إحدى عشرة دقيقة ... أمريكية
تاريخ النشر : 2014-12-15 17:58

 كتب حسن عصفور / تطل ذكرى النكبة الأولى على الشعب الفلسطيني بكل ما مر بها هذه الأيام ، قتل وتشريد واغتصاب وطن وتهويد أرض ، تشتيت وشتات ، ذكرى تعيشها دولة الاحتلال وهي تصر على أن تكون كما البداية دولة عدوان وحرب واحتلال ، سمات لم تهتز فيها سوى أشهر محدودة ، تحت وطأة الانتفاضة الوطنية الكبرى للشعب الفلسطيني عام 1987- 1993 ، والتي أعادت 'وعيا' لحاكم إسرائيل ليعترف بالشعب الفلسطيني وبجزء من بقايا أرضه فلسطينية له الولاية عليها ، ومعترفا بما فعل كل شيء لنفيه وطمسه ، بممثل الشعب الشرعي والمنتفض بكفاح تاريخي ، تمكن عبره حماية هوية شعب ووطن .. أشهر فقط عاشتها دولة الاحتلال مختلفة عن ما كانت وما هي اليوم ..

وقعت برئاسة رابين اتفاقا تاريخيا مع الرمز الخالد ، أبو الوطنية الفلسطينية وقائد مشروع الاستقلال الوطني المعاصر أبو عمار ، يضع حدا لطموح وهيمنة عدوانية دولة ، وجاء ندمهم سريعا فاغتالوا رابين عقابا على ما  ليس بهم وليس منهم ، حاول رابين أن يضع حدا للحرب التي لن تنتصر بها دولة إسرائيل مهما امتلكت من قوة وجبروت على شعب قرر ألا يقهر أو يستكين مهما ناله الضعف والهوان أو أصاب جسده تمزقات وشروخ وغابت عنه الرؤية والوضوح لحظات زمنية ، فروح البقاء الفلسطينية لن تهزم أبدا .. وهي سر البقاء الدائم ..

تعيد دولة الاحتلال أيام قيامها على حساب شعب وأرض لفلسطين ، دون أن تتعظ بعد أنها لا تزال الدولة الأكثر كراهية في العالم ، والدولة التي لا تزال تجسد نموذج المحتل الأسود كما لم يعد هناك احتلال ، عنصرية وتطرف وتمييز وقهر وعدوان .. سمات تمنح دولة إسرائيل الدولة الأولى عالميا الفاقدة للأخلاق .. سمات لا شريك لها بها .. ومع هذا لا تزال تدير ظهرها للعالم بقانونه ومؤسساته دون خوف من عقاب ... معتمدة على ذلك الوعد الأمريكي الذي فعله الرئيس الأميركي ' وعد الإحدى عشرة دقيقة' زمن الاعتراف بدولة إسرائيل ..

فقط احتاجت أمريكا إحدى عشرة دقيقة لتعلن ' اعترافها' بدولة إسرائيل ، لتبقى منذ حينها الراعي الأبرز لدولة المحتل والعدوان ، والدولة التي تناقض كل ما تدعيه أمريكا برعايتها للديمقراطية وحقوق الإنسان ، فكل سلوك وفعل ونشاط إسرائيل يتناقض كليا مع ' دعاية أمريكا ' الدائمة .. لكن ' وعد الإحدى عشرة دقيقة ' كان أقوى من الدستور الأمريكي ، فالاستعمار والمعتدون والطغاة حيثما كانوا يتلاعبون بالقانون ونصوصه وفقا لمصالحهم .. تلاعبت أمريكا سنوات ولا تزال بخلق ' نموذج الدولة ' التي يحلم بها دعاة الحرية ، ويتجاهلون كليا أنها الراعي الأساسي لآخر دولة احتلال في العالم ، تحمي كل جرائمها وعدوانها وبطشها وقتلها لشعب أراد وما زال يريد سلاما بتنازل تاريخي عن غالبية وطنه التاريخي فلسطين .. أميركا ، صاحبة الوعد الإحدى عشرة دقيقة' هي التي تحرم فلسطين وشعبها سلاما وحرية واستقلالا ..

وعود أميركا نحو إسرائيل كانت على الدوام تجد طريق النفاذ بسرعة وسهولة ، بينما لم نجد وعدا أو قولا أميركيا لفلسطين مهما صغر شأنه حظا من التطبيق ، حتى لو حمل من التنازلات الفلسطينية ما حمل وما كان .. فعل ' الوعد الإحدى عشرة ' ما زال الأقوى والأبقى .. ورغم ما بدأ يخرج من تذمر وتململ من داخل المؤسسة الواشنطنية تجاه دولة تثير قرف العالم بسلوكها ، لكنه تذمر مبكرا القول إنه سيكون مؤثرا ، خاصة مع غياب التأثير الفاعل الجاد عربيا وفلسطينيا ..

إحدى عشرة دقيقة زمن أمريكي للاعتراف بدولة قامت على حساب أرض وشعب أخر ، ولا تزال فاعلة لحمايتها دون تردد ..

ملاحظة : كل الاعتذار للكاتب الإنساني الرائع ابن البرازيل كايليو لتشابه أحد أسماء رواياته الإنسانية مع ذات  الزمن الأمريكي اللاإنساني..

 

تنويه خاص : التهدئة الإعلامية بين فتح وحماس يتم اختراقها .. لكنها لا تزال خيرا مما كان فحافظوا عليها حتى نهاية ' الكارثة' ..أقل الإيمان ..

التاريخ : 19/4/2010