صمت حماس على المشروع ..مشبوه..مشبوه ..مشبوه يا وطني!
تاريخ النشر : 2014-12-22 08:05

كتب حسن عصفور/ كان الكشف عن نص ما يسمى "افتراءا" بـ"مشروع فلسطيني" مقدم الى مجلس الامن تحت عنوان "إنهاء الاحتلال" مفاجأة مذهلة للشعب الفلسطيني بمختلف قواه، بما فيها أطراف داخل حركة فتح والتي يرأسها الرئيس محمود عباس، حيث بدأت تظهر للعلن أصواتا منها تعلن رفضا "مؤدبا" لما ورد به من مواد تمثل "انتكاسة وطنية"، وخاصة ما يتعلق بموضوع القدس والاستيطان وقرار 181 وغموض حدود دولة فلسطين، وتحدث البعض منهم عن مشاورات لتعديله، لأنه "لا يلبي طموحات الشعب الفلسطيني".. وهو ما كان جوهر حوار للدكتور رياض المالكي وزير خارجية حكومة  الرئيس عباس، المعترف بمصائب المشروع بطريقة "ديبلوماسية وظيفية"..

بينما غابت الأصوات في الحركة ذاتها،  والتي كانت تتصدى للدفاع عن اي خطوة تقوم بها الرئاسة ، حقا أو باطلا، واختفت مسيرات التأييد التعصبية لمثل تلك الخطوات، بعد أن انكشف الحقيقة في نص لم يعلم عنه اي فصيل بما فيها فتح، ما أدى لذلك الموقف الاشكالي في حركة فتح، وحكومة الرئيس، وحاول بعضهم البحث عن فتح "معركة جنابية أخرى" تحت عنوان الولاء لشرعية الرئيس وفتح، متجاهلين المشروع ومخاطره لأسباب فئوية....

هذه المسألة تفتح باب النقاش مجددا حول ضرورة سحب المشروع فورا، والطلب من الشقيقة الأردن ايقاف كل اجراء له صلة بذلك المشروع، قبل الحديث عن تعديل وتعزيز وتطوير لنص مثل خروجا عن النص الوطني الفلسطيني..

لكن مفاجأة المشروع لم تقتصر عما ورد به من "تعارض مع المشروع الوطني" المقر في الأطر الشرعية، وأعلنه الرئيس محمود عباس في أكثر من مناسبة، وآخرها خطابه في الجامعة العربية، وحينها أقسم أنه لن يغير حرفا واحدا منه، وهدد إما قبوله أو الذهاب لاجراءات ردعية بديلة، فلا هذا حدث ولا قسم تم احترامه..فكانت مفاجأة اخرى من مخرجات المشروع حنث بقسم وخروج عن المتفق عليه وطنيا..!

أما "أم المفاجآت"، التي يمكنها ان توازي كارثة المشروع المقدم، فكان موقف حركة حماس، التي صمتت صمتا فتح باب كل الأسئلة المشروعة وغير المشروعة، وهي التي لا تصمت عن اي إزعاج لمسارها، السياسي والأمني في قطاع غزة، او الضفة المحتلة، أو في أي مكان تراه مرتعا لها، موقف كان محل الأسئلة لكل متابع للمشهد الفلسطيني منذ الخميس الماضي حيث تم تقديم المشروع بتاريخ 18 ديسمبر 2014، ونشر اعلاميا باللغتين العربية والانجليزية، وبه وضوح لكل النقاط دون أي التباس عصي عن فهم كلمنجية الحركة، أو ساستها وقادتها الضليعين باللغتين أيضا..

موقف حماس الغائب من المشروع، وعدم تعاملها معه، لا سلبا ولا ايجابا، وضع المسألة في دائرة الملاحقة الوطنية لشبهة تحدثت عنها بعض الأوساط، عن وجود "صفقة كبرى" بين الحركة ودول أوروبية، قامت بها كل من سويسرا والنرويج، حيث يلتقي ممثليها، بشكل دوري بقيادة حماس في القطاع، وهما قناة الاتصال السياسية بين حماس والاتحاد الاوروبي، وذلك بعلم الرئاسة الفلسطينية ومخابراتها وأجهزتها الأمنية، وايضا بعلم دولة الكيان واجهزته الأمنية ايضا..

