وبعد...!؟
تاريخ النشر : 2014-12-15 17:51

 كتب حسن عصفور / لم ينه ، بعد ، جورج ميتشيل جولته الشرق أوسطية ، وسيلتقي ثانية بطرفي الصراع التاريخي في المنطقة ، في محاولة منه لسحب البساط من تحت قدمي الطرف الفلسطيني مستخدما كل أشكال ' القوة الأمريكية' والتي يعرفها القاصي والداني ، فقد سبق تجريبها ضد الزعيم الخالد ياسر عرفات ، وخاصة بعد حرب الكويت واستعدادا لعقد 'مؤتمر مدريد' حيث تم سحب الطرف الفلسطيني بالإكراه السياسي عبر عملية حصار ضد المنظمة وزعيمها غير مسبوقة ، شارك بها كل من ' استطاع لها رغبة واشنطونية' ، واليوم تعود ملامح استخدام ' القوة ' مع إضافة عنصر إضافي في الاستخدام مستجد ، هو حركة حماس ..

لم ينه ، ميتشيل جولته بعد ، لكن ' غبار ' الرحلة يرتفع ويشتد أكثر من ذي قبل ، فما أشارت له المصادر الفلسطينية عن اللقاء الأول يوم أمس الجمعة ( 22من شهر يناير – كانون ثاني2010) كان محبطا أكثر من المتوقع ، لقاء حمل اشتراطات أمريكية لم يكن لها مكان سابقا ، بل على العكس ، فواشنطن في فترة سابقة تقدمت باقتراحات سمتها ' خطوات بناء ثقة' تقوم بها إسرائيل منها إجراءات ميدانية وإطلاق سراح معتقلين وإدخال مواد تموينية إلى قطاع غزة ، وإحداث تعديلات مهمة في الوضع داخل ' توزيع المناطق أ ، ب ، ج' ونقل بعض من هنا إلى هناك ـ اعتقد البعض أنه مقدمة تشكيل دولة مؤقتة بالأمر المباشر- .

ولكن يبدو أن 'خطوات حسن النوايا' هذه باتت اشتراطات أمريكية ، وبالطبع إسرائيلية ، ستأتي بعد استئناف العملية التفاوضية ، كلام بات مقلوبا بوضوح تام ، ولعل الطرف الفلسطيني الذي التقى ميتشيل أصابته ' صدمة' غير متوقعة بهذا الربط بين ' حسن النوايا ' و' التفاوض' ، خاصة أن واشنطن تقدمت بهذه ' الرزمة التجميلية' قبل أشهر ، ولكن يبدو أن الإدارة الأمريكية انتقلت إلى مرحلة جديدة في التعامل مع الطرف الفلسطيني ، بدأها رام عمانوئيل رئيس طاقم البيت الأبيض ، عندما هدد الطرفين بالابتعاد عن العملية السياسية ( هو تهديد فعلي للفلسطيني فقط ) ، ثم جاءت مقابلة الرئيس أوباما ذاته مع مجلة ( تايم الأمريكية) والتي اعترف بها أنه لم يدرك حجم الخلافات ولم يمنحها التقدير الكاف ، واستطرد على خطي كبير موظفيه بتهديد الانسحاب من العملية السياسية لعدم ' نضج الطرفين ' بعد لصناعة السلام ..

ولذا فما تحدث به ميتشيل ونقله باسم واشنطن ، يمثل نقلة ' تهديدية' جديدة ضد الموقف الفلسطيني ، تأتي في سياق ما بات يتم فعله في المنطقة ، ولعل المتابع السياسي لما يحدث سيرى ' مشهدا سياسيا' غريبا عندما قررت عدد من الدول العربية فتح أبوابها لخالد مشعل ، بعد هروبه وحركته من التوقيع على الورقة المصرية ، وكأن الرسالة السياسية لصانع القرار أن لا مصالحة ما لم ينكسر 'الاشتراط العباسي' التفاوضي ، بل وتصعيد التهديد باستخدام ' البديل المنتظر – المتشوق' ، و حركة البعض العربي ' المعتدل ' تجاه حماس لم تأت في سياق تعزيز ' المصالحة ' بل جاءت استخداما لغرض مختلف تماما ، بعضه ' فارسي المخاوف' وبعضه أمريكي الرغبة ...

ورغم نفي حماس لما تم نقله عن د.عزيز دويك فالنفي لم يأت شاملا محددا ، بل لجزئية ' لغوية' في الكلام ، تركزت على اعتراف حماس بإسرائيل ، وهو التلاعب الصحفي ، لكن النفي الحمساوي لم ينف 'اعتراف حماس بقبول وجود إسرائيل' كحقيقة سياسية وفقا لما قاله يوما السيد مشعل نفسه ، إلى جانب الحديث الذي تجاهله النفي الحمساوي حول ' تقادم ميثاقها ' ، وهي رسالة تحمل أكثر من دلالة ، جاء توقيتها في منتهى الأهمية لأمريكا وإسرائيل ، وطبعا بعض من بات يشعر بثقل القضية الفلسطينية ويريد ' التخلص من عبئها ' بأي شكل وعبر أي أداة ، وأمريكا تشارك بهذه ' المعركة الخاصة' بهدوء أحيانا وبصخب أحيانا أخرى ..

تلك ملامح بعض مما يحيط بالحال الفلسطيني ، ولكن الأغرب هنا استمرار ' المشهد العام ' الفلسطيني وخاصة الشرعية الفلسطينية دون أي فعل مبادر – هجومي تجاه ما يدور من ' لعبة سياسية' تتجاوز تباين وخلاف ، الموقف الرسمي الفلسطيني بات وكأنه موقف ' الجملة الواحدة' – اشتراط التفاوض بوقف الاستيطان- ، ومع أهميته القصوى ، لكنه ليس كافيا لصياغة موقف شامل هجومي مبادر قادر أن يمنع ' تكتل ' قوى الخصومة السياسية والتي تتسع حلقاتها ، رغم أن الفترة الماضية شهدت تطورا مهما جادا من أوروبا وللأسف تاه وسط أحداث أخرى ..

بات لزاما وقبل ، سرقة الوقت ، لقاء وطنيا خاصا وفقط لصياغة موقف شامل مما هو قادم وليس مما كان ، والابتعاد عن التمترس عند موقف الجملة الواحدة ، بات ضروريا محاصرة قوى ' الخصومة الجديدة ' بفعل واع ومسؤول ، وحركة ضمن رؤية سياسية شاملة تعيد الثقة بالموقف الفلسطيني المتآكل دوليا وعربيا .. الوقت لا ينتظر .. وطبعا لم يعد للعواطف مكان في عالم السياسة لمن يعتقد بعدالة القضية وفقط ..

ملاحظة : مبايعة القيادي البارز في حماس إسماعيل هنية علنا للمرشد الجديد للإخوان تأكيد على الارتباط الذي تجنبوه طويلا .. لكنه مؤشر على كونه بات المسؤول الأول لإخوان غزة .. لما لا ..

تنويه خاص : تولي د. غنام منصب محافظ رام الله والبيرة ، كأول امرأة فلسطينية ، نقطة سيحفظها التاريخ .. كم بها أشياء جميلة فلسطين رغم ' ظلامية ' البعض الخاطف ..

التاريخ : 23/1/2010