مصالحة الباب الدوار..
تاريخ النشر : 2014-12-16 21:05

كتب حسن عصفور / مجددا عاد ' سوق الكلام' عن المصالحة الوطنية الفلسطينية التي طال انتظارها ، وتأخرت لأسباب لا يمكن لعاقل أن يعتبرها مشروعة ، سوى درجة ' التعصب الفئوي' و' المصالح المتشابكة' ، ومع وجود ألف سبب وطني واجتماعي لوضع 'ختم التوقيع الحمساوي' على الورقة المصرية ،  لكنها لا تزال كما هي منذ أن قامت فتح بالتوقيع في شهر أكتوبر الماضي ، أي قبل ما يزيد على 7 أشهر ، متحدية في حينه الرغبة الأمريكية برفض التوقيع حيث لا مصلحة لواشنطن وتل أبيب لإنجاز المصالحة الوطنية ، ما دامت تؤدي غرضها من تسهيل الموقف السياسي الإسرائيلي ..

ورغم التطورات السياسية – الاقتصادية الضاغطة على 'عنصري الأزمة' فما زلنا نعيش ذات المشهد العام من تبادل لاتهامات تحمل كلا من الأخر مسؤولية عدم المصالحة ، والغريب المثير للدهشة ما ورد مؤخرا في كلمة د. الزهار حيث خاطب مؤتمرا في الضفة الغربية من روايات لا تستقيم مع مقدمة حثية وجوهره أن هناك جديدا يتم البحث فيه لإتمام المصالحة ، والرواية' الزهارية' لما تم ويتم من أحداث وكيفية تفسيرها لا يشكل عنصرا فاعلا لما يخدم فكرة البحث الجديد ، بل إن د. الزهار دخل في مساحة تجاوزت المنطق السياسي بما تحدث به عن وضع حركة فتح الداخلي ، وما لحق بها من تطور سياسي وتنظيمي تجاوز بحديثه خطوطا حمراء في العلاقات الوطنية ..

وحديث د. الزهار ( وهو من أكثر عناصر حماس حتى الآن تحمسا للتوقيع على الورقة المصرية لأسباب مختلفة) عن فتح يشكل تجاوزا غير مقبول في سياق حديثه ذاته ، في نفس الخطاب عن ' المصالحة المرتقبة ' و' الأفكار الجديدة ' قيد الدراسة، لأن الكلام ببساطة يشكل تناقضا سياسيا واضحا من حيث وصفه هذه القيادة بتلك الأوصاف وهو من المفترض أن يحاورها ولو سارت الأمور سيرا طبيعيا يمكن أن يحدث اتفاق وتوقيع ورقة المصالحة ، ولعلها تنتج حكومة وحدة وطنية جديدة .. إلى غير ذلك من نتائج سياسية ، وهو ما لا يمكن أن يكون منسجما لا قولا ولا تطبيقا مع مجمل ما جاء في كلمة د. الزهار التي كان له فرصة نادرة بتقديم ' روح حماس' جديدة وحدوية بعيدة عن ما لصق بها جراء تراجعها عن توقيع ورقة المصالحة في حينه بعد أن اتفقت مع مصر ، وما صدر بحقها أن تستجيب لارتباطات ومصالح إقليمية لا تستقيم والمصلحة الوطنية العليا ، فرصة د. الزهار كانت كبيرة لفتح ملف روح تختلف عن تلك الروح الانقسامية التي سيطرت على المشهد العام ..

ولعل اعتراف د. الزهار بأن أخطر نتائج الانقسام هو ذلك الانعكاس الاجتماعي له ، وقد أصاب قولا بأن أثره أعمق من السياسي ، لكنه لم يواكب قوله هذا بفعل كلامي على الأقل ، بل مارس تناقضا غريبا في الهجوم والرواية السياسية لا توازي الفعل ' الإيجابي' المتوقع ،خاصة بعد تكرارا اللقاءات والفعاليات المشتركة بين فتح وحماس مع مختلف القوى الفلسطينية ، وما يحدث من مخاطر تحيط بطرفي ' الأزمة' وبالتالي المشروع الوطني برمته ..

خطاب د. الزهار عن المصالحة يذكرنا بسياسة ' الباب الدوار ' الإسرائيلي في التعامل مع قضية إطلاق سراح مئات المعتقلين ثم ترد في الأيام التالية باعتقال العشرات ، كما تفعل في مختلف سياستها الأمنية الاحتلالية.. ورغم ما جاء في الخطاب فلا يوجد فرصة لحماس غير أن تحضر للتوقيع على الورقة المصرية ، وأزمتها تشتد يوما بعد آخر، ليس ماليا فحسب بل سياسية أيضا ، وهو ما يحتاج من قيادتها خاصة 'قيادة الداخل – الضفة وقطاع غزة' أن تبادر لقطع الطريق على 'مضيعة الوقت التي تستفيد منها أمريكا وإسرائيل تحضيرا لفعل إقليمي كبير ، قد تدفع حماس بعض مستحقاته السياسية إن لم تنتبه لمخاطره مبكرا ..

ملاحظة: كثرت أحاديث مسؤولي السلطة الوطنية حول الخروقات ، وهو فعل خير ولكن هل يمكنه أن يرتبط بفعل شعبي ما .. عل واشنطن تسمعه أفضل ..

تنويه خاص : هناك صحوة عربية حول 'احتلال بلاد فارس ' للجزر الإماراتية الثلاث ، ليتهم يتذكرون أيضا أخوتنا العرب في تلك البلاد.

التاريخ : 12/5/2010