بيان فتح خطوة مهمة لمنع الخطيئة
تاريخ النشر : 2014-12-13 14:49

 كتب حسن عصفور/ يوم عاصف كان الجمعة الثاني من أكتوبر شهدته فلسطين وما ارتبط بها ، فمن جهة كان ' فيديو شاليط ' حاضرا بشكل مثير جدا فاق خروج عدد من أسيرات الحرية إلى النور من براثن سجن احتلالي ظالم ، حتى وإن كان زمن خروجهن ليس بكثير بل إن منهن من رغبن أن يخرج غيرهن ، ( حماس كانت تهزأ سابقا من خروج أسرى لهم مدة بقاء أكثر فقط لأنها ليست طرفا .. معايير مزدوجة بشكل مثير ) ، ومع ذلك كان المشهد ' دقيقتان لشاليط شغلت إعلام العالم أجمع ، رسالة تفتح باب نقاش حقيقي في حضور المشهد الفلسطيني .

ومن جهة أخرى جاء الإعلان عن قرار تأجيل مناقشة ' تقرير غولدستون' أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف ضربة سياسية موجعة جدا ، كونها نالت موافقة الشرعية الفلسطينية ولم يكن كل ما تلى ذلك منها تفسير وتبرير يحمل أي معنى أو مصداقية ، فالتأجيل لشهر آذار( مارس القادم ) هو عمليا سحب بطريقة أخرى لحفظ ماء الوجه ليس إلا ، ولعل ردة الفعل الوطنية الفلسطينية من مختلف فصائل العمل الوطني شكل تعبيرا موحدا لم تشهده الساحة الفلسطينية منذ زمن ، حيث التباين الواضح بل والرافض لموقف السلطة الوطنية وقرارها ، ولأول مرة تحضر حركة فتح إلى هذا المشهد السياسي لتعلن تمايزها عن موقف السلطة .

بيان حركة فتح برفض قرار التأجيل والسحب وفقا لبيانها ، قد يكون هو الموقف الأكثر اهتماما عن غيره ، ليس بمضمونه المتوافق مع المجموع الوطني الفلسطيني ، فلا قبول ولا تفهم لهذا القرار مهما حاول البعض ' الرسمي' بحثا عن كلمات هنا أو هناك، أو التلاعب غيرالموفق بتاتا بين تعبيري ' سحب' وتأجيل' ، فموقف حركة فتح رسالة سياسية جديدة تقول بوضوح ساطع ، بأن هناك توجها لوضع خط فاصل بين حركة فتح كتنظيم سياسي بكل ثقله ووزنه ومكانته التاريخية وموقف السلطة الوطنية السياسي ، تلك المسافة التي انصهرت طوال سنوات طويلة ولم يكن بينهما فاصل لا سياسي ولا تنظيمي في غالب الأحيان ، بحيث تحملت فتح كل ما على السلطة من أخطاء وبعض الخطايا ، رغم كون الحركة هي العمود الرئيسي في تشكيل السلطة بكل مؤسساتها ، خاصة قبل خطف غزة وبناء ' محميتها' المتأسلمة .

الموقف السياسي الخاص بفتح ، بتواصله سيمثل قوة دفع جديدة لإضفاء حركية على المشهد الفلسطيني وروح الحوار الوطني ، وهو رسالة تمايز إيجابي وليس سلبيا كما يعتقد البعض ، وبالتأكيد لن يكون تناقضا بقدر ما هو ضمانة لحماية الموقف الوطني العام من ' تكتيكات' السلطة التي تتجه نحوها بحسابات الحكم وعلاقاته الإقليمية والدولية المعقدة والمتشابكة ، والتي لا تجد قبولا وطنيا حتى إن جاءت من ' باب الضرورة المحدودة' ، لذا رسالة فتح ، عبر بيانها، تحول إيجابي ومهم وسيشكل لاحقا قوة ' ردع' لسلوك سلطوي لم يكن يحسب حسابا للقوة الأكبر في الوزن السياسي بل يستند لها ما كان له انعكاس سلبي على السلطة أولا وعلى حركة فتح ثانيا ، من هنا يكون لموقف فتح قيمة مركبة التأثير .

الرسالة الوطنية الفلسطينية الجمعية ضد قرار التأجيل نقطة مهمة لمواصلة العمل على إعادة وضع ' تقرير غولدستون' على خارطة البحث السياسي الدولي ، ويجب الاستفادة القصوى من موقف ' منظمة العفو الدولية ' والطلب بنقله إلى مجلس الأمن الدولي لمناقشته ، لا يجب الصمت ويجب مواصلة الفعل لما صدر من بيانات ومواقف ، وهنا على ' تنفيذية منظمة التحرير ' أن تتحمل مسؤوليتها السياسية والقانونية أيضا تجاه ذلك وتعيد الطلب لمناقشته في مجلس الأمن ، خاصة أن منظمة التحرير هي  صاحبة ' الولاية ' على التمثيل الدولي بكل مكوناته ، وفقا للاتفاقات الموقعة من جهة ، واستنادا لشرعيتها التمثيلية العامة للشعب الفلسطيني.

الخطأ حدث بعيدا عن كل الأقاويل التبريرية ولكن تواصله سيصبح خطيئة سياسية سيكون ثمنها أخطر كثيرا في مرحلة لاحقة لحساب الموقف المعاد للمشروع الوطني العام ، في ظل تربص عدو وانتظار ظلامي.

ملاحظة : فرحة قادة حماس ومنتجها الإعلامي يوم أمس  هل حقا لخروج أسيرات أم لشيء آخر .. وهل ستكون بعد نشر ' المحاضر الكاملة للقاءات وفد حماس بالمبعوث الأمريكي في جنيف .. قريبا ستنشر .

التاريخ : 3/10/2009