لجنة التحقيق .. حقيقة أم حكاية
تاريخ النشر : 2014-12-16 20:24

 كتب حسن عصفور / بعد مرور أيام عدة على ' مسلسل شبانة' وما حدث له وعليه من كلام احتل صدارة الأحداث بجدارة ربما وازت كشف شرطة دبي تفاصيل جريمة اغتيال محمود المبحوح ومشاركة فلسطينين بها ، وإشارة قائد شرطة دبي لاختراق في الدائرة الأمنية للشهيد المبحوح قبل انطلاقه إلى ساعة الاغتيال ، ذاك المسلسل ولكونه 'فضائحي' تمكن من الصمود للأسبوع الثاني على شاشة العرض الإعلامي ، خاصة كل من وجد به نافذة للطعن بشرعية 'الشرعية الفلسطينية' ، والتي أصابها ارتباك بلا داع أو سبب ، كون ما حدث ليس قاصرا على السلطة زمانا ومكانا ..

فمثلا حماس ودوائرها تعيش حالات من ' الفساد' الخاص وهناك لجان خاصة يتم تشكيلها لمسائلة البعض منهم ، بل تصل أحيانا إلى درجة التصفية أو محاولاتها منذ وصولهم إلى معرفة ' مغانم السلطة ' ولعل محاولة تصفية عاصف كحيل أحد قادة القسام في قطاع غزة ، بالتسميم ، وكذا محاولة تصفية السيد عيسى النشار أحد قيادات حماس السياسية و'رئيس بلدية رفح' المعين من قبلها بعد الانقلاب ، وكلام عن استجواب د. أحمد يوسف حول تمويل مؤسسة يديرها ، إلى جانب ما يتم تداوله في القطاع عن عشرات الأسماء الأخرى ، طبعا وقبلها ما حدث من حماس تجاه أكبر عملية نصب مالي على عشرات من المواطنين فيما عرف آنذاك بـ'تشغيل الأموال' ، مترافقة مع توزيع ' عوائد الأنفاق ' .. كثير هو الكلام عن حالات فساد تدور هناك .. لكنه لا يتم تصويره ولا نشره ..

'ارتباك الشرعية' في مسألة ' المسلسل ' يثير الحيرة فعلا ، ليس فقط في ارتباك روايتها لما حدث ، ومحاولة الاختباء خلف شماعة' الاحتلال وعملائه' وكأن الشخص ليس عاملا رفيعا في مؤسسة وطنية ويستلم راتبه منذ تصويره الشريط قبل عام ونصف ، وتم في حينه تغيير قائد الجهاز الأمني بآخر ، دون المساس بصاحب ' الشريط' ، ولأن الارتباك لا يتوقف عند جملة أو لحظة فعل خاص ، تم الطلب من ' المتهم' بالتوقف عن العمل فيما تم الإعلان عن تشكيل ' لجنة فتحاوية' ( رغم أن الأصل أن تكون لجنة وطنية وليس حزبية ) برئاسة السيد أبوماهر غنيم وعضوية آخرون من فتح ..

وبلا مقدمات خرج صاحب ' المسلسل ' يهدد أن أحد أعضاء اللجنة ( عزام الأحمد) يجب ألا يكون بها ، وإلا سينشر وثائق تدين عزام وغيره ، دون أن يقدم شيئا غير الكلام ، ومع ذلك أخرجت الأنباء خبرا عن تشكيل لجنة جديدة ، برئاسة عضو اللجنة التنفيذية صالح رأفت دون أن يشار إلى عضوية الأحمد بها ما يعني الاستجابة للتهديد ، و'تصديقا ' لرواية الرجل قبل أن تبدأ اللجنة عملها ، وفجأة يخرج علينا السيد رفيق النتشة ليعلن أنه لا تغيير في تشكيل اللجنة الأولى وأنها لا تزال برئاسة أبو ماهر غنيم ، تصريح يؤكد مجددا 'تخبطا' قد لا يكون له مكان سوى فوق هذه 'الأرض المقدسة'..

والسؤال ، هل حقا يراد تشكيل لجنة تحقيق فيما حدث وما تم معرفته على الأقل علنا ، بأمل معرفة ما لم يتم نشره ، وإن كان الجواب بنعم ، هل هذا الذي يتم سيعطي مصداقية لأي تقرير أو حكم سيصدر عن اللجنة مهما كان صدقيتها ، ألا يدرك البعض أن مثل هذه المسائل ' الشكلية' في واقع كالذي نعيش ستصبح مظاهر تنفير شعبي من أي قول أو قرار .. ولما هذا التنافر في المعلومات بين يوم وآخر .. ولما يصر البعض أن تكون لجنة فتحاوية ، علما بأن صاحب المسلسل موظف عام وقام بما قام به وهو موظف في جهاز عام وليس جهازا فتحاويا ، مهما كان عدد منتسبي فتح داخله ، قيادة وضباطا وجنودا ، كما أن المتهم ذاته موظف في مكتب رئيس الدولة والمنظمة والسلطة قبل أن يكون رئيسا لفتح ..

المصداقية عملية متكاملة ومهم جدا أن لا يتم خدشها بقضايا إجرائية شكلية ، ربما تؤدي إلى خسارة القضية ، كما يقول عادة المحامون في البحث عن أي ثغرات في قضاياهم .. يجب حسم المسألة بوضوح شديد : من هي اللجنة ومن هم أعضاؤها وما هي مهامها ومدة التحقيق المقترحة ، وأن لا يقتصر الأمر على رؤية ' الصورة العارية ' بل يذهب إلى الأخطر في المسلسل إياه ربما نصل يوما إلى إدراك معنى حماية أمن الوطن والمواطن .. كما ندرك أن الرمز الخالد أبو عمار ورئيس السلطة أبومازن ليسا مجالا للتندر لحظة ' سرحان ' فهذه بذاتها جريمة  ...

ملاحظة : في رواية اغتيال المبحوح ، حماس قدمت بعض روايتها المتهمة للشرعية الفلسطينية ، فلما لا تقدم السلطة روايتها الفعلية .. فالتأخير الآن 'شبهة' ..

تنويه خاص : نائب وزير خارجية إسرائيل ، الذي سبق له إهانة السفير تركي ، رفض استقبال أعضاء كونغرس أمريكان .. وقاحة حلوة .. لكن يا ترى هل يجرؤ أحد في بلاد العرب فعل ذلك مع سباق القبل هذه الأيام مع وفود أمريكا..

التاريخ : 18/2/2010