'الإقصائية' منهج لا يستقيم فلسطينيا..
تاريخ النشر : 2014-12-15 18:00

 كتب حسن عصفور / ربما لايعجب البعض التذكير بما حدث من فعل انقلابي يوم الرابع عشر من حزيران – يونيو 2007 وفي نفس اليوم كما هو اليوم (الاثنين) ، عندما أعلنت قوات حماس العسكرية 'حربها'  ضد الشرعية وقواتها الأمنية ، بعد أن عقدت صفقة تهدئة عسكرية خاصة مع إسرائيل ، بواسطة قطرية قبلها بأسبوعين ، لتتفرغ لما خططت له بعد فوزها الشرعي في الانتخابات ، حيث إنها وعلى عكس كل النظم والأعراف والقوانين قررت تشكيل قواتها النظامية الشرطية والأمنية والعسكرية ، وتعيد ترتيب الهيكل الوظيفي كي تتمكن من تشغيل أكبر كم من مناصريها وتضع في مواقع المسؤولية قادتها وكوادرها ، دون مراعاة لأي من القوانين التي كانت مقرة وفاعلة من المجلس التشريعي ، سواء قوانين الأجهزة الأمنية أو قانون ' الخدمة المدنية' ..

فحماس ترى ، كما لا يرى غيرها في العالم ، أن فوزها البرلماني يمنحها الحق في فعل كل شيء وفقا لـ' دستورها' و'قانونها' الخاص وليس السائد في البلد ، باعتباره ضمانة تحمي النظام السياسي ، وهي التي جاءت أصلا وفقا لذلك النظام قبل أن تنقلب عليه ، بداية من تشكيل قوة أمنية اسمتها ' القوة التنفيذية ' كبديل لجهاز الشرطة الفلسطينية ، تلك القوة التي جمعت كثيرا من الأسماء التي تحمل ملفات سوابق ' أمنية ' و'جنائية' ظهر مفعولها لاحقا على حركة حماس بحجم الاختراقات الأمنية لإسرائيل ، خاصة خلال العدوان على غزة ( طبعا قادة حماس لا يمكن أن يعترفوا بما حدث فكالوا التهم للشرعية وفتح)..

ثم أرادت استبدال كل المناصب العليا وفقا لرغبتها وبعيدا عن القانون ، وللأسف أن ذلك بدأ يحدث قبل الانقلاب العلني بفترة ، في ظل مناوشات خفيفة من القوى الأخرى والرئاسة ، التي تساهلت مبكرا في صلاحياتها الدستورية منذ تجاهلها رفض خطاب هنية الخارج عن خطاب التكليف ، وهو ما أدركت معه حماس أنها قامت بأول عملية اختراق 'للجدار القانوني ' في السلطة الوطنية الفلسطينية ، ما ساهم في المضي خطوة خطوة بعملها الانقلابي بهدوء وروية ، مترافقا مع حملات إعلامية بعيدة عن ما يحدث واقعيا ..

فالإقصائية التي قامت بها حركة حماس في الواقع القانوني استبقت الفعل الانقلابي العسكري ، وقامت به دون أن تقاتل لا فتح ولا غيرها من القوى السياسية ضد هذا النهج الإقصائي والانقلابي الدستوري المبكر ، بل لعل البعض استخف به وتعامل معه وكأنه تعبير بدائي عن الفرحة والشهوة بالحكم ، وليس مقدمة لشطب مرحلة سياسية لحساب واحدة جديدة ، تؤسس لما بات يعرف بـ'مشيخة حماس' والبعض يراها باتت الآن تؤسس لإمارة خاصة بها حدودها قطاع غزة ، برضا وتوافق أمريكي – إسرائيلي وبعض دول ترغب وتهوى شطب ما اعتبرته يوما خروجا فلسطينيا على هيمنتها التي سعت لها طويلا .. ورغم كل ما يمكن الإدعاء به أو وصفه فما حدث من نتائج سياسية للانقلاب الحمساوي كان ربحا خالصا لإسرائيل مخططا ومشروعا سياسيا وأمنيا ، وضررا خالصا للقضية الفلسطينية مشروعا وتطلعا نحو الاستقلال ، وبعيدا عن أي فعل ظلامي ، يمكن عمل جردة حساب أولية بما حدث منذ لحظة الانقلاب وربما قبلها أيضا لمعرفة نتائج ذلك ' الفعل الكارثي' ذاته ..

والمعضلة التي لا يراها البعض مخاطر الفكر الإقصائي لما تمثله حماس مع الآخرين ، فهي لا تستطيع التعايش أو التوافق إن تمكنت ، لكنها تبحث عنه عند الحاجة والضرورة ، وهي مستندة بذلك لفكر حركتها الأم ' الإخوان المسلمين' ، وربما ما حدث مؤخرا في مصر والأردن نموذج على عدم القدرة الداخلية لهذا الفكر للتعايش مع ' حق الاختلاف' فبدأت عملية إقصاء مخالفيهم منهم ، فما بالك الموقف من غيرهم .. 

ذكرى الانقلاب ' تعيد مجددا مصير المنهج ' الإقصائي ' في الساحة الفلسطينية وكيفية مواجهته بعيدا عن مشاعر وعواطف تستلغها حماس في ظل حصار لقطاع غزة ، ربما لا يرفضه بعض منهم باعتباره أداة لاستمرار سيطرتهم بالقوة المسلحة ، وهروبا من نتائج صندوق الاقتراع المرعبة جدا لهم .. فكما رفض البعض سلوك فتح ' الاستثاري' في منظمة التحرير فلا بد من التصدي لمنهج أشد خطورة وضراوة على مستقبل العمل السياسي الفلسطيني ، المنهج ' الإقصائي' الذي تمثله حماس ، قبل الشروع في بحث آليات مصالحة ، نكرر القول أنها لم تعد آلية فلسطينية مطلقا ..

ملاحظة : مجددا الحديث عن ترحيل 300 شخصية سياسية مقدسية ، ناقوس يستحق الانتباه .. أبوعلاء مسؤول ملف القدس في منظمة التحرير تحدث .. لكن ربما يجب أكثر ..

تنويه خاص : أحسنت بلدة ' كفر ياسيف ' الفلسطينية في الجليل باستقدام رئيس وزراء فلسطين د. فياض بافتتاح مشروع باسم محمود درويش .. رسالة تعبيرية تحمل مشاعر عالية لوحدة شعب وسط الحصار العام ..

التاريخ : 14/6/2010