الداهية والهلفوت .. الشاطر استخدم ميليشياته الإلكترونية لنشر شائعة عزل مرسى لـــ السيسي (الحلقة الرابعة )
تاريخ النشر : 2013-11-19 14:40

حلقات يكتبها: محمد البـاز

كانت اللحظة التى تحول فيها موقف الإخوان المسلمين من الحماس والتأييد التام للفريق السيسى إلى الرغبة فى التخلص منه نهائيا، هى نفسها اللحظة التى تحول فيها موقف السيسى من محاولة إنقاذ رئيس بدأت بوادر فشله إلى إنقاذ وطن من أنياب جماعة بدت نواياها فى مصادرة كل شىء لمصلحة أعضائها وحدهم.

لم تمر دعوة الجيش للقوى السياسية من أجل الحوار والتوافق بحضور الرئيس - وهى الدعوة التى قبلها مرسى ثم اعتذر عنها - مرور الكرام على جماعة الإخوان، وتحديدا على رجل بعينه هو خيرت الشاطر، الذى يبدو أنه تسلم ملف التعامل مع الفريق السيسى بنفسه، ولأنه لم يكن يظهر فى الصورة، مفضلا أن يحرك الأحداث من وراء حجاب، فقد دفع برجاله وميليشياته وجواسيسه فى حرب غير شريفة ضد وزير الدفاع.. وهى الحرب التى وقف محمد مرسى شاهدا عليها، دون أن يشترك فيها إلا بدور صغير، لم يصل حتى إلى مستوى الكومبارس، وهو الدور الذى ستتضح ملامحه بعد قليل.

لقد تعرف السيسى على خيرت الشاطر خلال الاجتماعات التى عقدت فى مكتبه بمبنى المخابرات بحضور المشير طنطاوى والفريق عنان، وكان يشترك فيها خيرت مع مرشد الجماعة محمد بديع لحسم ملفات كانت عالقة بين الجماعة والمجلس العسكرى، وهى الاجتماعات التى قرر كل منهما خلالها أن يرصد الآخر بدقة.. وليس بعيدا أن يكون خيرت الشاطر قد بدأ جمع المعلومات عن السيسى من اللحظة الأولى التى رآه فيها.

كانت قناعة الشاطر بالفريق السيسى متناهية، وكانت له الكلمة الأخيرة فى دفع مرسى لاختياره وزيرا للدفاع، لكن خيرت تأكد أن السيسى ليس صيدا سهلا، بعد أن وجده يتقدم شعبيا على محمد مرسى، ووجد القوى السياسية المختلفة تجتمع حوله وتتفق عليه فى الوقت الذى تنفض فيه عن الرئيس الإخوانى.. وكانت الدعوة التى تبناها السيسى للحوار ولبتها القوى السياسية هى التى حركت الشاطر لتجنيد كل أدواته للسيطرة على وزير الدفاع من جديد، وإدخاله طوعا أو كرها إلى بيت الطاعة الإخوانى.

لم تكن دعوة السيسى للقوى السياسية - رغم أن الجماعة أجهضتها - فقط هى من نبهت الشاطر إلى الوقوف بشدة فى طريق الطوفان الذى بدأ يتحرك من الجيش مهددا بتحطيم كل ما بنته الجماعة، كان ما حدث بعد الحكم على المتهمين فى مجزرة بورسعيد دالا وبشدة، فالفوضى التى خلفها الحكم وتعامل الشرطة مع الأهالى - أدى إلى مقتل 37 مواطنا - لم تستطع قرارات الرئيس بفرض الطوارئ وحظر التجوال أن تمنعها.

حاول مرسى أن يستعين بالجيش ليعينه على الأهالى وتنفيذ قراراته، لكن المفاجأة أن الجيش تفاعل مع الأهالى ولم يستخدم معهم القوة لتطبيق قرارات الرئيس، كان السيسى يتصرف وقتها بحكمة، فالرئيس غاضب منفعل والأهالى يبادلونه غضبا بغضب وانفعالا بانفعال، فلابد أن تكون هناك جهة تستوعب هذا الشعب الغاضب، ولم تكن هذه الجهة إلا الجيش، الذى نزل جنوده ليلعبوا الكرة مع أهالى مدن القناة، وهو ما اعتبرته الجماعة تشجيعا من الجيش على الفوضى وكسر حظر التجوال وبعثرة كرامة الرئيس.

