ، الدعم العربي للنفوذ الامريكي في المنطقة ،يعني دعم سيادة (اسرائيل) . للأسف لم نتعلم ولن نتعلم !
الاتحاد السوفييتي كان ظهيرا ونصيرا ثابتا لايغير موقعه أو موقفه . والعلاقة مع روسيا لايمكن أن تكون خاضعة للاحتياجات فقط . علينا إعادة صياغة هذه العلاقة ،إعادة تقييم وإعادة فهم .