خطوة قطرية إيجابية.. الأولى منذ الانقلاب
تاريخ النشر : 2014-12-15 19:25

 كتب حسن عصفور / أعلن د. صائب عريقات عضو تنفيذية منظمة التحرير الفلسطينية وصاحب ' الملف التفاوضي' راهنا أن حكومة قطر أبلغته قرارا بمساعدة قطاع غزة بعشرة ملايين دولار تسلم لحكومة د. سلام فياض لصرفها هناك ، خبر مر عاديا دون أن يقف أمامه أحد باعتبار أن تبرعات بعض العرب تأتي بين آن وآخر ، وسط الحديث الدائم عن اتفاقيات توقع مع دول أوروبية لدعم الموازنة .. لذا فمن حيث الشكل هو خبر لا أكثر ولا أقل ..

لكن الحقيقة أنه أكثر من رقم وأكثر من خبر ، فهو بالمعنى الأدق حدثا سياسيا خاصا ، حيث يشكل هذا الرقم المالي الأول له منذ حدوث الانقلاب الأسود في قطاع غزة ، والذي كان للشقيقة قطر دور مميز جدا في مساندته لأسباب بعضها ما زال مجهولا ، لكنه بالتأكيد لا صلة له بالشائع منها ، عن كون حماس فازت بأغلبية التشريعي ، ولمن لا يتذكر ، فقطر هي الدولة العربية الوحيدة التي احتفظت بسفيرها ومقره مفتوحا في قطاع غزة ، تكريسا لموقفها ذاته ، في حين انتقلت باقي الممثليات العربية الأخرى ، كمصر والأردن وتونس والمغرب ، وممثل عمان الذي لم يعد موجودا من أصله .. وقرار قطر لم يكن فنيا بل كان قرارا سياسيا بامتياز ..

ومنذ انقلاب يونيو ( حزيران) العام 2007 وقطر لعبت دورا مميزا جدا في تقديم كل أشكال الدعم المالي لحماس ( الأرقام التي تتسرب تصل إلى حوالي 500 مليون سنوية – رقم لم يتأكد رسميا ) إلى جانب الدعم الإعلامي المطلق وتسخير قناة ' الجزيرة' بكل برامجها السياسية لنصرة حماس وروايتها ، مع فتح أبوابها لتقديم الخبرة الفنية والمهنية والمالية لأمبراطورية حماس الإعلامية التي تبنى في قطاع غزة ، من تليفزيون إلى عشرات مواقع الإنترنت .. طبعا مترافقا مع دعم سياسي حيثما تستطيع إلى ذلك سبيلا ، وما زالت ' قمة غزة' يناير 2009 في الدوحة دليلا سياسيا مميزا لما كانت تقوم به قطر ..

صحيح أن الصوت العلني لدعم حماس ومنذ وقف حرب العدوان على قطاع غزة ، وغضب إسرائيلي – أمريكي على الدوحة ، هدأت الحركة العلنية للدعم ، لكنها لم تختف ، ولعل الموقف القطري من ' ورقة المصالحة الوطنية ' والتي أعدتها مصر دليلا غريبا على سلوك قطر ، برفضها التوقيع وتجسد ذلك عندما تسربت أنباء موافقة حماس عليها تحت ضغط ' قيادة غزة' فاستقبلت الدوحة د. رمضان شلح ، الذي لم يكن مرحبا به منذ فترة طويلة من أجل عيون حماس ، ومنها أعلن أول رفض فلسطيني للورقة المصرية وشن هجوما عليها لا يستقيم مطلقا مع ' عقلانية الجهاد الإسلامي المعروف والمقبول ' ، ما شكل رسالة تهديد قطرية إلى حماس ، وكان ما كان بعدها من زيارة مشعل للدوحة وتغيير خارطة الموقف وبدأت ' المصطلحات المتحركة بالدخول للساحة السياسية كي لا يحدث التوقيع ' .. ولا يجب تجاهل رفضها استقبال الرئيس عباس لفترة طويلة منذ ' قمة الدوحة' رغم ما يتمتع به من ' علاقات شخصية وحميمة جدا مع أمير قطر ' ..

لذا فقيام قطر بتقديم 10 ملايين دولار لحكومة د .سلام فياض لإنفاقها على غزة ، يمثل خطوة سياسية تستحق القراءة المتأنية واستخلاص بعض عبر منها ، فربما تكون ' بشير' على قرب الوصول إلى المصالحة الوطنية ، وأنها تغيير يأتي في سياق ما يحدث فوق ترابها حيث ' جعجة السلاح ' استعدادا لما هو آت من ' ضربة عسكرية' ضد نظام نجاد .. خطوة ' التبرع ' القطرية رافقها تصريح ملفت للانتباه جدا ، أعلنه رجل قطر ' الذكي' حمد بن جاسم عندما شن هجوما لاذعا على إسرائيل ، لكنه مقابل هذا الكلام طالب بالتفاوض المباشر معها ، وهو يعني رفضا سياسيا لموقف الشرعية الفلسطينية بالتفاوض غير المباشر ..

أحداث تبدو ' صغيرة ' لكن ما يحيط بنا من متغيرات لا يجعلها عفوية أبدا ...

ملاحظة : د. الزهار هو أكثر قادة حماس رغبة في ' المصالحة' يتحدث دوما بأمل .. وصمته تعبير عن 'ضغط' يأتي من وراء ' الأنفاق' ...

تنويه خاص :  ليبرمان العنصري يرى السلطة الوطنية ' الشيطان' الذي يخرج له في كل مكان كـ'جدار عازل دوليا' .. المزيد منه يفرح قلب الفلسطيني.

التاريخ : 16/2/2010