دور الإخوان والغنوشي في استقرار تونس
تاريخ النشر : 2014-12-11 10:01

كنت دائما أرى أن الانتماء الأيديولوجي السياسي هو واحد من عوامل عديدة تشكل الفكر والرؤية والسلوك للفرد. رؤاهما وسلوكهما يختلفان لثقافتهما وتجربتهما ولظروف تربيتهما. هذا ومع الإشارة إلى مستوى الوعي العام والتجربة النقابية للشعب التونسي، الذي تميز بثورته السلمية التي تأكدت استمراريتها، بعد تراجع حزب النهضة وفوز حزب نداء تونس في الانتخابات النيابية، لكن لا بد كذلك من الاعتراف بأثر شخصية وقيادة راشد الغنوشي في اعتدال وانفتاح الإخوان المسلمين في تونس. فالإخوان في تونس لم يتهموا أحدا بتزوير الانتخابات التي خسروها لحزب قريب من الفكر العلماني، بل أعلنوا التزامهم بمبدأ تداول السلطة، وحتى لم يتدخلوا في التنافس على منصب رئاسة الجمهورية التي ستجرى نهاية الشهر.

لا شك أن تاريخ الفكر الديموقراطي في تونس، يمتد إلى تأثير خير الدين التونسي، صاحب «أقوم المسالك في معرفة الممالك»، وإلى تأثير الانفتاح البورقيبي على نضج الشعب التونسي. لكن دور الغنوشي في تحقيق الاستقرار لتونس يجب ألا يهضم، فهو صاحب تجربة غنية، فقد بدأ حياته السياسية ناصريا، عندما كان طالبا في كلية الزراعة في جامعة القاهرة، اضطر بعدها إلى أن يتحول للدراسة إلى دمشق، بعد أن ساءت العلاقة بين عبدالناصر وبورقيبة، حيث درس الفلسفة، ثم أكمل دراسته العليا في جامعة السوربون في باريس. ومثله مثل ملايين العرب، شكلت هزيمة 67 صدمة له، كان لها الأثر الكبير في تحوله نحو التيار الإسلامي، عززت ذلك دراسته الثانوية في جامعة الزيتونة، إضافة إلى تأثير تربيته الدينية.

نشر الغنوشي أكثر من عشرة كتب، لعل من أهمها «الحريات العامة في الدولة الإسلامية». وقد بدا إيمان الغنوشي بمبدأ تداول السلطة، وفهمه العميق لمضمون الديموقراطية واضحا في مقالة نشرها في النيويورك تايمز بتاريخ 19ـ 11ـ 2014، حيث يقول: في ظل هذه المتغيرات التي تجتاح المنطقة العربية، فإنه نكون مخطئين إذا نظرنا إلى الصراع السياسي على أنه أيديولوجي فقط، مكونين الانطباع على أن هناك أحد الخيارين: إما علماني أو إسلامي. بينما الحقيقة أن الصراع هو بين الديموقراطية والاستبداد. ويضيف: ان الديموقراطية هي أكثر من مجرد انتخابات، وأن حزب النهضة يدعم سلطة مدنية قوية.

إذا كان هذا فكر التيارات الإسلامية، ففرص الحوار قوية مع التيارات الأخرى. لكني أجزم أن فكر الغنوشي وسلوك حزبه في تونس، مرفوضان من تيارات «علمانية» و«إسلامية».

عن القبس الكويتية