لماذا الانتظار
تاريخ النشر : 2014-12-23 19:22

كتب حسن عصفور/ يبدو أننا سندخل نفقا جديدا تحت مسمى 'استحقاق 26 يناير'، المرتبط بالهدنة السياسية التفاوضية مع اللجنة الرباعية لتحديد موقفها من مسألتي 'الأمن والحدود'، رغم موافقة حماس وباقي فصائل العمل الوطني على تلك الهدنة العجيبة، لتأجيل إعلان حكومة توافق وطني لتنفيذ بنود غير سياسية ولا أمنية، وأن وظيفتها العامة تتركز في جوانب الإعمار والبناء وتصحيح الهيكل الوظيفي المصاب بتشويه الانقسام وأمراضه التي سيكتشف لاحقا القائمون عليها مدى كارثية الحالة في الوظيفة العمومية في قطاع غزة في مختلف قطاعاتها، والتي يتضح جليا أن مثل تلك المسائل لا تشكل عاجلا أو ملحا لمن يدير دفة الحال الوطني في 'عهد الانقسام التوافقي'، مع القبول غير المقنع وغير المنطقي لفرضية التأجيل تلك، تحت ذريعة الخوف من فرض الحصار مجددا وتطويق السلطة ماليا وسياسيا، وللحق بقليل من التفكير نجد أنها أسبابا ليست منطقية ولا مقنعة، فما يمكن أن يكون تهديدا اليوم لن يختلف الحال بعد 26 يناير..

ومن يعتقد أن هناك تغييرا جوهريا سيحدث في اليوم التالي لـ26 يناير ليس سوى واهم، أو متجاهل لحقائق سياسية بدت أكثر سطوعا من شروق الشمس، فدولة الكيان الاحتلالي بطغمتها الفاشية الحاكمة لن تقدم أي بند يمكن أن يكون قريبا أو متقاربا مع الموقف الفلسطيني أو حتى موقف أولمرت المرفوض أصلا، كيف يمكن أن تبنى استراتيجية على قاعدة 'الرهان السياسي الإيجابي' لحكومة نتنياهو بعد كل ما تقدم منها، وما بات معلوما عبر سنوات طويلة، يمكن لمن عايش رحلة نتنياهو منذ توليه رئاسة الحكومة عام 1996 وحتى تكرار تجربته يدرك أنه لا يمكن ولن يكون هناك أي حالة تقاربية في الموقفين الفلسطيني والإسرائيلي في أي مسألة من قضايا الحل النهائي، لا حدود ولا أمن ولا يحزنون، لذا لعبة استخدام الوقت قد تكون مقبولة في العلاقة مع العرب، ولكنها ليست مقبولة ولا يجب أن تستمر في سياق معالجة الكارثة الوطنية التي تعصف بالقضية الوطنية..

ومع هذا ولأن ما حدث قد حدث، يمكن البحث عن تعويض يساعد في البحث عن بدائل ومخارج لكل الاحتمالات التي يمكن أن تكون في اليوم التالي لانتهاء 'الهدنة الجديدة' وهي فترة قصيرة جدا، يمكن الاستفادة من طاقات فكرية وسياسية تملأ أرض 'بقايا الوطن' في الضفة والقطاع، بحيث تفتح 'ورشات عمل وطني' لبحث كل ما يمكن أن يكون لاحقا، مشاركة أوسع في تحديد الرؤية والاستراتيجية لمرحلة مقبلة، وتخزينها في 'ذاكرة القيادة الوطنية الجديدة'، وإدخال المشاركة النخبوية والشعبية في تكوين وصياغة ملامح 'المشروع السياسي' الفلسطيني الجديد يصبح ضرورة وطنية، ولعلها تكون مشاركة أكثر جدوى وأنفع من بقاء حالة البحث والتفكير وفي إطار فصائلي ضيق، أثبتت التجربة في السنوات الأخيرة أنه لم يقدم حلولا للخروج من الأزمات الكبرى التي عصفت بالمشروع الوطني..

التفكير في عناصر وملامح القادم السياسي للشعب الفلسطيني لا يجوز أن يبقى محتكرا في يد من كان سببا في المأساة التي تشهدها فلسطين راهنا، فالعجز طوال سنوات عن جسر الكارثة، لن يولد حلا عبقريا دون مساهمة 'النخبة الفلسطينية' المصادرة فصائليا، وهو ما يجب أن يتغير ولا يجوز استمراره خاصة بعد 'رحلة التكوين' الأخيرة في القاهرة، فجوهر ما وصلت إليه الحالة الفصائلية رسم إطار لها ترى به حضورا يساعدها للخروج من أزمتها الخاصة، كل بحساب، وموضوعيا لم يقدم سوى وعود وآمال كلها مؤجلة، بل الأخطر أنها مرتهنة لنتائج اليوم التالي لـ26 يناير، ولذا لم يعد مجديا أن تبقى حالة الحصار الفكري – السياسي رهينة لحسابات حزبية أو رهانات قصيرة الرؤية..

الانتظار لن يخدم القضية الفلسطينية والأيام قادمة .. لتفتح أبواب النقاش العام للنخبة والشعب بشكل ديمقراطي وحقيقي في الضفة والقطاع، استباقا لما سيكون ومساهمة غير حزبية علها تنتج منتجا أكثر إشراقا من 'المنتج الفصائلي' الأخير.. ومسبقا لن يحدث جديدا بعد 26 يناير.. ابحثوا عن الأنفع للشعب ولكم أيضا وسارعوا في رسم ملامح رؤية قد تساعد في إنقاذ ما يمكن إنقاذه وطنيا..

ملاحظة: لمن بقي قابضا على الجمر من أحفاد المسيح الفلسطيني عيسى بن مريم تمسكا بتراب الأرض التي أنجبته.. تحية تقدير ووفاء .. وعيد ميلاد مجيد..

تنويه خاص: آخر بدع 'الخلاف' المستورد في المغرب ملاحقة 'مسبحة' رئيس الوزراء بن كيران .. متى يكف البعض عن ملاحقة 'صغائر' الحياة..

تاريخ : 25/12/2011م