مصر حذرتهم فلم يسمعوها!
تاريخ النشر : 2014-12-17 09:29

هكذا تحقق ما حذرت مصر منه مرارا وتكرارا طوال السنوات الماضية. قالت لهم مصر فلم يسمعوها،

واستمروا يلعبون بالنار. قالت لهم مصر: سوف يصل الإرهاب الأسود إلي قلوبكم، وإلي عقر داركم.. فلم ينصتوا.. وظلوا يتغافلون معتقدين أن الإرهاب سيبقي مقصورا علي الشرق العربي.. فإذا بالإرهاب يمتد وينتشر ويتشعب ليصل إلي أقصي الأرض.. إلي استراليا!

إن ما جري في سيدني قبل ساعات، وحبس أنفاس الدنيا، يدق ألف جرس إنذار، ويستدعي إلي الذاكرة تحذيرات مصر للغرب كله، بأن الإرهاب لا دين له، ولا وطن، وإنما هو وباء، إن سمحنا له بالانتشار في منطقة فسوف يمتد كالعدوي الخبيثة إلي الجميع. وطالبتهم مصر بوضع أيديهم في يدها، والبدء في تصميم استراتيجية كونية شاملة للمواجهة، لكنهم تعمدوا الغفلة، وتحججوا بأن الإرهاب آفة تقتصر علي المسلمين فقط.. وها قد ثبت لهم بالدليل القاطع أن الإرهاب لا علاقة له بالإسلام أو بأي دين آخر، وأن الذين صنعوا السحر منذ البداية سوف ينقلب السحر عليهم.

ولعل الملاحظة الجديرة بالاهتمام هنا، أن مرتكب اعتداء مقهي سيدني، الذي احتجز 17 رهينة، وانتهت العملية بمصرع الإرهابي ومعه ثلاثة أرواح بريئة، لم يكن عربيا، بل إيرانيا.. وهو ما يثير علامات استفهام عديدة!

لقد طالب القاتل الأثيم بتزويده بأعلام القاعدة وداعش.. وهنا يكون السؤال: فمن ذا الذي صنع القاعدة وداعش.

وقد يكون من المفيد العودة إلي ما فعلته أجهزة المخابرات الغربية والأمريكية في أثناء حرب أفغانستان. إنهم أطلقوا المارد المحبوس معتقدين أنهم قادرون علي التحكم فيه إلي الأبد. وها هو يخرج من السيطرة، ويوجه سمومه إليهم هم!

كانت مصر أول من اكتشف مدي ما يمكن أن يلحقه الإرهاب من دمار وقتل وتخريب، ونبهتهم، فصموا آذانهم.. واليوم آن الأوان ليعيدوا حساباتهم من جديد، ويبحثوا عن الجاني الحقيقي، الذي مد الإرهابيين بالمال والسلاح والغطاء الإعلامي. عليهم أن يفهموا أن ما يجري من الإرهابيين في شوارع المدن المصرية، وفي سيناء، ومرسي مطروح، والواحات، ليس منفصلا عما سبق أن جري في نيويورك ولندن، وما يجري الآن في سيدني. الإرهاب واحد.. وما لم يسارعوا إلي الجلوس مع مصر، وبحث الأمر بعيدا عن المصالح الضيقة والتصورات المغلوطة، فلن ينجو منهم أحد. وعليهم أن يعيدوا قراءة الدين الإسلامي قراءة صحيحة، لأن هذا الذي يرتكبه المجرمون في كل مكان ليس من الإسلام في شيء.

يا سادة، إن مصر اكتوت، وما زالت تعاني الإرهاب المتلفح بعباءة الدين.. ومطلوب الآن بأقصي سرعة الاستفادة من خبرتها في مكافحة هذا الطاعون، أما إذا استمر الغرب في خلط الأوراق، ودفن الرءوس في الرمال، فإن ما جري في سيدني سوف يجري قريبا في عواصم غربية أخري.. فخذوا حذركم!