الشرعية الفلسطينية ' تحت الخطر'
تاريخ النشر : 2014-12-13 14:22

 كتب حسن عصفور / في غمرة الأحداث المتلاحقة التي تشهدها فلسطين ، داخل الوطن وخارجه وخاصة المؤتمر السادس لحركة فتح بما له وعليه ، فقدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية نصابها القانوني بغياب المناضل د. سمير غوشة ، هذا الغياب الذي يضع الشرعية الفلسطينية تحت خطر سياسي مبكر .

يمثل فقدان النصاب القانوني للجنة التنفيذية ومع استمرار الخلاف مع فاروق القدومي ، مشكلة معقدة ومركبة في ذات الوقت للرئيس محمود عباس وللشرعية الفلسطينية ، وهي المرة الأولى منذ تأسيس منظمة التحرير التي تشهدها بفقدان نصاب قانوني لعملها ما يعني التشكيك بأي قرار لها خاصة في أجواء الخلاف العاصف الذي تعيشه الساحة الفلسطينية سواء مع حماس أو أبو لطف القدومي ، وكلاهما له مصلحة الآن في فقدان النصاب القانوني كل له حساباته الخاصة .

فحماس  تشن حربا لا هوادة فيها ضد منظمة التحرير تصل إلى درجة السخرية اللامحدودة من تمثيلها وحضورها ، إلى عدم الاعتراف بأي قرار لها وحاولت في لحظة زمنية وبدعم من حكومة قطر أن تشكل بديلا  لها عندما طالب بذلك خالد مشعل رئيس حركة حماس عبر خطابه الشهير في العاصمة القطرية عن تشكيل إطار جديد للتمثيل الفلسطيني ، لكن حسابه سقط سريعا تحت هبة شعبية وسياسية لم يحسب حسابها جيدا ( لضعف غدراكه العام بقيمة المنظمة وحضورها الخاص في الثقافة والوعي الفلسطيني) ، ولقد كشف د. موسى أبو مرزوق قبل فترة وخلال حوار القاهرة عن موقف حماس التشكيك بشرعية التنفيذية عندما قرر ( وفاة ) د. غوشة وهو ما زال حيا ، لكن كلامه كان تحضيرا لطارئ يأتي بعد غياب متوقع من جراء مرض خطير ( كانت سقطة إنسانية كبيرة من شحص د. أبو مرزوق ولم يعتذر عنها رغم ذلك ) فجاء كلامه رسالة مبركة لما سيكون موقف حماس ضد شرعية منظمة التحرير ، وهنا لا يجب الاستهانة بهذه المسألة كما هي عادة البعض المتنفذ في إدارة القرار الفلسطيني ، ما أدى إلى الحال الذي عليه الواقع السياسي والوطني العام للقضية الفلسطينية وشعبها الذي يعيش بين احتلال وتقسيم ، إرهاب إسرائيلي ورعب داخلي وفقدان الأمل برؤية مشروعه الوطني في الدولة والقدس عاصمة لها وحقه في تقرير مصيره حل قضية لاجئيه وفقا لقرار 194 باتت أبعد كثيرا مما كان عليه الحال قبل سنوات.

الشرعية الفلسطينية ' تحت الخطر' وهذا ما يجب إدراكه والعمل السريع لتجاوزه وبأقصى سرعة في إطار توافق وطني لفصائل منمظمة التحرير الفلسطينية والدعوة فورا لجلسة طارئة للمجلس المركزي لبحث ' مسألة النصاب القانوني وأثره على الشرعية الفلسطينية ' ، وتكشيل فريق عمل قانوني مصغر لدراسة السبل الكفيلة لمواجهة ذلك ، انطلاقا من القرار السابق للمجلس الوطني الفلسطيني الذي منح المجلس المركزي صلاحيات خاصة للقيام بدور المجلس الوطني في وضع محدد ، لكن ذلك يحتاج لتوافق فصائلي شرطا ضروريا له .

ومع انشغال الرئيس بمؤتمر حركة فتح السادس وما ينتظره من توقعات قد تشكل نقطة فصل تاريخية لحركة فتح نحو مستقبلها العام ، فذلك لا يمنع أمانة سر اللجنة التنفيذية القيام بالتحضيرات الضرورية لذلك والتنسيق مع باقي أعضاء اللجنة التنفيذية المتواجدين والتشاور مع الرئيس كي يتم العمل السريع لتجاوز ' عقدة النصاب القانوني ' .

المسألة تستحق عملا متواصلا وجهدا حقيقيا كي لا تصبح حصن منظمة التحرير تحت الطعن أيضا وتضاف إلى شرعية مضطربة كما غيرها من شرعيات ، وليتذكر الجميع كيف أن الزعيم الخالد أبو عمار خاض معركة المجلس الوطني الفلسطيني الـ17 وعقدها في عمان رغم كل الظروف السياسية المتصادمة معه في حينه خوفا من مصادرة ' النصاب القانوني ' للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أثر الانشقاق الذي حدث في حركة فتح بتشجيع طرف عربي واحتضانه  كمقدمة للسيطرة على القرار الوطني الفلسطيني المستقل في حينه ، فجاء عقد المجلس الوطني في عمان ليقطع الطرق على ' خطف القرار الوطني ' من بوابة النصاب القانوني . وكانت معركة سياسية هي الأصعب في مسار الحركة الوطنية حتى العام 1987 عندما عادت وحدة العمل في دورة مجلس وطني جديد .

الحذر واليقضة السياسية تتطلب الانتباه لهذا النقص القانوني فهو ضامن الشرعية السياسية قبل أي عامل آخر مهما كانت الوعود من هنا أو هناك .

التاريخ : 6/8/2009