الصفقة الجديدة، التي بدأ الحديث عنها بعد مرور ايام على تقديم ونشر مشروع خرج عن "النص الوطني"، حركة حماس تجاهلت كليا التعامل أو التعقيب عليه، فيما تجد وقتا للرد على الرئيس الأسد ومصر وسلوك الأجهزة الأمنية في الضفة، والبحث عن السيطرة على الوضع الأمني الميداني بعد "رسائل نتنياهو" - بالمناسبة نقلت تلك الرسائل ايضا من خلال ذات القنوات قبل ايام -، لكنها لم تجد متسعا من "زمنها الثمين جدا"، لتقول رأيها، حتى لو أيدت "خطوة الرئيس عباس" فيما ذهب اليه، فهي بذلك تعلن رأيا في أهم قضية سياسية تسيطر على المشهد الفلسطيني والعربي الآن..

اذا اعتقدت قيادة حماس، او غالبها أن الصفقة السياسية مع الغرب، بشقيه الأوروبي أو الاميركي، يمر عبر فعل مشبوه من وراء شعب فلسطين فتكون سقطت في بئر الخيانة..وإن صمتت على أمل انتظار نتائج ما سيكون، لتقفز لجني "ثمار" فعل غيرها، تكون سقطت في "بئر الانتهازية والتسلق"، وإن صمتت بناء على نصيحة قطرية – تركية، على أمل الظهور المعتدل في مرحلة حساسة جدا، لمساعدتها لاحقا في ترتيب "مستقبل آمن"، تكون قد سقطت في "بئر العمى السياسي"و"غياب البصيرة قبل البصر"..

ودون ذلك ليخرج اي منهم ويعلن موقفا واضحا صريحا قاطعا من مشروع هاجمت حماس كل المشاريع السياسية التي كانت خيرا منه كثيرا، بل أنها رفضت الانجاز الوطني الكبير في الأمم المتحدة عندما اعترف بدولة فلسطين بقرارها 19/ 67 في نوفمبر 2012، تحت ذريعة أن عباس لم يشاورها..وكأن القضايا الوطنية تنتظر تلاعبا بكلمات..

حماس التي خطفت منجزات اوسلو، كأنت رأس حربة لدول وأطراف عربية ودولية لاجهاضه، لحسابات ليس وقت الكشف عنها، لكنها فعلت كل ما يمكنها لتدميره بالشراكة السياسية مع الليكود ونتنياهو، كل بلغته..أما اليوم فنجدها غائبة عن الكلام عن مشروع يشكل خطرا حقيقيا على القضية الوطنية ومستقبل شعب..

هل وصلت الصفقات الى هذا الانحدار..السؤال الى قيادة الحركة التي عليها النطق، والا تصبح "شريكا من الباطن" في ذلك المشروع المشبوه، وبالتالي جزءا من الفعل التدميري للقضية الوطنية الفلسطينية، وعندها لكل حساب حساب!

البعض تساءل عن موقف الجهاد الاسلامي ايضا..ادرك أنها ترفض من حيث المبدأ اي مسألة لها صلها بالمشاريع التفاوضية..رغم ذلك عليها الكلام لأن المشروع تجاوز لكل خط أحمر..

ملاحظة: الاعتراف بالحق السياسي فضيلة وطنية كبرى..وليس عيبا لمصلحة الوطن أن يعلن الرئيس عباس أنه سحب المشروع للتشاور، كما يتم سحب السفراء وقت الأزمات.."كرامة الوطن فوق كرامة الفرد" أي فرد ..أليس كذلك سيدي الرئيس!

تنويه خاص: تونس تشرق بروحها الياسمينية مشهدا سياسيا يبرق أن "الظلامية الفكرية - السياسية" في اندحار الى غير رجعة..الوطن فوق الجماعة ..يا جماعة!