عملية ' عبسان' الفعل والفاعل
تاريخ النشر : 2014-12-16 13:36

 كتب حسن عصفور / سينشغل بعض الرأي العام العربي والدولي بما سيحدث من خطابات في 'قمة' عربية ، يغيب عنها 7 من القادة العرب وربما يصل العدد إلى ثمانية في اللحظة الأخيرة ، ومع ذلك يسمونها ' قمة ' ، ولعل أكثر من سيتابع القمة لسبب أو لآخر أهل فلسطين ، مع إدراكهم المسبق بما يمكن له أن يكون ، لكنها طباع الفلسطيني المسكون هوسا بالسياسة جراء احتلال وطنه وأرضه .. منتظرا لحظة فرج تأتي ليعيش كما الآخرين تحت راية علمه حرا وسيدا ومستقلا ...

ولكن ووسط حالة من الترقب هذه لما سيكون في مدينة 'سرت' الليبية ، كانت عبسان الجديدة (الصغيرة سابقا) تشهد معركة محدودة بين مقاتلين فلسطينيين وقوات إسرائيلية كانت تسير بمحاذاة المنطقة الحدودية ( والتي تسمى المنطقة الأمنية ) ، عملية أسفرت عن قتل ضابط وجندي من قوات الجيش الإسرائيلي قبل أن يستشهد أحد مقاتلي ' سرايا القدس' من بلدة 'عبسان' الشاب هيثم عبد الحكيم عرفات ( هناك أخبار عن سقوط شهداء آخرين ) ، العملية بحد ذاتها جاءت وفقا لما قام بها ، رسميا وليس كلاميا ، جاءت ردا على ما يجري في مدينة القدس المحتلة ..  شكلت رد فعل عسكري فلسطيني مختلف عن ذلك المنتسب إلى إطلاق ' الصواريخ. '

ولكن ما الذي أدى إلى الاختلاط في التبني لهذه العملية من أكثر من فصيل ، بدأتها سرايا القدس والقسام ثم أحد أجنحة ' كتائب الأقصى' ، في سابقة كادت أن تفقد ' العملية العسكرية' رونقها الخاص ، بل إن البعض ذهب لنقاش التضارب الفلسطيني عن متابعة أهمية الفعل ذاته ، عملية منذ أكثر من عام لم يحدث مثيلا لها ، دون تكلفة كبيرة ، بل يمكن القول إن خسائر الجيش الإسرائيلي فاقت الخسائر الفلسطينية خلال المواجهة المباشرة ، لكن التضارب بين 3 أجنحة عسكرية أحدث إرباكا لم يكن له أي مبرر فعلي ..

ولكن ، ظروف العملية وتوقيتها جاء مناسبا جدا من الناحية الإعلامية ، مع بداية أعمال القمة العربية ، التي تتحدث عن القدس وفلسطين ، مؤشر ميداني يرسل رسالة إلى المجتمعين في مدينة 'سرت' بأن المشهد الفلسطيني به فعل نابض ، وأن غزة المحاصرة والمهددة بالحرب العدوانية دوما بها روح قتال ..

كما أن الغطرسة الإسرائيلية والتطرف غير المسبوق في النشاط الاستيطاني ومحاولات متلاحقة لـ' تهويد القدس' وتهديد مقدساتها ، المسيحية والإسلامية ، وسياسة عدوانية متواصلة ضد الشعب الفلسطيني وأرضه وشرعيته الوطنية ، أفعال بات العالم بغالبيته ، بما فيه بعض أمريكا، يصاب بقرف لا متناه من حكومة تتصرف وكأنها الإمبراطورية الأعظم عجرفة وصلافة وتحد .. فجاءت العملية في ' زمن مثالي' كما يقال ..

ولذا جاءت سرعة إعلان ' كتائب القسام ' التابعة لحماس بتبني العملية ، رغم أنهم يدركون أنها ليست لهم ، بينما جاءت رواية ' سرايا القدس ' أكثر منطقية ومعلوماتية ونشرت تفاصيل العملية منذ بداية التحضير إلى حدوث المواجهة ومقتل الإسرائيليين ، وأشار البعض إلى مشاركة أحد من فتح مع ' السرايا' ولكنها باتت تفصيلا في ظل ما قدمته من ' رواية متماسكة ' عن العملية ..

تسرع القسام جاء ، كونهم أدركوا أنها عملية ' منتجة' أي سيكون لها نتائج عند الطرف الإسرائيلي ، خاصة أن عناصرهم كانت تراقب المنطقة الحدودية وفقا للتفاهم المعروف حول ما يسمى ' المنطقة الأمنية' ومنع المقاتلين من الأجنحة العسكرية الوصول إليها ، ومع التوقيت المثالي للعملية جاء سرعة التبني دون الفعل ، وهو ما لم تسمح ' سرايا القدس ' حتى لو طالبتهم أطراف تسكن خارج الحدود ، كونهم يدركون قيمة هذه العملية التي خططوا لها بإتقان وحرفية عسكرية .. ولعل ' تبني ' القسام أجبر ' السرايا' على نشر تفاصيل ربما لم يكن لها أن تنشر أصلا ، خاصة مع المعرفة الكاملة أن إسرائيل ستنتقم لما حدث لقواتها ..

' عملية عبسان' كشفت بعض الوهن الداخلي في التعاطي مع بعض المجريات ، ولو كانت الظروف طبيعية ، ما كان يمكن لما حدث أن يحدث من 'سباق' بلا داع لفعل كاد أن يذهب بريقه وسط ' جدل الكلام' .. عله يكون درسا صغيرا لمن يتسرع بـ' نتش' عرق الغير' ..

ملاحظة : مالكي العراق قام يوم أمس بما لم يقم به غيره .. أعلن أن الانتخابات ' شفافة ' أشاد بها .. تفاءلنا .. بعد دقائق قال النقيض .. هناك شكوك كبيرة .. صال وجال لشرح الخروقات .. هي سمة يختزنها الكثيرون منا .. الشيء ونقيضه ..

تنويه خاص : مبروك تعيين ' مفوض للقدس' في جامعة العرب .. فقط لإنعاش الذاكرة ، كما كان يحلو للرمز الخالد أبو عمار ، القدس جزء منها احتل عام 1948 والآخر عام 1967 .. اللي عنده آلة يحسب كم سنة احتلال .. مع هيك مبروك ' يا قدس' جاك الفرج ...

التاريخ : 27/3/2010