ما لم يفهمه مرسى وقتها أن السيسى يريد أن يوجد حالة من التوازن، فإذا كانت الرئاسة تقسو على الشعب، فلابد أن يكون هناك متنفس حتى لا يصل الغضب إلى منتهاه، لكن صقور الجماعة اعتبروا أن ما يقوم به السيسى ورجاله ليس إلا تحدٍ للرئاسة ومحاولة لفرض السيطرة على الموقف.

وهنا تحديدا بدأت خطة المواجهة.. وتولى الشاطر دفة القيادة للمعركة التى أرادوها أن تكون مصيرية.

كانت الخطة التى اعتمدها خيرت الشاطر هى تقليم أظافر الفريق السيسى، أطلق عليها وقتها «تهذيب الديك الرومى»..لقد ظل الشاطر حريصا على أن يحتفظ بالسيسى، لكن دون أن يتجاوز دوره حدود واختصاصات محمد مرسى، ودون أن يتحول إلى رمز يلتف حوله من يعارضون الرئيس الإخوانى.

بدأت الحرب على الفريق السيسى عبر الطريقة الوحيدة التى يجيدها خيرت الشاطر، وهى بث الشائعات عبر اللجان الإلكترونية الإخوانية، وهى طريقة ابتدعها قبل أن يدخل السجن فى العام 2006 - على ذمة قضية ميليشيات الأزهر الشهيرة، التى جرت فى أذيالها قضية غسيل الأموال التى لم يبرأ منها حتى الآن هو وعدد كبير من قيادات الجماعة - حيث قام باستئجار شقة فى عمارة «دوحة ماسبيرو» الشهيرة بميدان عبدالمنعم رياض وجهزها بما تحتاجه الحرب على خصومه داخل الجماعة وكان على رأسهم عبدالمنعم أبوالفتوح.. وكان يتولى إدارة هذه الحرب شاب إخوانى هو عبدالمنعم محمود، صاحب مدونة «أنا إخوان» الشهيرة.

بعد خروج الشاطر من السجن فى مارس 2011، أدرك أن اللجان الإلكترونية سلاح مهم جدا فى معاركه المقبلة، فاهتم بتنميتها وأنفق عليها كثيرا، وقد لعبت الميليشيات الإخوانية دورا كبيرا فى تشويه معارضى الجماعة، حيث كانت تقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه أن يعترض طريقها فى رحلة الصعود إلى السلطة، وبعد أن أصبح محمد مرسى رئيسا، تحولت هذه الميليشيات إلى جيش من الأشباح التى تنقض على كل من يقترب من حمى الرئيس.

فى أواخر يناير 2012 كان السيسى قد أشار إلى استعداد الجيش للتدخل محذرا من أن الدولة ستنهار إذا لم يتم إيجاد حل للأزمة السياسية، وتحدث وقتها عن المعضلة التى يواجهها الجيش فى الموازنة بين مهمته فى حماية المنشآت وعدم إيذاء المتظاهرين السلميين فى الوقت ذاته.

أغضب هذا الكلام محمد مرسى ومن ورائه جماعته، وكان لابد أن يتحرك الشاطر بميليشياته الإلكترونية، فى فبراير 2012 صدرت الأوامر، فبدأت شائعة نية مرسى لإقالة الفريق السيسى. وقتها لم يفكر مرسى جديا فى إقالة الفريق السيسى، وصورت الجماعة الأمر على أن الرئيس يبحث عن خروج لوزير دفاعه، لكن مرسى نزل على رغبة الشاطر فى إطلاق ما يمكننا التعامل معه على أنه بالون اختبار، لقياس رد فعل الجيش والرأى العام.. وقياس مدى شعبية وزير الدفاع فى الشارع.

رد الفعل كان غاضبا وعبر متحدث عسكرى لوسائل الإعلام، جاءت الرسالة واضحة دون لبس: فأى محاولة لإقصاء قيادات الجيش ستكون انتحارا سياسيا للنظام.. وربما كان هذا الغضب مبررا جدا، فبعد إخراج طنطاوى وعنان من منصبيهما بطريقة مهينة قررت القيادات العسكرية ألا تتهاون فى شأن قياداتها.

لقد أقدمت ميليشيات الإخوان على خطوة كانت أكثر جرأة - لكنها فيما يبدو قطعت كل خيوط الود بين مرسى والسيسى - فعبر موقع المرصد الإسلامى الذى يرتبط القائمون عليه بعلاقات قوية بقيادات الإخوان، نشرت رسالة قيل إنها موجهة إلى أبناء التيار الإسلامى.

