الاستنكار لن يوقف الاستيطان..
تاريخ النشر : 2014-12-20 19:24

كتب حسن عصفور/ خلال أيام 'الفرحة' التي يعيشها ''أهل فلسطين'' بمناسبة صفقة شاليط وما سيكون من تحرير أسيرات وأسرى، رغم كل منغصاتها النوعية والسياسية، قامت دولة الاحتلال الإسرائيلي بالإعلان عن تسريع في وتيرة النشاط الاستيطاني – التهويدي داخل مدينة القدس الشرقية ( العربية)، حيث نشرت الدوائر المسؤولة عن البناء الاستيطاني عن التحضير لبناء ما يقارب الـ5000 وحدة استيطانية جديدة، رقم يكشف من جديد أين يسير المخطط الاحتلالي لتهويد القدس العربية، المفترض أنها العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، والمخطط الجديد ليس سوى جزء من المشروع الذي سبق الإعلان عنه مرارا من قبل حكومة ''الطغمة الفاشية الحاكمة'' في تل أبيب، ولكن تسريع وتيرته بهذا الشكل يأتي كرد عملي على الموقف الفلسطيني ' المتمرد' على الرغبة الأمريكية – الإسرائيلية بالذهاب إلى الأمم المتحدة..

قد يقول كثيرون ممن لم يعد النشاط الاستيطاني يحرك بهم إحساسا بالمسؤولية الوطنية، أن لا جديد فيما يتم فدولة الاحتلال لم تتوقف منذ زمن بعيد عن تنفيذ مخططاتها الاستيطانية، بل إن هناك من أخذ بـ'' التعايش الموضوعي'' مع هذا النشاط الذي يهدد المستقبل الوطني الفلسطيني، وهناك من لم يعد يعتبره حدثا جلجلا، بل قد لا يقرأ غالبية الناس الأخبار التي تتعلق بالاستيطان، وكأن آلة المحتل تمكنت من النجاح بتحويل القضية الاستيطانية – التهويدية إلى أخبار متلاحقة لا تثير الرهبة لدى ''أهل فلسطين''، وأصبحت تلك الأخبار ليست سوى نشر لخبر قد لا يدوم لدقائق، ومن هنا تبدأ الخطورة الأكبر للنشاط الاستيطاني، أن يصبح ''فعلا معتادا'' لا يثر ولا يحرك الإحساس الذي يجب أن يكون تصديا ومواجهة..

وربما لو عاد البعض لمتابعة الخبر الفلسطيني سيجد أن الخبر المسيطر كليا على المشهد دون منازع، صفقة شاليط بما لها وعليها، فحماس تريد أن تفرضها بشتى السبل أنها الصفقة التي لا مثيل لها بل وهي إنجاز تاريخي غير مسبوق، حملة لا تكشف جديدا عن طريقة حماس وتكوينها الأيدولوجي في اعتبار التاريخ يبدأ منهم وعندهم، سلوك لا جديد به، رغم أن ما بداخل الصفقة يثير كثيرا من التساؤلات أيضا، فالاكتفاء بالفرح وحده ليس منصفا، فإقرار مبدأ الإبعاد لخارج الوطن وداخله في الظروف الراهنة تكريس خطير لطبيعة 'الهوية الوطنية'، بينما تنشغل السلطة وقادتها في كيفية الحصول على 'الصوت المفقود' لطلب عضوية دولة فلسطين في مجلس الأمن، وكأننا نشهد امتحانا تكميليا لما بدأ أنه نجاح تاريخي، لكنه  الحسابات السياسية الخاطئة لمن مع فلسطين ومن ليس معها في الذهاب لمجلس الأمن أفقد الخطوة بريقها سريعا، ولذا فكل من حماس والسلطة حسابتهما في هذه الأيام ذات بعد لا يقيم لخطر الحملة الاستيطانية – التهويدية وزنا يستحقه، واكتفت السلطة ببيان على لسان د. عريقات يستنكر المخطط الجديد، وكالعادة طالب الرباعية بالعمل على وقف هذا المخطط..

المأساة السياسية التي تتكرس في علاج هذه القضية الخطرة جدا، أن العقلية السائدة استبدلت الاستعداد الداخلي الفلسطيني لمواجهة هذا المخطط بمناشدة الخارج العمل على وقفه، مبدأ يشكل انقلابا في كيفية التعاطي مع مخطط يهدد أي قدرة لبناء دولة مستقلة، فيما لو تواصلت وتيرة النشاط الاستيطاني بذات النسق، تناسى أصحاب المسؤولية القيادية أن المواجهة تبدأ بموقف وطني يختلف كلية عن تلك البيانات التي أصاب المواطن الفلسطيني بملل ورتابة ربما تفقده أي حماسة للتصدي لذاك الخطر، تكرار وتكرار لذات النصوص الكلامية، وكأنها تؤدي دورا مساعدا لإبعاد الشعب الفلسطيني عن كيفية تطوير أداته الشعبية في المواجهة للاستيطان والتهويد..

الفعل الحقيقي لفرض معادلة قوة جديد في التعاطي مع الاستيطان والتهويد بالبدء في تحريك عملي وجدي للقوة الشعبية الفلسطينية المكبلة والتي أصبح بعضها وكأنه مخصص فقط للمسيرات الاحتفالية والاستقبالات الخاصة.. المخطط الجديد لن يواجه بتصريح استنكاري ممل جدا، بل بموقف وقرار في نقل صيغة التعامل الرسمي كي يكون للشعب الفلسطيني قول يجبر المحتل والآخرين على احترام الإرادة الشعبية، ولم يعد هناك كثير من 'العقلانية والحكمة' في التعاطي مع هذا المخطط الخطير.. أزف الوقت لتدرك القيادة الفلسطينية أن المشهد دخل في منطقة حرجة جدا، وعليها وقبل الآخرين مسؤولية إدارة معركة مواجهة الاستيطان كما تدير معركة عضوية الدولة وكي يدرك الجميع جدية القرار والموقف..

الاستيطان والتهويد يستحق الآن موقفا مختلفا عن الاستنكارات والتي قد تصبح مستنكرة من الناس لو احتفظت برتابتها دون تطوير..

ملاحظة: كتاب إسرائيلي جديد يكشف حقيقة رفض براك للسلام قد يكون بوابة إنصاف الرمز الخالد ياسر عرفات ويكشف أن براك كان العقبة أمام السلام..

تنويه خاص: سؤال لم يجب عنه بعد: لماذا تم تأجيل الدفعة الثانية من صفقة شاليط لإطلاق سراح 550 أسيرا إلى ما بعد 'شهرين'.. ما هي الحكمة التاريخية - الجهادية في ذلك.. هل من جواب..

تاريخ : 15/10/2011م