فــتـح و حـمـاس و شرف الخصومة .. !!
تاريخ النشر : 2014-12-27 21:25

واجهت حركة المقاومة الإسلامية " حـمـاس" بعد فوزها الساحق في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006 م حروبا قاسية متشعبة الجبهات شاركت بها أطراف متعددة ، حتى لو كانت هذه الأطراف ذات دوافع مختلفة وأحيانا متناقضة .

واجهت حربا إسرائيلية تمثلت بحرب سياسية عنوانها أن " حـمـاس " حركة إرهابية لن تتعامل معها ، وحرب عسكرية تمثلت بالقصف المدفعي الذي يستهدف قتل المدنيين و تدمير البنية التحتية لقطاع غزة من محطات الكهرباء و الجامعات و المدارس و دور العبادة ، و بعمليات الاغتيال والاجتياحات المتكررة لقطاع غزة وارتكاب المجازر ، ثم بشن ثلاث حروب على قطاع غزة " حرب الفرقان " في عامي 2008 ــ 2009 م ، و" حرب السجيل " في عام 2012م ، و " حرب العصف المأكول " في عام 2014 م بهدف القضاء على الحركة .

وواجهت حركة " حـمـاس " حربا دولية أوروبية ــ أمريكية عنوانها حجب المساعدات المالية عنها بهدف تجويع شعب بكامله الذي منح الحركة ثقته في الانتخابات التشريعية ، واتسع نطاق الحصار ليشمل كل دولة عربية أو إسلامية تفكر بكسر الحصار وتقديم مساعدات للشعب الفلسطيني .!

ثم اتسع نطاق الحصار أكثر عبر تهديد البنوك العربية والفلسطينية بأنها ستتعرض للعقاب إذا هي قبلت بتحويل أي تبرعات رسمية او شعبية .!

ثم بدأت حركة " حـمـاس " تواجه حربا فلسطينية من فئة صغيرة من بعض المتنفذين في حركة فـتح ، ومن المحسوبين عليها من دعاة الانبطاح والاستسلام الذين مارسوا بغاء الفعل والقول ، وفضلوا المتاجرة بدماء شعبهم وقضيته الوطنية ، وكأن فلسطين أصبحت وقفا كتب باسمهم ، وليس لأحد أن يحل محلهم في إدارته .!

و العجيب أن الهجوم الأعلامي من هؤلاء على كل من يحمل البندقية المقاومة يزداد بعد كل انتصار للمقاومة على العدو الصهيوني ، تارة بتحشيد بعض الأعلاميين من " سحرة فرعون " في وصلات سباب وشتم و ردح للمقاومة و الشعب الفلسطيني في برامجهم في حالة غير مسبوقة من الأسفاف و الفجاجة و الفجور في محاولة خسيسة لدق الأسافين بين الشعبين الفلسطيني و المصري ، و تحريض الشعب المصري بكل أطيافه ضد أبناء قطاع غزة .! ، وأخري باستضافة أعداء الشعب الفلسطيني على التلفزيون الرسمي الفلسطيني لكيل الشتائم لشعب قطاع غزة و المقاومة ، وتارة أخرى بظهور " غربان فـتح " و الذين يطلق عليهم " الناطقين باسم الحركة " على الفضائيات المعادية لكل ما هو فلسطيني ، و الذين يتسابقون على تحقير النهج المقاوم ، وتوصيف الجهاد بأنه من الكبائر ، و أن المجاهدين الذين يدافعون عن أرضهم وعرضهم وشعبهم إرهابيين وقتلة وخارجين عن القانون ، و التنسيق مع العدو من " أقدس المقدسات و الثابت الوحيد في الثوابت الفلسطينية " .!!

و أخيراً وليس بآخر بالدعوة للاستسلام والتسويات وأنصاف الحلول والتـنازل عن البقية الباقية من الثوابت والأرض الفلسطينية . !

كل ذلك أدى إلى استهجان عضو المكتب السياسي لحركة "حـمـاس" الدكتور موسى أبو مرزوق من التصريحات المسيئة التي تصدر عن مسؤولين في السلطة الفلسطينية للقضية والشعب و المقاومة ، متسائلاً عن الذي يريدون إيصاله لشعبنا الفلسطيني .

وقال : " ألم تصل الرسالة باستشهاد زياد أبو عين أننا كلنا مستهدفون أرضا وشعبا وتاريخا وهوية , حينما يصرح البعض أن إغلاق معبر رفح بسبب تدخل حماس في شئون مصر الداخلية ، وآخر من حق مصر ملاحقة عناصر حماس الإرهابية ، والبعض الآخر يدعي أنه قدم نصائح لحماس ولكنها لا تستمع ، وحـمـاس مصرة على إخوانيتها ، وهي السبب في إقفال مصر لمعبر رفح، و ..".

وذكّر أبو مرزوق مسؤولي السلطة الفلسطينية بأن هناك شئ اسمه شرف الخصومة إن لم يعترفوا بالمصالحة ومنطقها وضرورتها ، مشددًا على أن هناك مصلحة وطنية معتبرة، يجب أخذها بعين الاعتبار .

