كوري و"القرصنة الهادئة"
تاريخ النشر : 2014-12-16 20:20

 كتب حسن عصفور / أنهت القوات البحرية لدولة الاحتلال الإسرائيلي ' قرصنتها' الخاصة بخطف السفينة التضامنية الإيرلندية المفترض أنها كانت ذاهبة لقطاع غزة ، وجاءت نهاية عملية القرصنة كما أرادت حكومة التطرف اليميني الحاكم في تل أبيب ، وبذلك تكون دولة الاحتلال منعت كل ما كان يجب أن يذهب إلى القطاع بحرا بالقوة العسكرية المباشرة..

لكن نهاية السفينة التي حملت اسم الشهيدة الأمريكية التي أصرت الموت تحت جنازير جرافة احتلالية على رؤيتها لمنزل فلسطيني يهدم ، أمام ناظرها ، وهي القادمة من بلاد ترعى إسرائيل رعاية شاملة وكاملة ، جاءت نهاية السفينة كوري ليس كما نهاية ' مرمرة ' وأخواتها من قوارب وسفن تضامنية ، شكلا وحركة ودموية ، ولكنها ذات النهاية في البعد والمضمون السياسي ، ومع ذلك مرت نهاية كوري بغير ما مرت عليه ' مرمرة وأخواتها' وهو لغز محير حقا سواء في الإعلام العام أو حركة الخطابات والمهرجانات التضامنية التي ملأت بقاع دول عدة ، كرد لما حدث مع ' مرمرة وأخواتها ' ، وهنا العودة لما سبق قوله ، وكأن الدم وحده دون غيره ما يحرك الناس ، وليس البعد الإنساني لما هي عليه غزة من حصار ودمار ، وربما ما كان للعالم أن يتحرك كما تحرك لولا دماء 9 سقطوا قتلى برصاص إسرائيلي ، لأن جريمة ' القرصنة' ضد كوري هي ذاتها ما كان لمن سبق من سفن تضامنية ..

والسؤال المثير جدا ، هل يجب انتظار رائحة الدم الإنساني وارتكاب كثير من جرائم القتل كي يتحرك العالم للحديث عن مأساة يعيشها ما يقارب مليون ونصف المليون إنسان دون ذنب سوى أنهم سكان منطقة أرعبت المحتل الإسرائيلي منذ عشرات السنين فامتلأ كراهية وحقدا عليها لا مثيل له عند غيرها .. عقاب جماعي لبشر بسبب السكن والمكان وانتقاما من الماض وبعض الحاضر ..

المشكلة أن الدم لا يتوفر يوميا لكي يفرض منطق التحرك والضجة السياسية التي تنتشر هذه الأيام ، وتكثر الأقاويل من هنا وهناك ، ويذهب البعض كثيرا في فرحته السياسية بسقوط ' عهد المقاطعة السياسية' لطرف لا يتوانى لحظة في تناسي الجريمة الأكبر وهي الانقسام الوطني وكارثته على المستقبل الوطني والمشروع الوطني الفلسطيني برمته .. هناك من يستبدل حال التضامن الإنساني للبحث عن صغائر مكتسبات ' سياسية' لإخفاء عورات بعد تسلط وسيطرة ، ويبدو أن ما حدث بعد حرب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يعاد إنتاجه لأغراض ضيقة الهدف والرؤية .. وقراءة الفعل وردة الفعل على ما حدث مع السفينة كوري معيار لمدى ما يسجل من معايير خاصة تحوم بظلال لا جواب واضح لها ، وكأن التحرك لمرمرة وأخواتها له بعد غير ما هو معلن ..

سقوط كوري ثانية فوق ساحة المعركة مع جيش المحتل رسالة تحمل أبعادا سياسية وإنسانية تنتمي فقط ولا غير لمناهضة المحتل وجرائمه وليست بأجندة خاصة لبعض من يتسلقون البعد الإنساني لحصار إسرائيلي ومنحه صفات غير ما هي عليه حقا .. ففلسطين شعبا وقضية وكفاح كانت دوما رمزا للتضامن الأممي بكل تلاوين مدارس الفكر والسياسة المناهضة للصهيونية والاستعمار ، ونصرة الحق والعدل والشعوب المظلومة ..

كوري رسالة سياسية دون ضجيج لشكل تضامن مع الشعب والقضية وليس مع ' مربع ' و'زقاق' لبعض من هواة البحث عن ' مكاسب وهمية ' لراياتهم الضيقة ..

ملاحظة : فرحة الموظفين برواتبهم ما بعدها فرحة .. وكأن الراتب بات سمة لبعض استقرار سياسي في بلادنا ..

تنويه خاص : الغضب اللفظي تجاه أمريكا ما زال هو السائد .. هل من فعلة ما عربية أو تركية يمكن أن تسجل أمريكا .. عدا الكلام المتأتأ كثيرا ..

التاريخ : 6/6/2010