حماس وتعدد "عشاقها" يهدد سلامة قلبها
تاريخ النشر : 2014-12-22 11:50

أمد/ غزة – متابعة : خرجت كلمة الناطق باسم كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس عن مألوفها لتدخل دائرة العلاقات العامة ، وإرسال المواقف السياسية ، عندما تطرق ابو عبيدة الى ايران وقدم لها الشكر ، بشكل صريح وواضح مع مقدمة ليست عابرة وخاتمة تستحق أن تلفت انتباه كل سامع أو قاريء ، ومروره العاجل على شكر تركيا وقطر ، استفز طائفة من بني حماس ، استدعت نائب رئيس مكتبها السياسي اسماعيل هنية من الخروج بتصريح غير شعبوي ، خصصه لشكر تركيا ، وبقيت قطر الدولة العربية الأكثر دعم "مدني" لحماس على العابر من شكر الجناح المسلح ، رغم دورها الملحوظ إعلامياً وتنموياً وإسنادياً غير مرتبط بالعمل العسكري.

خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس ، خضع في الأشهر الماضية لضغوط ثقيلة ، قام بها الجناح "الفارسي" في الحركة ، خاصة المتواجد في الساحة اللبنانية وبقايا وجوه القيادة الهاربة من دمشق الى الضاحية الجنوبية اللبنانية ، وهؤلاء اشتغلوا جيداً على ضرورة كسر جبل الثلج بين الحركة وطهران ، فوافق مشعل تحت ضغوط المالية المتعسرة وشح مصادر الدعم ، وإنهاء عهد الأنفاق مع مصر ، وتشديد الحصار المفروض اسرائيلياً ، وتمنع الرئيس محمود عباس من اعطاء حماس أي دور ولو كان معنوي في معادلة الإعمار أو الحكم أو تسيير شئون قطاع غزة ، حتى من خلال حكومة رامي الحمدالله التي اصبحت لا توافقية في أدائها .

مشعل الذي يقطن في الدوحة العاصمة القطرية يعيش أياماً حرجة جداً من بعد خطاب القسام ، التي فتحت قلبها لإيران واغلقته عن الكل باستثناء ، المرور العابر للحبيبين القديمين تركيا وقطر ، الذي لم يقنع الأخرين بالمطلق ، كما انه اغاظ أصحابهما داخل الحركة ، فسارع هنية لشكر تركيا بتصريح مقتضب ، وتعجل موسى أبو مرزوق بتكذيب الرئيس السوري بشار الأسد  ، بعد تصريحاته الأخيرة حول حماس ودورها في سوريا عقب الأحداث الدموية الدائرة ، الأمر الذي بعث برسالة عاجلة الى إيران مفادها ، أن "العشق" القديم لازال في الجرار وبحسبان ، ليس كما قالت الكتائب وأبو عبيدة .

فحماس اليوم ومعالم طرقها الثلاث ( ايران – تركيا – قطر) في إشارات مرورية متعاكسة ، قد تتسبب بإصطدامات مفاجئة بأي وقت ، إذا لم يتم تشغيل الضوء الأحمر لوقف هذه الاشارات جميعهاً ووضع خطة محكمة ، للسير في الطريق الأكثر أمان، فمروان عيسى القائد الأول في القسام وخليفة ألشهيد أحمد الجعبري ، ومعه محمود الزهار ، ومكتب بيروت برمته برئاسة اسامة حمدان  وعلى بركة الذين يرون في ايران الجزيرة الأكثر قرباً من تركيا وقطر لإستمرارية التسلح ورفد العسكرتية الحمساوية بما تلزمها ، مقابل فريق خالد مشعل الذي فشل في منع زيارة الوفد الأخير لطهران ولم يكن منه غير تطعيمه بأقرب المقربين إليه والى قطر وهو محمد نصر ، الذي كان قبعة السيد في مراسم اللقاءات مع الايرانيين ، ولكن القسام لعبها بدقة ، فخرج برجالاته وعسكره وصواريخه وعتاده الكامل في مدينة غزة ، ودعا للحفل جناح قطر وتركيا ليكونوا ضيوف شرف ، ومستعمين جيدين لكلمة شكر ايران التي كانت الكلمة المركزية في العرض المسلح ، بينما جاءت كلمة خليل الحية صاحب مبدأ ، مسك العصا من المنتصف ، لتكون حشواً وكلمة ارتجالية ليس فيها جديد ، هذا الفريق الذي انسحب على استحياء من الحفل العسكري ، لتكون أمامه مهمة بالغة الصعوبة وهي التبرير للأصدقاء تركيا وقطر .

فازت إيران بالشكر الكبير ، ولكنها خضع تيارها لإمتحان حساس جداً بعد أيام فقط ، إذ قام مجهولون وفي واضحة النهار بارتداء اللثام ، ومهاجمة أكثر من نقطة عسكرية في مراكز تدريب القسام ، بمدينة رفح جنوب القطاع ، لتقوم بعدها دوريات مكثفة رجلية وراكبة بتطويق المدينة ، ورصد تحركات "المجهولين " ، تزامن هذا مع إطلاق صاروخ ، سقط في النقب جنوب دولة الكيان ، الأمر الذي فهمته اسرائيل على أنه رسالة ايران من خلال القسام ، أو كذلك بدى الأمر في الوهلة الأولى ، فقام سلاح الجو الاسرائيلي بقصف عدد من مواقع القسام ، في أول خرق فاضح لإتفاق مباديء التهدئة التي لم يصل قطارها لمحطته الأخيرة بعد .

حماس التي دخلت لعبة المحاور الاقليمية ، ولم تستمع للنصح الوطني ، تفرك اليوم قلبها على جهات متعددة ، لعلها تنجو من فشل الحبّ الذي عاشته مع سوريا .