قطر وصمت غير مفهوم
تاريخ النشر : 2014-12-16 18:57

 كتب حسن عصفور / نشرت وسائل إعلام مختلفة تقريرا تناولت فيه عرضا من ' الشقيقة قطر' إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي لإعادة العلاقات الديبلوماسية بينهما مقابل السماح لها بمساعدة حماس في قطاع غزة لـ' تعزيز وجودها وحكمها' ، والعرض القطري وفقا للمصادر الإسرائيلية تم نقاشه مطولا داخل أوساط الحكم ، ومنهم من تعاطى معه بإيجابية وأوصوا الموافقة عليه ، لكن بيبي نتنياهو رئيس الحكومة رفض ذلك ، بل تعامل معه وفقا للمصادر ذاتها بسخرية عالية ..

وقطر التي تملك وسائل إعلام منها المحطة واسعة الانتشار مع فريق من المحللين والخبراء وذوي الصوت العالي جدا ، لم ترد حتى تاريخه على ذلك التقرير الذي حمل ليس فقط ' دسيسة سياسية' وفقا للمعلن من قطر وحكومتها ' القومية – الإسلامية' بل تعاطى الإسرائيلي بتهكم على العرض المقدم أكثر من مرة من رئيس وزراء قطر بن جاسم ، ولذا ليس المسألة صحة أو عدم صحة ما تم نشره ، ويبدو أنه يتمتع بصدقية عالية ، مع تواصل صمت قطر ' وأسطولها' الإعلامي ، بل وكأن الخبر لم يتم نشره في كل وسائل إعلام العالم  ، عدا محطة ' الجزيرة' طبعا لحسابات معروفة مسبقا ..

العرض القطري ، في حال عدم نفيه ، يمثل شكلا من أشكال ' الهرولة الخاصة' لتصويب علاقة حميمة بين قطر وإسرائيل أصابها بعض العطب جراء ما حدث من تصريحات حكام قطر لغرض غير القصد المباشر منها ، ولذا فإسرائيل لم تهتز جراء إعلان قطر قطع التمثيل بينهما ، خاصة أن هناك أشكالا غيرها كثيرة لم يصلها العطب ذاته ، ولم تشعر تل أبيب بضرر من ' الخطوة القطرية' ولذا فهي لم تهتم لدراسة العرض الجديد والذي تناسى كل ما قيل سابقا ، كونه لا يضيف لدولة الاحتلال ما يفيدها ، ولو كانت المسألة مختلفة تماما لما ترددت تل أبيب بالانتظار ولا التفكير لإعادة حبل وصل تم قطعه كما يقال .. خاصة وإسرائيل لا تزال تبحث توسيع صلاتها بالعالم العربي عبر طرق عدة ومتعددة ..

ولكن لما تقوم قطر بما قامت به في هذا التوقيت تحديدا ، وخاصة بعد زيارة خالد مشعل لقطر أكثر من مرة في الآونة الأخيرة ، ومع نشر رسائل حماس لأوباما وإعلانها الاستعداد لفتح تفاوض مباشر مع إدارة أوباما لمناقشة القضايا السياسية ومنها إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 ، فعرض الدوحة يأتي محاولة لتقديم مساعدات خاصة لحركة حماس قبل أن تصل لحظة ' فرض التوقيع والمصالحة' ، في ظل ما تعيشه الحركة من ' عزلة داخلية' في القطاع وتراجع شعبيتها إلى حد كبير وصدامها تقريبا مع مجمل القوى السياسية هناك ، بما فيها حركة الجهاد الإسلامي ، وما سببته سياساتها الأمنية – الاقتصادية من ضرر بالغ على المواطن الغزي ، ترافق مع قيامها بحماقة هدم المنازل وتشريد مئات الأسر الغزاوية، قبل أن تقوم أصلا بعمل لإسكان آلاف من أسر تم تشريدها بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ..

فحماس ، واقعيا ، فقدت كثيرا وسريعا مما اكتسبته قبل انقلابها ، وهي قبل غيرها تدرك علم اليقين أن أي انتخابات قادمة لن تكون سوى فعل عكسي لما ' خطفته' في غفلة زمنية العام 2006 ، وهو ما يدركه ' تحالف' حماس الإسلامي جيدا وكذا قطر ودول غيرها ، ولذا تحاول الدوحة بأي وسيلة تقديم ما يمكن تقديمه من مال ومشاريع ومساعدات علها ' تنقذ ما يمكن إنقاذه' من صورة حماس في الحكم والتي باتت نموذجا ألحق ضررا ليس بالفلسطيني فحسب بل بكل من اعتقد أنها ' نموذج مختلف ' .. كما لا يستبعد أن قطر بما حاولت فعله مع إسرائيل  مواصلة دورها بإحراج مصر سياسيا ، وهي الوظيفة التي تقوم بها وسائل إعلام قطر بكل 'حرفنة' ..

عرض الدوحة لتل أبيب هو نموذج من نماذج ' المهزلة السياسية' التي تسود المشهد السياسي العربي ، ونموذج  على سخرية البعض المدعين من 'خبراء الكلمة ' ومحلليها ..

ملاحظة: مناشدة حماس لإدارة أوباما للتفاوض المباشر يكشف أن المسألة ليست قضية موقف بل قضية من يكون ..

تنويه خاص : علامة مقاطعة منتجات المستوطنات على باب الرئيس عباس إشارة جادة على الحرب المفتوحة ...

التاريخ : 23/5/2010