كانت الرسالة عبارة عن بشرى زفها الموقع إلى أتباع مرسى، وجاء فيها أن الرئيس محمد مرسى استدعى الفريق السيسى ووجه له تحذيرا عنيفا، وطالبه بأن يتدخل لدى قيادات الجيش ويجبرهم على التوقف عن التصريحات السياسية التى تتحدى الرئيس، وأن مرسى نجح فى تأديب الفريق السيسى الذى خضع لمرسى وجدد له الولاء.

كان الموقف الذى تحدثت عنه الرسالة من نسج خيال القائمين على المرصد الإسلامى، فلا مرسى جلس مع السيسى، ولا السيسى خضع وجدد الولاء، لكن الجماعة أرادت أن تطمئن أتباع مرسى بأن رئيسهم يسيطر على الموقف تماما.

كانت هذه الرسالة محاولة من جماعة الإخوان المسلمين للتخفيف مما تردد عن أن قيادات الجيش قامت بهدم الأنفاق بين سيناء وغزة دون العودة إلى مرسى، وأن الهدم جاء عن طريق إطلاق مياه الصرف الصحى، فأراد القائمون على المرصد الإسلامى الإشارة إلى أن مرسى يسيطر ولا تزال خيوط اللعبة بين يديه، وحتى تستر الرئاسة موقفها، فقد أصدرت بيانا أشارت فيه إلى أن هدم الأنفاق التى قام بها الجيش كان بعلمها وموافقتها وتعليماتها، رغم أنها فعليا لم تكن تعرف عنه أى شىء.

كان رجال الشاطر هم من أطلقوا كل هذه الشائعات حول الفريق السيسى، إلا أن مرسى هو من تحمل عبء تصحيح الخطأ فصدر بيان من رئاسة الجمهورية يجدد الثقة فى الفريق السيسى محاولا امتصاص غضب قيادات الجيش التى كان صبرها قد بدأ ينفد من الرئيس وجماعته.

أثناء تفاعل هذه الشائعات جرت بعض الوقائع التى تشير إلى أن الصراع بين السيسى ومرسى وجماعته أصبح مكشوفا.. صحيح أنه لا أحد يريد أن يعلن العداء، لكن الريبة كانت هى المسيطرة على الموقف كله، وكان غبار المعارك قد بدأ فى التصاعد عبر الآفاق البعيدة.

فى 25 فبراير 2012 صرح الفريق السيسى بأنه لن يسمح بوجود ميليشيات فى مصر - لم يشر صراحة إلى ميليشيات جماعة الإخوان رغم أنه لم تكن هناك ميليشيات إلا لها - وحتى تكتمل الرسالة قال السيسى: إن القوات المسلحة تتعرض لهجمة شرسة، لكنه فى رسالة واضحة للإخوان أكد أن الجيش ملك للشعب ويجب أن يسانده بقوة.

لم تكن كلمات السيسى من فراغ، فخلف الأبواب المغلقة كانت الجماعة تعمل على قدم وساق لمحاصرة الجيش، وتشير تقارير الجهات السيادية التى رصدت نشاط الإخوان وقتها أن الجماعة تعد مشروعا محددا لتغيير بعض الهياكل داخل الجيش، وأنها تقوم بتدريب شبابها تمهيدا لإنشاء تنظيم مواز للقوات المسلحة، وقد استغلت فى ذلك إمكانيات مراكز الشباب التى يشرف عليها وزير الشباب الإخوانى فى توفير التدريب للشباب تمهيدا لدمجهم داخل التنظيم الموازى.

الأخطر من ذلك، وهو ما رصدته تقارير الجهات السيادية، كان تحركات القيادى الإخوانى المسجون حاليا محمد البلتاجى وتحديدا فى جهاز الرقابة الإدارية، أجرى البلتاجى وقتها اتصالات مكثفة بعدد من قيادات الجهاز، وتركزت أسئلته عن وجود ملفات لقادة الجيش فى الجهاز، ويبدو أنه كان يريد استخدام هذه الملفات إذا ما وجدت فى ضرب قيادات الجيش فى مقتل.. ولم يكن مناسبا أن تصمت القيادة العسكرية على كل هذا العبث فخرجت تهدد وبشدة من الاقتراب منها.