حتى عندما خرجت الجماهير و الكوادر الفتحاوية في قطاع غزة تشكو من الاضطهاد و الظلم الإجتماعى و التغييب و الطرد و الفصل العنصرى ، وتطالب بالتوقف عن الأخطاء والممارسات التي سقطت فيها القيادة المتنفذة في رام الله ، والتي عطلت بموجبها الحياة التنظيمية ، وكرست مبدأ الولاءات الشخصية و خاصة المرتبطة منها بالرشوة و المنفعة بديلا عن الولاءات الوطنية والتنظيمية ، خرج علينا " غربان فـتح " للتفريق بين الناس عبر تخوينهم ، و قطع رواتبهم , و طردهم من وظائفهم ، ووصفهم بأنهم ثلة من المأجورين و الانشقاقيين اختاروا توقيت مشبوه يتزامن مع التوقيت الذي تعرض له الشهيد ياسر عرفات .!

لن ندخل بالتفاصيل والأسماء المحشوة في وكر الأفاعي الذي لا تـنجو منه حقيقة من دون أن تمتلئ بالسموم .! ، ولكن نرى أنه من حقنا بل من واجبنا أن نتصدى لهذه " الهجمة الجديدة المدروسة " ضد المقاومة و أبناء قطاع غزة بفضحها وتعريتها وكشف أسبابها ومسبباتها ، منبهين ومحذرين إلى خطورة ما قد ينشأ وما قد يتمخض عنها في بعض قطاعات الشعب الفلسطيني الذي يزداد إحساسه بالعزلة هذه الأيام ، والذي بدأ يشعر أكثر من أي وقت مضى أن منافذ العدالة قد سدت في وجهه ، والتي تتكرس اليوم وتبلغ قمتها في حملة الإبادة والتطهير العرقي والفصل العنصري و الحصار، وكل الجرائم اليومية البشعة التي يرتكبها العدو الإسرائيلي ضدهم .

ويتساءل الشارع الفلسطيني بكل ألم :

من أين جاء هؤلاء . . ؟!! :

فهم يدعون الوطنية . . وليسوا بوطنيين . . !!

ويدعون المقاومة . . وليسوا بمقاومين . . !!

ويدعون الصدق . . وليسوا بصادقين . . !!

ويدعون الشفافية . . وهم باطنيون . . !!

ويدعون الطهارة . . وهم ملوثون . . !!

ويدعون الذكاء . . وهم في قمة الغباء . . ! !

لم يكن غريبا أن يشارك هذا " الطابور الخامس " من الذين لم ولن يعرفوا يوماً " شرف الخصومة " من رموز التواطؤ مع العدو الإسرائيلي في الوقوف في الصف الأول مع دعاة حصار أبناء قطاع غزة وتجويعهم ، وفي تأجيج الكراهية وممارسة التحريض عليهم في كل المجالات فلسطينيا وعربيا ودوليا ، والعمل على تطويقهم والنيل منهم ، تارة بالتحريض عليهم من خلال وصف أبناء غزة بأنهم دواعش ، بعد أن وصفوهم في السابق يالقرامطة ، و بايواء تنظيم القاعدة في محاولة مستهجنة لتحريض العالم ضدهم .؟!

، وتارة أخرى من خلال إلغاء التاريخ الفلسطيني بالقول بأن لا عداء بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي ، ووصف نضال وجهاد ومقاومة الفلسطينيين ضد أشرس غزوة استعمارية استيطانية صهيونية عنصرية استهدفتهم بالإرهاب والعنف الغير مبرر والعدوان على المدنيين الإسرائيليين العزل الأبرياء ، وأن الفلسطينيين السبب في معاناة اليهود ..!!

لكن الغريب والمخيف ، وربما المبكي في آن صمت "عقلاء فـتح " من القادة التاريخيين على الذين يسيئون للحركة ذات التاريخ الوطني المجيد ، وصاحبة التاريخ النضالي الممتد لأكثر من خمسة عقود..!

قد يقول قائل بأن حالة من الغباء المركب قد أصابت " غربان فـتح " من الصمود البطولي للمقاومة في التصدي لآلة الحرب الصهيونية ، ولكن قديمـًا قالت العرب " حينما يتعلق الأمر بمصير الأوطان .. فإن الغباء والخيانة يتساويان " . !

إن الهجمة الشرسة على حركة " حـمـاس " هذه الأيام تعيد إلى الأذهان المحاولات العديدة التي مارستها بعض القوى في السابق لتصوير الحركة على غير حقيقتها ، وهي نفس النغمة التي رددتها " جوقة " من بعض النخب السياسية والثقافية الفلسطينية والعربية الذين عميت قلوبهم وفسدت ضمائرهم في التسابق على تشويه وتسفيه تاريخ جهاد ونضال الشعب الفلسطيني، والمطالبة بتجريد الفلسطينيين من السلاح الوحيد الذي تبقى لهم ، وغضوا الطرف عن حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يرتكبها العدو الإسرائيلي ضد أبناء شعبهم . !

إنه مرض أكبر من مؤامرة . . !!

إنها عقدة نقص أكبر منها مسايرة لمناخ يرى العلاقة مع العدو طبيعية والعلاقة مع الأخ مسألة فيها نظر . . !!

لقد علمنا التاريخ أنه لا يتآمر . . ولكنه يسجل المؤامرات . . !!