'كامب ديفيد' والافتراء الأمريكي على أبو عمار
تاريخ النشر : 2014-12-16 20:22

 كتب حسن عصفور / كما اليوم من عشر سنوات بالتمام والكمال ، انتهت القمة التي أرادها إيهود براك رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي في حينه ، بتشجيع من بعض ' يهود الوفد الأمريكي' ، انتهت القمة دون أن تحقق الرغبة الخاصة للرئيس الأمريكي آنذاك بيل كلينتون لتحقيق ' اختراق ' جوهري في مسار التفاوض حول قضايا ' الحل النهائي' بين الطرفين ، كما أوحى له من نصب ' كمينا سياسيا' للهروب من ما يحدث فعليا على طاولة المفاوضات بين وفدين فلسطيني وإسرائيلي ..

ومنذ انتهاء قمة ' الكامب' تلك ورغم مرور عشر سنوات وحدوث تغييرات جوهرية أدت إلى تدمير ' البنية الأساسية' لأي عملية سلام حقيقي ، وإنهاء فرص الوصول إلى تسوية نهائية وتحقيق ' مصالحة تاريخية' بين الطرفين كما قيل في حينه ، إلا أن هناك من يريد لوي عنق الحقيقة بنشر مجموعة من الوقائع المزورة أو تشويه بعض ما جرى هناك من مواقف وآراء ، خاصة الموقف الفلسطيني وتحديدا موقف الشهيد الرمز أبو عمار ، وكأنها عملية تصفية حساب من قائد رسم إطلالة الثورة المعاصرة وأعاد للهوية الوطنية الفلسطينية وكيانيتها الحضور المفروض والمتصادم مع المشروع الصهيوني ..

ما تم نشره سابقا من أقاويل ومواقف ، خاصة لدينس روس ، الذي اشتهر بإيمانه الراسخ بضرورة الخلاص من ياسر عرفات ومنظمة التحرير بأي ' بديل' سياسي ، كانت هي صلب المعركة التي تم تصميمها قبل الانتهاء من قمة ' الكامب ' ، وكل من شارك فلسطينيا في هذه المفاوضات بعيدا عن مواقف شخصية لهذا أو ذاك أدرك ولمس أن هناك ما يتم تحضيره لـ' حرب سياسية ' طاحنة ضد الموقف الفلسطيني ما لم يقبل بما يملى عليه من مواقف تفاوضية ، خاصة قضية (القدس والحرم القدسي الشريف ) والأماكن المقدسة وسبل البحث عن : تقسيمها' وفقا لهوى إسرائيلي ..

وما زال البعض يهوديا ، أمريكا أو إسرائيليا أو حتى بعض عرب يتحدثون بكلام ' ممانع' لكنهم يتبنون الرواية الصهيونية لما حدث هناك ، لحسابات تصفية مواقف من الخالد أبو عمار ، يتحدثون عن ' رفض' فلسطيني لمشروع تسوية كان يمكن أن يجسر الهوة بين الطرفين ، وأن الوفد الفلسطيني خاصة الرئيس الشهيد رفض ما تم عرضه من ' مشروع كامل ' ولذا لم يعد صالحا ليكون 'شريكا' في العملية السياسية' .. في حين يواصل البعض ' اليهودي' بجنسياتهم المختلفة  الحديث عن التحضير والذهاب مساوين بين الطرفين  فيها ، متجاهلين حقائق كانت أكثر نصاعا من شمس يوليو- تموز الراهن والسابق ..

بداية لابد من التأكيد وضمن المعرفة الشخصية المباشرة بحكم مشاركتي في الوفد آنذاك ، أن واشنطن لم تتقدم مطلقا بأي مشروع سياسي متكامل كإطار لقضايا ' الحل النهائي ' في 'كامب ديفيد' كي يقال إن الطرف الفلسطيني قال له ( لا) رغم حقه المطلق بقولها لو كان بها ما يتنافى ورؤيته الوطنية ، لكن الكذب المتواصل لإخفاء التآمر المشترك الأمريكي – الإسرائيلي في قمة ' الكامب' ما يؤدي بضرورة توضيح هذه المسألة ، فأمريكا كانت تتقدم وبعد ' تشاور مسبق ومطلق' مع الوفد الإسرائيلي بأفكار غير مكتملة الأركان ، ولا ترتبط برابط بين قضية وأخرى وكأنهم يفاوضون بنظرية ' قضية قضية' المشتقة من النظرية الكيسنجرية 'الخطوة خطوة ' ، وشكلت قضية القدس ' جوهر المعركة التفاوضية ' هناك حينما أراد الطرف الأمريكي أن يفرض على الرئيس عرفات الموقف الإسرائيلي للاعتراف بـ'الرواية اليهودية' فيما يخص مدينة القدس والأماكن المقدسة ، وهو ما اعتبره الخالد الرمز مسا جوهريا بلب القضية المقدسة للمسلمين والمسيحيين وقالها صريحة وواضحة ودون أي ' تأتأة' أو ' تلعثم' ( لا ) وهو يدرك أن القضية لم تعد مسألة تفاوضية فحسب ، بل بوعي القائد التاريخي أدرك أبعاد المخطط التهويدي للمدينة المقدسة وما يتم التحضير له للمسجد القدسي الشريف تحضيرا لتدميره وبناء ' هيكل سليمان ' مكانه .. موقف أدركه الرئيس الشهيد وكان يعلم نتائجه الكلية ، ولكنه قالها كما يجب أن تكون .. فلذا كان الرفض ليس لمشروع تفاوضي أصلا لم يكن موجودا .. ولكنه كان لموقف محدد تجاه قضية هي اليوم تشكل أبرز أركان المعركة الوطنية ، رغم بهتان حالة المواجهة ..

وانتهت القمة الفخ دون أن ينجحوا في نصب الشرك لياسر عرفات ، ولكنهم اتجهوا لتنفيذ مخططهم ' البديل' ، العمل لتصفية السلطة ورئيسها 'حربا' بعد فشل تصفيتها ' تفاوضا' ، فكانت حرب التصفية التي اندلعت شرارتها بإقتحام شارون ساحة الحرم القدسي الشريف ، وما حدث لاحقا معها من تطورات لم تعد سرا على من يتابع سير الأحداث ..

محاولة التشويه والافتراء والكذب على موقف الرئيس الخالد واعتباره لم يكن ' شريكا في السلام' كان عنوان مرحلة الخلاص من أثقال ' اتفاقية أوسلو' التي أربكت الحركة الصهيونية ومشروعها العدواني .. هناك كثير مازال يمكن قوله ، ينتظر الوقت لتبيانه في صراع ' الحق' و' الضلال' مع المعادين للمشروع الوطني الفلسطيني بمختلف تلاوينهم السياسية والفكرية وهوياتهم المتباينة شرقا وغربا ..

ملاحظة : هل يتمسك صاحب القرار الفلسطيني بالموقف المعلن اليوم حتى نهايته ، والتي قد تكون ' مواجهة شعبية' شاملة مع المحتل وحليفه .. تمني يحتاج ' اصطفافا وطنيا' دون حسابات حزبية ضيقة..

التاريخ : 15/7/2010