مرت الأزمة بين مرسى والسيسى، لكن حالة التربص ظلت قائمة بعدها، وفى مارس 2013 - وكما قال السيسى نفسه - توقف عن تقديم النصائح إلى الرئيس مرسى، فقد اقتنع تماما أنه لا فائدة من الحديث مع رئيس سلم نفسه إلى جماعته، ولا يريد أن يسمع إلى صوت العقل الذى يشير عليه دائما إلى أنه رئيس لكل المصريين وليس مجرد عضو فى جماعة، أو كما يطلق عليه البعض «مندوب مكتب الإرشاد» فى مؤسسة الرئاسة.

كان محمد مرسى قانعا تماما بما انتهت إليه المعركة، لكن خيرت الشاطر لم يقنع بذلك، ورغم أن حالة من الهدوء سادت العلاقة بين الرئيس ووزير دفاعه، فإن الشائعات تجددت مرة أخرى وهذه المرة ليس عن عزل وزير الدفاع فقط ولكن عن تغيير قادة الأفرع.. وجاءت الشائعات متزامنة مع حديث متواصل عن مشروع محور قناة السويس الذى أطلقت عليه الجماعة «مشروع إقليم قناة السويس» وتنازل مرسى عن حلايب، وهو ما تردد بعد عودته من زيارة السودان.

كانت هناك حالة من الغليان فى الجيش وصل بخارها إلى وجه مرسى الذى طلب اجتماعا عاجلا بأعضاء المجلس العسكرى، وهو الاجتماع الذى تم فى 12 إبريل 2012، وكان بالمناسبة الاجتماع الأخير، فلم تتح فرصة أخرى لمرسى ليجتمع مع قيادات الجيش.

لم يستطع مرسى أن يواجه الجنرالات بشىء، أنكر تماما كل ما تردد عن مشروع قناة السويس والتنازل عن حلايب - هناك تسجيل صوتى لوزير الرى السودانى يؤكد أن مرسى تنازل عن حلايب بالفعل - كما أنكر نيته لتغيير قادة الأفرع، وانتهى الاجتماع بتجديد الثقة مرة أخرى بين الجيش والرئاسة.

لم يهمد الشاطر، وعاود مرة أخرى محاولته لإخضاع وزير الدفاع، وكان لابد من ضربة كبيرة، ولأن التفكير الإخوانى الشيطانى لا يتوقف، فقد لجأ إلى ما يمكن تسميته محاولة صنع بطولة للرئيس العاجز حتى يكتسب شعبية على حساب وزير دفاعه.

وكان أن تم خطف سبعة من الجنود المصريين.

الواقعة حدثت فى مايو 2013.. استيقظت مصر على خبر اختطاف 7 من الجنود، 6 منهم ينتمون إلى الشرطة، وواحد ينتمى إلى الجيش، ظل الأمر غامضا، والحديث عن مفاوضات بين الخاطفين لا ينتهى، فى ظل عبارة مخجلة أطلقها محمد مرسى، حيث إنه يحرص على سلامة الخاطفين والمخطوفين معا.

أيام قليلة وتم بث فيديو للجنود الـ7 وهم معصوبو الأعين، وبعضهم يوجه حديثه بغضب إلى وزير الدفاع الذى يجلس فى مكتبه دون أن يهتم بأن يعيد المخطوفين، وفى الوقت نفسه يوجه بعضهم ما يمكن اعتباره استغاثة إلى الرئيس مرسى ليخلصهم من أسرهم.

كان واضحا جدا أن من خطفوا الجنود يوجهونهم إلى إهانة الفريق السيسى ويمجدون فى الرئيس.. وعندما عاد الجنود ذهب محمد مرسى ليستقبلهم ويداعبهم فى لفتة حاول أن تكون أبوية.. وفى الصالون الذى جلس فيه مرسى مع الجنود، وجلس إلى جواره الفريق السيسى والفريق صدقى صبحى رئيس الأركان ووزير الداخلية محمد إبراهيم، بدا أن هناك ما دار خلف الكواليس، فوزير الدفاع ووزير الداخلية فى حالة صمت تام، تعلو ملامحهما الغضب المكتوم، فقد كان هناك ما حدث ولا يرضيهم.. لكنهم لا يريدون أن يفصحوا عنه.

ما تردد وقتها - وهو الآن أقرب إلى الصحة والمنطق - أن خيرت الشاطر اتصل بالخاطفين ووعدهم بأن أحدا لن يقترب منهم، وأن الرئيس أصدر أوامره إلى الجيش بعدم الاقتراب منهم أو المساس بهم - المكالمات كما أشار مصدر أمنى مسجلة وموجودة - وكأنه يعرف أو على الأقل اتفق معهم على تنفيذ العملية التى اعتقد الإخوان المسلمون أنها يمكن أن تضمن حالة من البطولة والشعبية للرئيس، الذى ذهب فى هيئة المنتصر وحرر جنودا من أيادى خاطفيهم بينما وزير الدفاع لم يفعل شيئا.

