مفاوضات على الطريقة السورية.. أفضل
تاريخ النشر : 2014-12-14 15:52

 كتب حسن عصفور/ مجددا يذهب الطرف الفلسطيني كما الإسرائيلي إلى واشنطن للتباحث فيما تود إدارة أوباما العمل له ، إعادة المسار التفاوضي بعد توقف بقرار وطني فلسطيني في ضوء صعود حكومة التطرف والعنصرية الإسرائيلية واستمرارها في النشاط الاستيطاني و'تهويد' القدس ، إلى جانب رفض الجانب الإسرائيلي الالتزام بأي اتفاق أو تفاهم سابق .

الذهاب الفلسطيني الجديد، برئاسة د. صائب عريقات ، هو ذهاب مكروه حتى كل الظروف ، بل هو ذهاب غير مقبول وطنيا ووفقا لموقف الشرعية الفلسطينية خاصة خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة ومواقفه اللاحقة التي أعقبت ' اللقاء الثلاثي' حيث قال بوضوح لا بد من التذكير به قبل الذهاب إلى واشنطن وأيضا التمسك به ، فالرئيس عباس هو القائل بعد خروجه من ' اللقاء المكروه' :' إن الموقف الفلسطيني قبل وأثناء وبعد اللقاء لم يتغير' ونتمنى مع كل الشعب الفلسطيني أن لن يتغير ، فالتغيير لن ينتج سوى تدمير المستقبل الوطني الفلسطيني ، مشروعا وأملا ، ويفتح الباب مجددا لما هو منتظر من إلغاء الهوية الوطنية الفلسطينية بكل مكوناتها.. هو موقف مفصلي تآريخي يجب التفكير به من هذه الزاوية.

ولأن الكلام العام بات مرهقا للبعض الذي يبحث التوافق مع الولايات المتحدة في ظل إدارة أوباما سواء عربا أو من أبناء المشروع الفلسطيني ، ويصرون أن هناك ما لا يمكن القفز عنه و لا بد من التعاطي الإيجابي مع الجهود الأمريكية مهما كان هناك ملاحظات على موقفها العام ، طبعا والذريعة التي تساق أن لا إمكانية للتعامل السلبي وكفى ، هي مدرسة سياسية لها أنصار في الوسط الفلسطيني وكذا العربي بعضهم ولاء وبعضهم منفعة وآخرون حسابات ما ، فالضرورة تقتضي التفكير بطريقة أخرى ما دام لا إمكانية لوقف الذهاب إلى واشنطن.

 

ربما يجب على صانع القرار الفلسطيني بكل مكوناته ، منظمة وسلطة ، أن يعيد النظر في المسألة التفاوضية وفقا للظروف المستجدة بحساب سياسي ، انطلاقا من الأسس التي حددها الموقف الرسمي القائمة على :

تحديد واضح لمرجعية المفاوضات المقترحة المستندة إلى قرارات الأمم المتحدة والاتفاقات الموقعة بين الطرفين والتفاهمات التي جاءت نتيجة تفاوض طويل خاصة بالحل الدائم ، وخاصة تفاهمات طابا العام 2001.

تحديد سقف زمني واضح ومحدد إلى هذه العملية ، كي لا تعود دوامة ' التفاوض من أجل التفاوض' فالحياة بها تفاوض وتفاوض من نوع آخر كذلك.

التمسك الجاد بأن الاستيطان يشكل خطرا حقيقيا على أي عملية تفاوضية ، مترافقا وقفة تصد جادة – كفاحية للمخطط الإسرائيلي ضد القدس العربية أرضا ومقدسات وإنسانا.

وهناك من يرى ضرورة الانطلاق من قاعدة أن التفاوض يجب أن يكون من تحديد حدود الدولة الفلسطينية استنادا إلى حدود العام 1967 كنقطة بدء لي بحث له صلة بموضوع الأرض ( بالمناسبة وافق الطرف الإسرائيلي خلال مفاوضات ستكهولم برئاسة أبو علاء على هذا المبدأ قبل التدخل الأمريكي برئاسة روس لكسره لاحقا . .(

ولكن ومع هذا التحديد العام الضروري للموقف الفلسطيني ، فإن الشكل التفاوضي بذاته يشكل أهمية سياسية ، خاصة أن هناك شبه إجماع إن لم يكن إجماعا فلسطينيا أن حكومة نتنياهو لن تنتج سلاما دون فرض ، لذلك فالشكل هنا يرتبط بالمضمون ويصبح منه ، لذلك فقبل الذهاب إلى واشنطن ( سواء مكرهين أو راغبين فليس هي القضية الآن ما دام صاحب القرار يريده) يجب دراسة  فكرة التفاوض غير المباشر بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي في واشنطن ، مستفيدين من التجربة السورية بكل ما لها ونستفيد أيضا مما عليها ، لكنها تجربة مهمة تفرض نفسها في ظل الأزمة السياسية بين الطرفين ، خاصة أن الطرف الفلسطيني والشرعية الفلسطينية تدرك قبل غيرها أن التفاوض مع نتنياهو هو تفاوض عبثي بالطريقة القديمة ، ولا جدوى منه ولا نتيجة أيضا ، ولا يجوز فقط أن يكون هدف التفاوض هو عدم إغضاب واشنطن .

التفاوض غير المباشر هو الطريقة الأنسب ، في ظل الموقف الرسمي الذي سيذهب ، وأهمية هذا القرار السياسي تكمن في التجاوب الإيجابي مع الدعوة الأمريكية ، لكنها ستفرض على إدارة واشنطن بذل جهد حقيقي وجاد عبر هذا الشكل غير المباشر من تحضير ورقة مشتركة تحدد الأسس السابقة الذكر من أساس العملية وجدول أعمالها وسقفها الزمني ، وهو رسالة سياسية للشعب الفلسطيني أن الموقف الوطني لم ينكسر أمام ضغوط دولية وإقليمية، وكذلك إلى الداخل الإسرائيلي والعالم بأن الفلسطيني يريد التسوية السياسية شرط أن يكون هناك طرف إسرائيلي يريد وليس كما هو الحال من حكومة لا تريد تحديد أسس للتفاوض ولا جدول أعمال ولا سقف زمني ولا وقف كل ما ينهي فعليا مستقبل التفاوض ، حكومة تبحث عن تفاوض مفتوح..

لذلك فالموقف الفلسطيني بالتفاوض غير المباشر سيفرض معادلة جديدة للبحث الجاد والمسؤول ،وهو اختبار حقيقي للموقف الأمريكي وجديته .. ذلك سبيل يمثل مخرجا لكنه يحمي الموقف الوطني دون مغالاة أو تهم بالتطرف والتشدد وغاية في الاعتدال ..أما غير ذلك يكون نهاية لمرحلة تاريخية من المسيرة الوطنية الفلسطينية.

ملاحظة: يجب ألا يشكل تهالك حماس الاعتدالي عامل ضغط سلبي ، بل ربما العكس ..

التاريخ : 30/9/2009