حديث ديسكين .. ورسالته الأخطر
تاريخ النشر : 2014-12-13 15:18

 كتب حسن عصفور / احتل حديث رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية ' الشاباك' يوفال ديسكين مكانة واسعة في وسائط الإعلام المختلفة ، يوم أمس ، خاصة أنه اختص كثيرا بالشأن الداخلي الفلسطيني خلال لقاء مع سفراء إسرائيل بالخارج ، ما يبدو أن الحديث لا يقتصر فقط على شرح رؤية بل يحمل بعضا من توجيهات لمرحلة قادمة ..

الإشارة التي حازت مكانة واسعة في نقل الإعلام من كلام ديسكين تركز على نقاط مبرزها بشكل ملفت ، وتجاهلت تلك الوسائل الأهم مما جاء في الكلام .. فالحديث عن صفقة شاليط وكيف يراها رئيس المخابرات ، وهو الذي يتحكم بنسبة كبيرة في تحديد شروط ' الصفقة' باسم ' الأمن الإسرائيلي' ، قد لا ينتج جديدا  كما الحديث عن مكانة الرئيس عباس وخلافته وأسماء مختلفة ، متجاهلا عن عمد دور المؤسسة السياسية في الاختيار ، بل متجاهلا بشكل ملفت دور حركة فتح ذاتها في هذه المسألة وهو تجاهل ليس عن نقص معلومة ، فالرجل يرأس جهازا به ' فائض' معلومات عن الوضع الداخلي الفلسطيني ، ووسائله متعددة للوصول إليها ، لكنه تجاهل مقصود  بتغييب وجود مؤسسة فلسطينية قادرة على التعامل مع المتغيرات عند حدوثها .. وهو ما يمكن أن يسجل في سجل  الرئيس عباس الإيجابي لإصراره على عقد مؤتمر فتح السادس كدرع واقية أمام أي تطور سياسي , ولرسم ملامح قيادة واستنهاض شعبي ..

لكن التجاهل أمام سفراء إسرائيل كي تكون الرسالة الإسرائيلية قائمة على 'خطر الفراغ' السياسي ، و' خطر الانقسام السياسي' و' غياب الشريك السياسي' ، عناصر تحاول إسرائيل التلاعب بها ، وتختفي خلفها للتهرب من دفع ضريبة احتلالها وقمعها للشعب الفلسطيني أمام تنام حضور دولي لرفض استمرار الاحتلال بكل منتجاته الاستيطانية والتهويدية ، وصل إلى حد التعامل معها بأنها ' دولة غير أخلاقية' ، وهي الصفة التي تصيب إسرائيل بالهلع إذا ما باتت جزءا من ثقافة شعبية عالمية .. حدثت لها يوما خلال الانتفاضة الوطنية الكبرى للشعب الفلسطيني عام 1987 .. قبل أن تعمل بعض ما تذكر العمل الكفاحي متأخرا جدا بإدخال أشكال جديدة ألحقت ضررا تاريخيا بالكفاح الوطني الفلسطيني ( يحتاج هذا دراسة وتقييم من نوع جديد) ..

كشف ديسكين الرسالة التي يتحدث عنها كل طفل فلسطيني ناطق ، بأن الانقسام يقدم خدمة جليلة لإسرائيل ، وهو خير لها مهما كان تبريره والذرائع المستخدمة لاستمراره ، ولذا ستبقى إسرائيل الأكثر حرصا ، وفقا لهذه الشهادة ، لتغذية الانقسام بدماء جديدة كلما  اقترب من الموت .. رسالة تستحق القراءة بعمق شديد أولا من قيادة حماس المشغولة جدا بصفقة لن تنفعها وطنيا ، فشروطها باتت مذلة بل ومذلة جدا .. وهي رسالة لمن ينصر حماس مهما ارتكبت من ' جرائم سياسية' ، ولعلها تكون جرس إنذار للدكتور يوسف القرضاوي بأن يعتبر الانقسام واستمراره أكثر حراما من ' جدار ' لن يقطع الحياة ولن ينهي مشروع وطن ..

ولكن لما تجاهلت كثير من وسائل الإعلام إبراز ما نسبه ديسكين إلى المناضل مروان البرغوثي ، وتزويره ما حدث من أسباب المواجهة منذ العام 2000 ، كلام ديسكين هو رسالة اعتقال أبدي لمناضل احتل مكانته الشعبية لانخراطه في مواجهة حرب شنتها القوات العسكرية الإسرائيلية لتدمير ' المشروع الوطني' الفلسطيني ونواته الكيانية السلطة الوطنية ، إسرائيل التي قامت بحربها العدوانية ومن خلال ' حديث ديسكين تحاول خداع العالم وتزوير رواية عدوانها ، فمن خطط للحرب والعدوان كان براك بالاتفاق مع شارون قبل زيارة 'التدنيس'التي أرادها شارون للمسجد الأقصى .. ولو عاد ديسكين لأرشيف جهازه وقرأ ما تحدث به رئيس الجهاز الأسبق عامي أيلون لأدرك أن التخطيط والاستعداد للحرب بدأ في شهر فبراير ( شباط) عام 2000 ، تلك الحقيقة التي يتهرب منها كل إسرائيلي طمس رواية واستبدالها مستغلا ' سذاجة' البعض في صفوف الفلسطيني بالتفاخر الكاذب ..

حديث ديسكين عن أن مروان البرغوثي وليس ياسر عرفات هو المسؤول عن ما حدث ، ليس سوى قرار واضح أن لا إفراج عن مروان البرغوثي في الصفقة القادمة .. جملة غابت عن الحضور الإعلامي رغم أنها من بين الأهم فيما قاله ديسكين إلى جانب خدمة الانقسام الفلسطيني لإسرائيل وأمنها ..

ملاحظة : حماس عادت إلى عادتها القديمة .. مصر وسيط غير حيادي، ويبدو أن ذنب مصر إصرارها على قطع الطريق عن إسرائيل بالربح من الانقسام .. يااااااااه على المكذبة التي تسود ..

تنويه خاص : أصاب ببعض ' الخوف' بعد قرار تصدره ' محكمة إسرائيلية' لصالح الفلسطيني ، أشعر أنه يخفي قرارا به كارثة كبيرة.. الأمل أن يخيب الظن ويذهب ' الخوف' ..

التاريخ : 30/12/2009