أرق الرئيس..و'السور الواقي'!!
تاريخ النشر : 2014-12-20 18:43

كتب حسن عصفور/ للمرة الثانية خلال أقل من شهر ينجح الشباب المصري في إنزال علم الدولة الاحتلالية، شباب سبق له أن نجح في كسر 'قاعدة الخوف المطلق'، تابع العالم من أقصاه لأقصاه  طوال ليلة أمس وحتى ساعات فجر الصباح ذلك المشهد الذي لا سابقة له، ابتكار شبابي مصري، سيضاف إلى سلسلة الابتكارات التي اخترعها 'شباب التغيير الثوري'، ولحسن حظهم وحظ الأمة أن 'لصوص الثورات' لم يحضروا، كي لا يسرقوا ذلك المشهد الابتكاري في 'المقاومة الشعبية' التي بدأت تخط مسارها ساعات ذاك اليوم التاريخي في 25 يناير، عندما أجبروا أعتى رئيس عربي على الذهاب من القصر إلى القفص، روح مصرية لن تجدها سوى في تلك البلاد..

مشهد تسلق بضعة شباب أسوار 'العمارة'  صعدوا إلى الدور الذي تقطنه تلك 'السفارة' حتى تمكن أحد فتية 'النصر المبين' أن يمسك بالعلم المستفز، ويخلعه ليحتفظ به، هستيريا من التصفيق نالت آلاف من شباب وجمع كانت عيونهم وقلوبهم تكاد تنخلع من رهبة حركة التسلق الرهيبة، وملايين خلف شاشات التليفزيون التي كانت تنقل الحدث، رغم قلتها جدا هذه المرة، غالبية القنوات صمتت عن متابعة مسيرة 'تصحيح المسار' قاطعتها تقريبا كما قاطعتها قوى تريد أن تفرض ما تريد بكل السبل، راهنت تلك القنوات أن المسيرة لن تكون سوى رقم هزيل يبرز قوة ظلامية خفية تتلاعب بمصير مصر وثورتها، ولكن كان هناك من لم يجد له سوى تغطية خاصة بعد التحول الدراماتيكي بذهاب آلاف من المتظاهرين إلى حيث السفارة المكروهة جدا، وكان المشهد الذي لن ينساه أحد، بل إنه سيفرض جديدا على المشهد السياسي العام..

 مشهد أجبر الرئيس الأمريكي المشغول جدا بهاجس أحداث 11 سبتمبر ذكرى أو 'مخاوف تكرار'، رئيس يحمل هموما لا سابق لها يبحث كيفية تسوية 'الأزمة الاقتصادية'لبلاده مع الحزب المعارض دون جدوى، رئيس يفكر في كيفية البحث عن مسار ترشح جديد وسط كومة من الفشل المتلاحق خاصة في الشأن الداخلي، وبعد مأساة انهيار مكانة اقتصادية عالمية بعد أن تعرضت سمعة الدولة الحاكمة للعالم إلى تدني غير مسبوق في مكانتها الائتمانية وهبطت عن التصنيف الدائم (AAA+)، وما ينتظرها من فضائح أكثر  وحلفها الناتو فوق أرض الصحراء الليبية، رئيس يصاب بصداع غير متقطع من القرار الفلسطيني بتحدي الموقف الأمريكي والذهاب إلى الأمم المتحدة، ليس خوفا من القرار الدولي بذاته كما يعتقد الكثيرون بل انتقاما لسياسة وموقف يبدو أنه تحد للسيد وقراره، هموم لا حصر لها لرئيس الدولة التي لم تعد تنام هلعا على مصالحها، ووسط كل هذه الكوارث والمشاكل والهموم، يجد رئيس أمريكا وقتا ليتابع 'حركة إنزال علم دولة الاحتلال' ، يا له من حدث جلل أن يكسر جدول أعمال الجميع، جمعة ويوم لن تنساه الأمة، 9 سبتمبر سيكون علامة فارقة لدولة المحتل وسيدها الأكبر أمريكا ورئيسها المخادع، ودرس للشعوب العربية أن هناك جديدا يحدث لن يكسره أو يهزمه أحد، حتى لو تآمر البعض بأسماء وشعارات كاذبة وخادعة، روح جديدة تدب في أوصال شباب مصر، لن تبقى أسيرة حدود أرض الكنانة..

مشهد تحطيم 'السور الواقي' حول السفارة المكروهة جاء ردا أبلغ بما لا يقاس بقرار ديبلوماسي تركي بطرد السفير وتخفيض مستوى العلاقات مع الدولة الاحتلالية، القرار الشعبي المصري 9-10 سبتمبر أكثر حضورا في الوجدان والذاكرة الشعبية، به من الدلالات ما يفوق كثيرا وبما لايقاس بأي قرار سياسي فوقي، فدائما رسالة الشعوب أكثر تعبيرا من رسالة الحكام، وهو السبب الذي دفع رئيس أمريكا أن يذهب ليشاهد أمام محطات التفلزة الأميركية ذاك المشهد وينطق قولا يكشف مدى قيمة الفعل الشبابي المصري طالبا 'حماية السفارة'، بينما لم ينطق بحرف عن 'الفعل التركي'، أوباما يدرك مدى وقيمة االفرق بين فعل وفعل.. ولذا سارع بمهاتفة رئيس وزراء دولة الاحتلال.. سلوك وحده يغني عن التحليل ' الأكاديمي – القانوني' الذي سيتعامل مع ما حدث ضمن 'كليشيهات المتبع'، سلوك فشباب مصر الغاضب انتقم بما فعل لكرامة وطن وأمة..

ملاحظة: خيرا فعلت بعض وسائل الإعلام بهروبها من تغطية مسيرة 'تصحيح المسار' المصرية .. لتؤكد المقولة التي باتت تشتهر بها : محطات 'أن تكذب أكثر'..

تنويه خاص: هل يكون  تواجد الرئيس عباس في القاهرة لعدة أيام فرصة كي يلتقي وخالد مشعل.. لقاء قد ينوب عن المصالحة التي لم تحقق والخوف أنها لن تحقق وفقا لما يحدث سلوكا..

تاريخ : 10/9/2011م