أحلامكم تجاوزها الزمن
تاريخ النشر : 2014-12-26 11:09


كثيراً هم الذين يحلمون اليوم بعودة الزمن الى الوراء، ولكل حالم له حكاية وقصه في هذه الحياه، هناك من يحلم بالعودة الى نفوذه وقوته بعدما فقدها ليعيد أمجاده، وآخرون يحلمون بعودة الأنفاق لتتيح لهم فرصة الثراء أسرع، والبعض يحلم بنظام تعيين أهل الثقة والولاء بغض النظر عن الكفاءة، كما هناك من يحلم بإعلام يسبح بحمد الحاكم ليجول ويصول في تشويه من يعارض سياسته، وكثيرين يحلمون باستمرار الانقسام لحماية اطماعهم الشخصية ووجودهم بالصدفة في مواقع لم يتخيلوها، وأيضا هناك من يحلم بخطأ التوقيت والمكان للتعبير عن فرحة مزيفة وصرخة تقطع حبالها بين أحضان السلطة والبقاء على الكرسي مدى الحياة، بينما يكثر الحالمون المتحسرون على ما فاتهم من فرص وما وصل إليه حالهم، ويحلم آخرون بوقف الحروب وتحقيق السلام العادل، وزوال دولة اسرائيل، وسنغافورة غزة، وهناك أقلية تحلم بعودة العنجهية والتكبر والتصلب وروح الانتقام وتخطى الثوابت والقفز على قيم الحياة، وما أكثر الحالمون تباعا في عداد الموتى لمجرد أنهم موتى مع الأموات، ومع ذلك لم تنتهى الاحلام بعد !! والكثير يحلم بأن تكون هناك آلة للسفر عبر الزمن للماضي زمن الاجداد ليعود بالزمن للوراء كي يتذكر حياتهم، فالأحلام أحلامكم وكل ما عليكم فعله سوى ان تغمض هاتين العينين فقط والسفر لمناطق بعيدة من الماضي لا تخطر على بال أحد ولكن المشكلة البسيطة هي ان السفر عبر الزمن يقتصر على بعض اللحظات ربما تكون أكبر من حجمها.
وفي مجتمعاتنا العربية نحن العرب غارقون في العيش في أحلام الماضي، يجهلون تماما الاستعداد للعيش في المستقبل، احلامهم باليقظة على أمل الماضي، وهنا أعجبتني فكرة أديب سعودي عندما قال أن هناك خطأ في قواعد اللغة، كونها تقسم الزمن إلى ماضي حاضر ومستقبل، وارتأ أن هناك فقط ماضي ومستقبل ، ولا يوجد حاضر بالمعنى الحقيقي للزمن، ومع ذلك ظل العرب غارقون في ماضيهم بصفة الحاضر ، فالقادمون من الماضي ما هم إلا " مومياء " لكنها تتنفس وتتحرك لم يفكروا جديا في المستقبل، احلامهم على قدر حاجاتهم دون التطلع لمستقبل أبنائهم.
باختصار لمن يحلمون بعودة الماضي، ولمن هم على وجه الأرض، الزمن لا يعود إلى الوراء، أحلامكم تجاوزها الزمن، وانفض عنها الكثيرين من الناس، والقادم أفضل رغم كل ما واجهناه ونواجهه وسنواجهه من تحديات، احلموا ولا تنظروا للوراء، احلموا بالخير واقتلوا الشر بداخلكم، ولا تجعلوا للأحقاد أن تتملككم، بل اجعلوا المحبة والتسامح والمودة تحرككم وتدفعكم لتحقيق احلامكم، وتذكروا دوما أنه يجب أن نتخلى عن القادمون من الماضي وندعم المتطلعون للمستقبل.