غزة البقعة الأكثر تحملا
تاريخ النشر : 2014-12-10 15:36

معاناة غزة المستمرة و المتواصلة بفعل اجراءات الاحتلال الإسرائيلي طالت دون مؤشر لإنهاء سنوات اقتربت من 9 من عمر حصار جائر ضرب أوتاده حول قطاع غزة , ومنع بذلك دخول أو خروج الأفراد إلا بصعوبة بالغة و لأعداد محدودة من المرضى , والتجار , والبعثات الدولية التي توافق على دخولها سلطات الاحتلال وفى جانب آخر تمنع خروج وزراء حكومة الوفاق الوطني لحضور اجتماعات الحكومة الفلسطينية الأسبوعية .
تسيطر دولة الاحتلال على المعابر الحدودية وجميعها مغلقة أو تعمل بشكل جزئي كمعبر كرم ابو سالم المعبر التجاري الوحيد بين قطاع غزة و الداخل الفلسطيني المحتل ويفتح يوميا لمرور مئات الشحنات الواردة إلى غزة , وغالبا ما يغلق بفعل الأعياد اليهودية وهى كثيرة وتمتد لأيام , أو بفعل أي اجراء أمني يبرر لإغلاقه وما ينتج من تداعيات تؤثر على المواطن الفلسطيني في غزة , وهناك معبر رفح البري وهو المعبر الرئيس بين قطاع غزة وجمهورية مصر العربية ومنه للخارج هو الآخر مغلق منذ فترة طويلة وتسبب اغلاقه في معاناة آلاف من الراغبين بالسفر للعلاج أو الدراسة في الجامعات المصرية أو في بلدان أوربا , أو ممن يقيموا و يعملوا في دول العالم , لم يتمكنوا من المغادرة بسبب اغلاق المعبر نتيجة للأوضاع الأمنية السائدة في شبه جزيرة سيناء.
وبذلك جميع المعابر مع غزة مغلقة , موصده , أو يفتح أحدها جزئيا وقابل للإغلاق في أي لحظة  وتبقى غزة تأن تحت وطأة حصار واغلاق وخنق , بحيث لا تكاد بقعة في العالم الحر تعيش الأوضاع المأساوية والمعيشة السيئة القائمة في غزة بفعل اجراءات الاحتلال الإسرائيلي.
انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي من غزة في سبتمبر من العام 2005م , حينها شعر سكان قطاع غزة لأول مرة منذ احتلال العام 1967م أن غزة حرة , وبدون مستوطنين و لا مستوطنات , ولا دوريات احتلالية تداهم و تعتقل على حواجز الموت و التضيق التي كانت قائمة تفصل محافظات غزة عن بعضها البعض , حينها تحرك المواطن بحرية وبلا قيود , ومع مرور عام وفى يونيو من العام 2006م حاصرت سلطات الاحتلال قطاع غزة ومنعت دخول مئات الأصناف الضرورية ومنها من يدخل في الصناعات المحلية وبالتالي اصيبت مئات الوحدات الانتاجية بالشلل التام , وبات آلاف ممن يعملون بها دون مصدر رزق واصاب الكثير من القطاعات الحيوية والمهمة بمقتل ومنها قطاع الانشاءات , والكهرباء , والماء , والصرف الصحي ,و الصحة وما فاقم الأوضاع سوءا الحروب الثلاثة المتعاقبة على غزة التي كان لها تداعيات أخرى بالإضافة لتداعيات الحصار الجائر , وأخرها حرب يوليو 2014م الأخيرة جاءت لتزيد من مشاكل غزة وتغرقها بأزمات لا حصر لها يتحملها المواطن الفلسطيني يوميا ومنها الملف العالق والطارئ ملف اعمار غزة الذى لم يراوح مكانه منذ تنظيم مؤتمر المانحين في العاصمة المصرية القاهرة منتصف أكتوبر من العام الحالي 2014م , دون وجود أفق مع تزاحم التصريحات حول الموضوع تحدد تاريخا لانطلاق أعمال إعمار غزة وهذا لم يحدث حتى الآن لأسباب تختلف باختلاف المعنيين بملف الإعمار , ويبقى الاحتلال واجراءاته حاضرا و بقوة , مساهمة في حالة البطء الشديد المصاحبة لملف حيوي بالنسبة لقطاع غزة مع التشديد على دخول الإسمنت ووصوله للمواطنين , بعد 60 يوما على مؤتمر المانحين لم تدور رحى إعادة إعمار غزة , غزة تحتاج لمن يكافئها على صبرها و تحملها ما لا يحتمل من أوضاع مأساوية لامست كل مناحي الحياة المعيشية. ولا تنتظر من يزيد معاناتها وأزماتها , وهنا مسؤولية وطنية تتطلب من حكومة التوافق الوطني العمل على إيجاد حلول منهجية للأزمات والاشكاليات الطارئة ورفع المعاناة عن المواطن الفلسطيني في قطاع غزة كجزء من الوطن الفلسطيني المحتل بات منسيا ومهملا من عالم جائر يدعم الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته العنصرية وخاصة في ملفى حصار غزة , والتقاعس في ملف إعمار غزة , وبالتالي لا يكاد يوجد بقعة في العالم تعيش أوضاع غزة الصعبة ويصمت عليها من يقودون دول تتغنى بالديمقراطية و الحرية و تنادى بتطبيق أسس للسلام العالمي وهذا من صميم عمل مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة لكن عند ما يخص القضية الفلسطينية تنقلب المعايير الدولية و تختلف , وتتساوق مع عدو محتل غاصب هو السبب الرئيس لما نعانيه في قطاع غزة , والضفة الغربية بما فيها القدس , والداخل الفلسطيني المحتل .
لأجل غزة : جنبوها الكثير من الويلات و الأزمات لأنها لم تعد تحتمل أكثر , توحدوا و اقذفوا بخلافاتكم للبحر لعله يقذفها بعيدا وكنوا على يقين أن هنالك شعب حي يحتاج لمن يرعى شؤونه , ويقوم بمسؤولياته التاريخية , وحدتنا سر قوتنا أمام احتلال يحاصر غزة , ويمنع اعمارها , ويخترق التهدئة ويستبيح كل شيء ,لنعمل معا فصائل وطنية و اسلامية و أحزاب , وجمعيات ومؤسسات مجتمع مدنى لأجل رفع المعاناة عن غزة وتغليب المصلحة الوطنية العليا والانصات لصوت العقل و المنطق في حل أي خلافات او اختلافات تطرأ.

هنالك حراك سيأسى دولي لأجل فلسطين الدولة وذلك يدعونا و إن اختلفت وجهات نظرنا لأى سبب أو معتقد كان أن نتوحد ونرفع صوت فلسطيني موحد يخرج برؤية واضحة تدعم المشروع الوطني و التخلص من الاحتلال البغيض و اجراءاته للأبد , ولن يكون ذلك الا بالوحدة الوطنية و الصوت و الموقف الموحد .