فرصة عبر حماقة .. لنستفد
تاريخ النشر : 2014-12-16 18:16

 كتب حسن عصفور / لا يوجد أدني شك أن قرار حكومة الغطرسة والتطرف الاحتلالية في إسرائيل ، لم يكن مهتما لما سيكون عليه الرد على قرار فتح أبواب النشاط الاستيطاني على مصراعيه في الضفة والقدس الشرقية المحتلة ، ولم يقيم وزنا لوجود نائب الرئيس الأمريكي ، ولا لأمريكا الدولة التي تحمي وجود دولة إسرائيل ، قبل كل سلاحها وعدتها وجيشها ، وهي حقيقة مطلقة يعرفها كل إسرائيلي ، لذا فعلم أمريكا هو العلم الوحيد من بين كل أعلام الأرض الذي يرفعه الإسرائيليون بجانب علمهم في مناسباتهم العامة .. ومع ذلك لم يحسبوا حسابا ولو من باب ' الخجل' الخاص والشكلي ، فجاء القرار وكأنه يقول لا لكل ما لا تريده تل أبيب ..

ومع هذه الصفاقة السياسية النادرة ، فتحت هذه الخطوة الحمقاء بابا واسعا للطرف الفلسطيني وكذا العربي لصياغة رد فعل سياسي هجومي ، خاصة أن العالم بأجمعه ، بما فيه واشنطن ، أدرك حجم الخطر الكامن في سياسة حكومة نتنياهو ، لحظة سياسية لم تتوفر كثيرا في الأشهر الأخيرة ، وهي قد تفوق بأهميتها ' تقرير غولدستون' بكل ما به من إدانة لجيش الاحتلال ، لكن هذه الخطوة الحمقاء العدوانية ، جاءت ساعات بعد استجابة العرب ومعهم الفلسطينيين للرغبة الأمريكية – الدولية ، بالذهاب إلى طاولة ' المفاوضات غير المباشرة دون شروط مسبقة أو قيود ، موافقة تجسد فيها كل أشكال ' حسن النوايا' المجاني ، على أمل أن تجد هذه الخطوة العربية تقديرا سياسيا من صاحب اليد العليا عالميا (أمريكا)  ..

وجاءت ردود الفعل الأولية ليست سيئة ، بل حملت مؤشرات هامة منها الإدانة الأمريكية الشديدة ، وهي من المرات القليلة في السنوات الأخيرة التي تحدث ، حتى داخل إسرائيل ومن صفوف الحكومة ذاتها كانت هناك أصوات رفضت الخطوة الإسرائيلية ، وفتحت نقاشا إعلاميا داخل إسرائيل ، حول سوء الإدارة السياسية لحكومة نتنياهو ، في حين أخذت وزارات خارجية عشرات الدول الأوروبية وغيرهم تندد بهذا القرار .. والتقى العرب بسرعة تستحق التقدير تجاوبا مع طلب فلسطين، فكان التوافق على ' تعليق ' المشاركة الفلسطينية إلى حين التراجع الإسرائيلي ولقاء 'الرباعية الدولية' في موسكو ، وهو موقف الحد الأدنى المطلوب راهنا ..

ما تم من موقف حتى الآن يشكل فعلا إيجابيا وغابت لحظات ' التوهان السياسي ' التي كانت تسيطر على المشهد السياسي في مواقف سابقة ، ولعل هذا الموقف يستحق من مختلف الفصائل التي عارضت القرار العربي بالمشاركة في ' مفاوضات غير مباشرة' أن تعمل على التمييز بين رفضها للقرار والنيل من الشرعية الفلسطينية ، مسألة تطرح نفسها في سياق معركة تدور بين ' الشرعية' والمحتل الإسرائيلي ، وكي لا يتم خلط الأوراق بشكل مسيء وضار ، فالضرورة السياسية تتطلب تمييزا إيجابيا بين معارضة القرار ومهاجمة الشرعية .. مسألة فرضتها تصريحات بعض القوى الوطنية يوم أمس في مؤتمر صحفي ، لم تأخذ أقوالهم متغير الموقف الفلسطيني لتعليق ' قرار المشاركة التفاوضية ' ، والتمييز يشكل قوة لموقف المعارضة لتبدو معارضة مسؤولة وهادفة وليست ' عبثية' كما يريد لها البعض أن تكون ..

الموقف الرسمي الفلسطيني عليه المواصلة ليس فقط بما أعلنه من موقف بتعليق المشاركة التفاوضية ، بل يجب الانتقال إلى شن هجوم سياسي واسع جدا ، مستفيدا من ' لجنة المتابعة العربية' واستباقا لإجتماع ' اللجنة الرباعية' في موسكو يوم 19 الشهر الجاري ، حيث عليها أن تحدد بوضوح تام مسار العملية السياسية ووضع آلية تلزم إسرائيل بالكف عن كل ما يمس الأرض الفلسطينية والتوقف عن أي نشاط ' استيطاني وتهويدي ' للأرض والمقدسات ، ولجم سياسة المحتل الذي لا يزال مديرا الظهر لكل ما سبق الاتفاق عليه ..

مواصلة الهجوم السياسي في لحظة مواتية ، لا تأتي كثيرا ، قضية أكثر من ملحة ، فلا يجب أن يهدأ الهجوم تحت أي رغبة أو تمني من هذا الطرف أو ذاك .. فإن لم تتراجع إسرائيل عن قرارها فلا قيمة لأي كلام لاحق .. 'مباحثة' أو 'تفاوضا' .. فمن يستهتر بالعالم وأمريكا لا يمكن له أن يكون جزءا من عالم سياسي طبيعي ..

فرصة سياسية وفرتها حماقة حكومة عنصرية ليتم استخدامها بأقصى ما يمكن الاستخدام .. تقدموا لا تتراجعوا ..

ملاحظة : د. رزقه مستشار رئيس الوزراء السابق إسماعيل هنية خرج أمس ، يطالب الغرب بمهاتفة مشعل وهنية إن أرادوا حلا .. كلام غريب في لحظة صدام ' الشرعية الفلسطينية ' مع ' إسرائيل ..

تنويه خاص : فوز صحافيو فلسطين بجوائز عالمية تعكس ' حرفية العمل ' .. لكنها تبرز كم هي جرائم المحتل غريبة وشاذة أيضا ..

التاريخ : 11/3/2010