ثالوث نيتنياهو الجديد
تاريخ النشر : 2014-12-11 09:47

على الرغم من التنازلات المفجعة التي قدمتها " منظمة التحرير الفلسطينية " والمتمثلة بإلغائها للميثاق الوطني الفلسطيني ، واعترافها بدولة الكيان الصهيوني ، وتوقيع قادتها على اتفاقية اوسلو ، تلك الاتفاقية التي جسدت الاعتراف الفعلي والرسمي بدويلة الكيان المغتصب على ارض الواقع من قبل منظمة وُجدت أصلاً لتحرير فلسطين كل فلسطين بحدودها التاريخية !! ودون حصول " المنظمة " على أكثر من تعيينها شرطياً مهمته حفظ أمن هذا الكيان وتثبيت وجوده الرسمي على ما نسبته 78 % من أرض فلسطين التاريخية على أن تخضع نسبة ال 22 % المتبقية من أرض فلسطين التي أحتلت سنة 1967 للمفاوضات ، على أمل أن يعترف الكيان الصهوني بحدود دولة فلسطينية مقزمة يسعى إليها رواد السلام الكاذب وأبطال أوسلو والتي وإن تحققت ستكون صفعة قوية في وجه التاريخ وتمزيقاً حقيقيا لكل خرائط العالم من عهد اليبوسيين والكنعانيين حتى وقتنا الحاضر ، أما سياسياً ، فقد اكتسبت المنظمة مكسبها الكبير حين قام الكيان الصهيوني بالاعتراف بها ممثلاً شرعيا للشعب الفلسطيني واستبدال تسمية رئيسها ليصبح رئيساً لسلطة الحكم الذاتي أو ما اصطلح على تسميته فيما بعد " السلطة الوطنية الفلسطينية" أو " السلطة الفلسطينية " يساعد رئيسها في الأمور التنفيذية مجموعة من مسيري الأمور أو ما اصطلح على تسميتهم بالوزراء ، وما عدا ذلك لا شيء يدل على اعتراف الصهاينة بالكيان أو " بالدولة " الفلسطينية وترك أمر ذلك لحلبات مفاوضات الوضع الدائم بين طرف قوي تسانده امبراطوريات الشر في العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبين طرف ضعيف لا يستطيع حتى الحصول على مساندة من يدعي تمثيلهم بغالبيتهم التي تتوزع في الشتات وفي كافة بقاع الأرض .

وعلى الرغم من كل ما سلف وبعد الفشل الصارخ للمفاوضات التي مضى على بدئها بين الصهاينة وسلطة اوسلو عشرين عاماً ، وبعد أن كشفت دويلة الكيان عن فكرها وهدفها بإعلانها دولة يهودية ، يخرج علينا رئيس وزراء الكيان الصهيوني بثالوثه القديم الجديد أو ما وصفه بركائز السلام الثلاث التى تمثل برنامجه لانهاء النزاع بين الفلسطينيين والصهاينة وتلك الركائز تتمثل في اعتراف حقيقي متبادل وانهاء لكل المطالب بما فى ذلك حق العودة مع ضمان أمن اسرائيل على المدى الطويل ، فالأمن شرط مسبق وأساسي لإبرام أي اتفاق ، محملاً في الوقت ذاته رئيس السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن فشل الجولة الاخيرة من المفاوضات!! حيث قال فى كلمته التي القاها قبل أيام فى بث مباشر عبر الوسائل الالكترونية لمنتدى مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط فى واشنطن الموالي ل "اسرائيل" أن " المحادثات انتهت لان الفلسطينيين ارادوا لها ذلك .. ولأن عباس فضل ابرام اتفاق مع حماس على استمرار وإنجاح المحادثات مع "اسرائيل" " وذلك وفقاً لما ورد في صحيفة يديعوت احرونوت والتي شدد نيتنياهو فيها على أن " لا سلام دون أمن حقيقي ولا أمن حقيقي دون وجود طويل الأمد لقوات جيش الحرب الاسرائيلي لضمان هذا الامن ... فهو من خلال ذلك يسعى وبكل قوة لتجسيد الاختلاف الفلسطيني ليكون واقعاً ولن يرضيه شيء قبل أن يرى اقتتالاً قد وقع بين فتح وحماس وبهذا يكون قد كسب مفتاحاً آخر من مفاتيح هيمنة الكيان البغيض على أرض فلسطين .

ركائز نيتنياهو أو ثالوثه وزلازله غير القابلة للنقاش لا يشير فيها لا من قريب او بعيد عن توفير الأمن للفلسطينيين في ظل استمرار بقاء جيش الحرب الصهيوني على ما سيتبقى من فلسطين ، فدويلة فلسطين لن تتعدى كونها دويلة مسخة لاسيطرة لها على الحدود التي ستخضع للسيطرة الصهيونية وسيطرة جيش الاحتلال الصهيوني وهو بهذا يؤكد بشكل قاطع ما كرره في اكثر من مناسبة أن أكثر ما يمكن أن يوافق عليه هو منح الفلسطينيين حكماً ذاتيا لحكم أنفسهم دون أن يكون لهم سيطرة حقيقة على الأرض وايجاد شريك فلسطيني في ادارة الصراع الصهيوني الفلسطيني من خلال المفاوضات ، والسؤال عن أي اعتراف حقيقي متبادل يتحدث نيتنياهو ، ألم يحصل الكيان الصهيوني على الاعتراف الكامل والحقيقي بنصوص معاهدة اوسلو ، أم انه يهدف بالاعتراف تحقيق حلمه وحلم الصهاينة القديم الجديد بالاعتراف بدولة الكيان الصهيوني كدولة يهودية وبما يهدد وجود من من بقي من الفلسطينيين على أرضهم التاريخية منذ عام 1948 على اعتبار أنهم أقلية لا حقوق لها تعادل حقوق اليهود ، وهو بهذا الاعتراف يسعى إلى نسف حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة ، هذا الحق الذي كفلته الأمم المتحدة وفق القرار (194) وإفراغ ذلك القرار من مضمونه إلى غير رجعة ، وهذا يتضح بشكل جلي من ركيزته القاضية بإنهاء كل المطالب بما في ذلك حق العودة ناسياً ومتناسياً أن مثل هذا الحق هو حق شخصي لا يسقط بالتقادم أو بالتنازل أو بالوكالة ولا بالقرارات والتعهدات والاتفاقيات ، إذ كيف لذلك الحق أن يلغى مقارنة بالفلسفة الصهيونية التي بررت اغتصاب فلسطين بناءً على وهم يردده الصهاينة حول حقهم التاريخي بفلسطين فإن كانوا قد سعوا لتحقيق وهمهم ذاك ، فكيف لأصحاب الحق أن يتخلوا عنه .

ولعلني بهذه العجالة أوجه سؤالاً حول كيفية التعامل مع هذا الثالوث ، فكل المؤشرات والمواقف الصهيونية تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك رفض الصهاينة لحل الدولتين ، ورفضهم منح الفلسطينيين اي سلطة على الأرض يتجاوز حقهم في حكم انفسهم حكماً ذاتياً دون سيطرة لهم على الأرض ، فتلك الأرض في معتقدهم هي أرض اسرائيل والتي لن تتوقف حدودها على حدود أرض فلسطين التاريخية بل تتعدى ذلك لحلم تحقيق إسرائيل الكبرى كما هو في علم دولة الكيان الصهيوني من النيل إلى الفرات ،،، فهل نستيقظ من أضغاث المفاوضات ونعتمد ونطور ثقافة وأسلوب واستراتيجية المقاومة لتحقيق الحقوق المشروعة ، لعل وعسى .