'نذالة' إعلامية
تاريخ النشر : 2014-12-27 20:00

كتب حسن عصفور/ في زمن مضى كان 'الدم الفلسطيني' أغلى قيمة من أي شيء آخر، كانت تتسابق بعض 'الفضائيات' المملوكة للعرب دولا أو رجال أعمال بدعم حكومي لتكون حاضرة، تسابق كان يقربها للمشاهد أو يبعدها عنه لو لم تكن حاضرة بكل مقدراتها لتقديم الصورة قبل الكلمة لتصل للمشاهد العربي، حضور أنجح فضائيات بعد أن كانت متراجعة في مارثوان الجري وراء المشاهد، ودون الاضطرار لتناول تلك الفضائيات بالأسماء ليس احتراما لها، بل احتراما لعقلية القارئ وقدرته الخاصة على استنتاج ما يمكن استنتاجه، كان يوما ولكنه لم يعد هذا اليوم حاضرا..

قبل أكثر من 48 ساعة أقدمت دولة الاحتلال الإسرائيلي على شن حالة عدوانية متواصلة على قطاع غزة، حرب طائرات متلاحقة وعمليات قتل وتدمير، حالة من 'حرب مصغرة' تنفذها الحكومة الفاشية وطغمتها الحاكمة في تل أبيب، اغتالت قيادات من رجال المقاومة ومنهم الأمين العام للجان المقاومة 'أبو عوض النيرب' كان اغتيال شخصية أقل مركزية في صفوف المقاومة يجبر تلك الفضائيات على قطع أي برنامج لتقوم ببث مباشر للحدث، أطفال يقتلون، تدمير مؤسسات مدنية ومقار، رياح عدوانية تصل إلى سيناء حيث اغتيال عدد من جنود الجيش المصري في حدث 'فريد'، مشهد عام في قطاع غزة أجبر 'فضائيات' ليست عربية بالمال والتوجيه، لكنها أكثر مهنية وموضوعية في العمل، أن يكون الخبر الأول لها في تغطية خبر قطاع غزة بكل أفرعه، خبر القطاع هو بداية النشرات الإخبارية لمحطات يعتبرها البعض محاولة إعلامية من دول' استعمارية' لتكون حاضرة بقوة في المشهد الإعلامي، وبعيدا عن تقييم عملها وأهدافها، لكنها تدرك أن 'المهنية' يجب ألا تسقط كلية من العمل، فالخبر حسب الأهمية والتطور، وليس وفقا لرغبات ملاك الفضائيات ودولهم ومخططاتهم الخاصة..

'فضائيات عربية' سجلت 'خزيا' إعلاميا بسلوك تغطيتها، وهنا لا نتحدث عن مضمون الخبر أو مصداقيته، بل عن حدوث الخبر وأهميته، فتجاهل أخبار ما يحدث في قطاع غزة من حرب عدوانية ورد فعل فلسطيني، ليكون خبرا ملحقا لأخبار سوريا واليمن وليبيا، أي مطلوب من المشاهد العربي الانتظار إلى أن تنتهي تلك التغطيات' الخاصة جدا' والحصرية من بث صور وفيديوهات وأشرطة عبر الشبكة العنكبوتية من الأراضي السورية، الخبر الفلسطيني المباشر والحي لا يشكل حدثا هاما لتلك الفضائيات العربية، لأن صاحبها أو أصحابها لهم مهمة محددة في هذه الفترة، سوريا هي الأساس وما دونها ثانوي، تغطية تكشف أن المسألة ليست إعلامية ولا موضوعية ولا مهنية ولا يحزنون، بل أهداف ومرامي غيرها.. وذلك ليس اعتراضا على تغطية ما يحدث في سوريا ولا نقل مشاهد القمع والقتل أو الاضطهاد، فمن حق الشعب السوري أن يجد مكانه في التعبير عن نضاله من أجل الحرية والتحرر والإصلاح الديمقراطي.. لكن الحدث الأبرز والأكثر أهمية في هذه اللحظة هو الخبر الفلسطيني خاصة أحداث غزة..

التجاهل الإعلامي أو القصور الفضائي من فضائيات عربية يكشف أن فلسطين بكل تفاصيلها لا تزال عند بعض حكام العرب أصحاب تلك الفضائيات 'أداة استخدام' لا أكثر.. هل ما يحدث من تغطية إعلامية عربية  شكل من مشتقات النذالة الإعلامية أو السفالة السياسية لحكام سيأتي دورهم يوما مهما تمترسوا بجدار من الحماية الأمنية الغربية أو المالية .. وقبل فوات الآوان شكرا لمحطات من مخلفات 'الاستعمار' لمهنيتها الخبيثة والذكية ..بالمناسبة تليفزيون البلد الوطني لا يقل غيابا عن إعلام العرب..

ملاحظة: لم غاب 'التنسيق' بين رام الله وغزة في التحرك السياسي لمواجهة العدوان.. ما زال 'العار' كامنا وحاضرا..

تنويه خاص: رياح الكرامة الوطنية المصرية آخذة بالتسارع ضد غطرسة المحتل ..

 

 تاريخ : 20/8/2011م