شركاء وليسوا وسطاء
تاريخ النشر : 2014-12-12 18:45

في واقع المشهد الانقسامي وما ترتب عليه من معضلات ومشاكل وازمات متراكمة استفحلت وتوغلت بواقعنا الفلسطيني حتي أصابت كافة مناحي حياتنا الانسانية الاجتماعية الاقتصادية والسياسية في ظل انقسام طال دون مبرر وفي واقع خلاف لم يعد مقبولا وهو في حقيقة الامر غير مفهوم بأسبابه وأهدافه الا اذا تم اختصار الامر أن هناك خلاف ما بين برنامجين سياسيين مع أن هذا ليس مبررا او سببا جوهريا لاستمرار الخلاف اذا كنا نقر جميعا أننا في ظل مجتمع ديمقراطي فكافه الدول الديمقراطية تتألف بنظامها السياسي في ظل اختلافات واضحة ببرامجها السياسية الاقتصادية والاجتماعية .

من هنا لابد من الوضوح والصراحة المطلقة أن ما يجري في واقع الانقسام لا مبرر له ويسبب أضرارا واعاقة لمشروعنا الوطني التحرري  وأن كل ما يمكن أن يقال أو يبرر تحت أي ذرائع واسباب لا يلتفت اليها أحد وسيسجلها التاريخ أنها تمثل مصالح شخصية لأفراد أو جماعات ولا علاقة لها حتي ولو بالحد الأدنى لمصلحة فصيل وهي بالتأكيد تتنافي وتتناقض وتضر بالمصالح الوطنية والنضال الفلسطيني وتحقيق مشروعنا الوطني .

المشهد الفلسطيني القائم وحتي في ظل الانجازات السياسية التي تقربنا الي قيام دولتنا الفلسطينية المستقلة  نري بالمقابل واقعا انقساميا منفرا ومخربا لكل امكانية للتقدم نحو تحقيق حريتنا واستقلالنا الوطني .لان ما يجري يسير بعكس الطريق  .والتي لا يمكن أن يوصلنا الي تحقيق أهدافنا الوطنية الثابتة  في واقع نضال طويل تعمد بدماء الشهداء وتضحيات جسام قدمها شعبنا ولا زال علي درب الحرية والاستقلال .

ونحن في هذه الايام نعيش ذكري انتفاضة الحجارة كما ونعيش ذكر انطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ..كما ويمر علينا ذكري انطلاقة حركة حماس ..وبعد أيام قليلة سيأتي علينا ذكري انطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح  وقبلهم جميعا كانت ذكري حركة الجهاد الاسلامي  .انطلاقات فصائلية ..وانطلاقات شعبية ثورية كان اخر شهدائها الشهيد القائد زياد أبو عين  هذا السجل الحافل للعمل الوطني والاسلامي تواجد بالأساس من أجل فلسطين وشعبها وحرية أرضها  الجميع وقد تواجد من أجل الانسان الفلسطيني وتحقيق حريته وكرامته وتوفير متطلبات حياته  .لم تتواجد الفصائل والقوي السياسية حتي نقول بأن لدينا ما يزيد عن 12 فصيل  بل تواجد الجميع واستمروا طول سنوات ماضية بدماء شعبهم وتضحياته المستمرة  .شعبنا الذي قدم الكثير ولا زال  ايمانا بفلسطين وعروبتها وحريتها  ايمانا بحقنا بإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .

المساعي الحميدة والتي تأتي في اطار الواجب الوطني والمسئولية التاريخية  وما تناقلته وسائل الاعلام حول مبادرة حركة الجهاد الاسلامي والجبهتين الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب لوضع حد نهائي للانقسام القائم  وما ترتب عليه من تبعات ومصاعب ومعضلات لا زال شعبنا يعاني منها وعلي مدار اللحظة بكافة مناحي حياته  والتي طالت مسكنه ومأكله وملبسه حتي أنها طالت مقومات صموده ورباطه .

هذه المبادرة الفصائلية كان يجب ان تكون منذ زمن  ولكنها وقد جاءت نتمنى لها النجاح ليسوا كوسطاء  .ولكن بحكم أنهم شركاء الوطن  ومن حقهم وواجبهم ومسئولياتهم أن يدفعوا بكل قوة من أجل اتمام المصالحة وتمكين حكومة التوافق والسلطة الوطنية من بسط سيطرتها وولايتها والامساك بزمام الأمور بكافة وزارات ومؤسسات السلطة الوطنية والسيطرة علي كافة المعابر  والعمل بكل حرص من قبل الجميع علي اعادة الاعمار ..وايجاد الحلول لمشاكل سكان القطاع بصورة خاصة .

مبادرة هذه القوي السياسية تحتاج الي استجابة وايجابية ومسئولية عالية من قبل حركتي حماس وفتح  حتي نتمكن من طئ هذه الصفحة السوداء  وأن نعزز من مقومات قوتنا وصمودنا لمواجهه كافة التحديات .

القوي السياسية الخمسة التي بادرت بحكم مسئولياتها الوطنية والتاريخية هم شركاء وليسوا وسطاء  .والشراكة تتطلب أن يتوافق الجميع علي ما فيه مصلحة الوطن والمواطن وبما يحقق مشروعنا الوطني التحرري وأن تكون قضايانا واضحة ومحددة وأن لا تكون الكلمات تحمل اكثر من معني  حتي لا نبقي ندور حول أنفسنا  .ويغلط كل منا الاخر  .علي أن تكون البداية بتهيئة المناخ الاعلامي بعيدا عن المناكفات والتجاذبات  .وحتي أن تكون جلسات الحوار بعيدا عن الاضواء  وأن يخرجوا علينا جميعا بمؤتمر صحفي يعلنون فيه كرزمة واحدة عن حل كافة القضايا العالقة  وأن ألا تكون هناك جولات وجولات  .واتفاقية واتفاقيات ..وتفسير لما تم الاتفاق عليه  فالوقت ليس بصالحنا  ونحن أمام عدو لا يرحم وهو مقبل علي انتخابات  وبحكم تجربتنا مع هذا العدو فكل حكومة جديدة تريد أن تبرز ارهابها وعنصريتها لكسب المزيد من اليمين واليمين المتطرف .

يجب ترتيب أوضاعنا الفلسطينية وتحديد أولوياتنا . وأن نكون دائما بدائرة الفعل ..وليس الاستمرار بردات الفعل .

تمنياتي أن تسفر مبادرة القوي الخمسة بالنجاح ..والذي يغير هذا المشهد المأساوي الذي مللنا منه  وأصبح عائقا لكل امكانية لتقدمنا صوب حريتنا واستقلالنا الوطني  وحتي ينعم شعبنا بظروف انسانية اجتماعية اقتصادية وسياسية   أفضل علي طريق حريته واستقلاله واقامة دولته .