لا تيأسي فلسطين( أحمد ابراهيم الحاج)
تاريخ النشر : 2013-11-20 13:07

بني لها بيتاً في القلب

ومنزلاً في العقل

شاد لها قصراً في الوجدان

نحت لها تمثالاً في صخور الذاكرة

كانت دوماً حبيبته الحاضرة

 

كانت عشقه الوحيد

يحمل همّها، يداوي جراحها

يستحضرها في فرحه و ترحه

في سهره وحلمه

يستدعيها في كل مناسبة

هي وحدها كانت الشاغلة

 

طاف بحبها الدنيا

حمله على كتفه الأيسر

أداره الى كتفه الأيمن

أرهقته الأحمال والأثقال

ألقى به على ظهره ،

ضمَّهُ الى صدره

رفعه على رأسه

لم يذق طعم الوصال معها

ما زال عشقه لها

كعشق قيسٍ لليلى

لأنها أسيرةٌ مكبّلة

 

مشى من أجلها على الأشواك

تسلل إلى خدرها من الأغوار،

تسلق الجبال والأسوار

تصبب عرقاً

جاع وعطش .. تألم

تعذّب من أجلها

نزف دمعاً ودماً

بحث عنها في كل مكان

في هديهِ الى الوصال والوصول

كانت هي السّارية.

 

وَلّى وجهه صوب أقداسها

دار كيفما إستدار وجهها

ناظرها من بعيد

زارها سراً في الأسر

قدم لها القرابين

قوافلاً من الشهداء

شدَّ من أزرها

خفف من آلامها

في بحثه وسعيه

كانت دوماً هي البوصلة.

 

دارت به الأيام والأزمان

ترجَّل الثوار والأحرار

تصَّدر العُذالُ والسُّمار

ضاقت به الأحلام

طارت به الأوهام والأرقام

غرَّه متاع الدنيا

بهرته السلطة بمفاتنها

إنفصم عقله

انقسم على نفسه

إنشطر الى نصفين

هزمته جيوش العُذال والسُّمار

نال منه الشقاق والنفاق

توارت عن ناظريْه السّارية

افتقد البوصلة

 

هجرها بالعقوق والنسيان

استلّها من الذاكرة والعقل والوجدان

تركها وحيدة بالأحزان

تغرق بحمّى الطّمس ونهمُ الإستيطان

تلك هي الكارثة المزلزلة

 

لكن أطلالها ما زالت للعيان ماثلة

في قلبه وعقله

بوجدانه وذاكرته

لم يطمسها غبار المعركة

ولا رمالُ المهزلة

إنها الحاضرة الغائبة

إنها للقلب حارقة

للعقل طارقة

للوجدان مؤرقة

للذاكرة موقظة

 

رغم العقوق والصدود والنسيان

ظلت على العهد ثابتة

على الجمر مُمسكة

صامدةٌ وصابرة

وحدها تواجه العدوان والطغيان

زادها الحق والإيمان

سلاحها الدعاءُ والصبر والسلوان

عصيّةٌ على الخذلان

عصيةٌ على العدوان والطغيان

إنها لا بدَّ يوماً عائدة

رغم العوائق والنوائب عائدة

للأحبة عائدة ، عائدة