لقد تركت قصة خطف الجنود أثرا سيئا فى نفوس قادة الجيش، كانوا يعرفون من وراءها وما أراده من ذلك، لكن يبدو أن الفريق السيسى لم يتحرك وقتها، لأنه كان قد وصل إلى قناعة بأن هذا النظام انتهى تماما، وما يحدث من حوله ليس إلا علامات على ذلك، وكان يدرك أن محمد مرسى ليس أكثر من عروس ماريونيت يحركها آخرون من وراء ستار، ولذلك فإن نظاما يعمل بهذه الطريقة لابد أن يسقط دون أن يهز قواعده أحد.

كان السيسى يعرف أن الشاطر هو الرجل القوى، أدرك ذلك عندما زاره خيرت فى مكتبه بالمخابرات الحربية قبل إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية بساعات قليلة، وكانت الجماعة قد تأكدت أن محمد مرسى هو الفائز بها، يومها كان الشاطر يحمل معه رسائل طمأنة للجميع، وأن الجماعة لن تقصى أحدا، بل ستفتح ذراعيها لكل الأطياف السياسية الأخرى، كان يتحدث بقوة ومنطق من يملك كل الخيوط فى الجماعة.

تأكد السيسى من قوة خيرت داخل الجماعة كذلك فى الأيام الأخيرة لنظام محمد مرسى، ففى إحدى خطبه المذاعة أشار إلى أنه التقى باثنين من قيادات الجماعة قبل 24 ساعة من إلقاء مرسى خطاب 26 يونيو، وهو الخطاب الذى تحدى فيه الجميع، وأن أحدهما هدد بأنه فى حالة عزل مرسى، فإن حلفاء الجماعة سيقومون بعمليات عنف لا يمكن السيطرة عليها، وبعد ذلك فى حوار السيسى مع ياسر رزق، كشف عن أن هذين القياديين هما سعد الكتاتنى وخيرت الشاطر.

ذهب الشاطر فيما يبدو أنه كان محاولة أخيرة لإنقاذ محمد مرسى، وكانت هذه المرة مباشرة ودون الاختفاء وراء ميليشيات إلكترونية.. لأن الأزمة كانت قد اقتربت من خط النهاية، وكان لابد أن يظهر الشاطر بنفسه ويصبح فى المواجهة أمام الرجل الذى كان يعرف تماما أنه من سيتصدى للجماعة إذا ما خرج الشعب عليها، وعندما صرخ السيسى فى وجه الشاطر - طبقا لما قاله - انتم يا تحكمونا يا تموتونا - أدرك رجل الجماعة القوى أن الأمر انتهى، وأن صمت السيسى طوال الشهور الماضية لم يكن إلا انتظاراً للحظة يخرج فيها الشعب لعزل مرسى، وهى اللحظة التى كانت قد اقتربت بالفعل.

لم يكن الفريق السيسى يجهل قوة خيرت الشاطر.. كان يعرف أنه من يحرك الأمور كلها، ولذلك فعندما قررت اللجنة التى شكلها مجلس الشورى لاختيار رؤساء التحرير الجدد للصحف، وقررت هذه اللجنة أن تستبعد ياسر رزق من رئاسة تحرير الأخبار، لم يتحدث السيسى مع مرسى ولا يطرق باب أحمد فهمى رئيس مجلس الشورى، ولكنه تحدث مباشرة مع خيرت الشاطر، لكن الشاطر أصر على أن يخرج رزق من الأخبار، قائلا لوزير الدفاع: إنه ليس معنا ولن يكون معنا أبدا.

ورغم معرفة الفريق بقوة الرجل وسيطرته على الجماعة فإنه لم يتورط أبدا فى الإشارة إليه لا بالتلميح ولا بالتصريح. كان يضعه فقط تحت المراقبة الدقيقة، وربما تكون هذه المراقبة هى التى جعلت الشاطر الآن سجينا ليس متهما فقط بالتحريض على العنف وتمويله..ولكنه متهم أيضا فى عدة قضايا تخابر.. لن يكون عسيرا أن يتم تقديم الدليل عليها لأنه موجود بالفعل.

 

اليوم السابع