كلام الإنقسام من جديد!!!
تاريخ النشر : 2014-12-09 21:49

علامات على الطريق

من الآن فصاعداً، سوف نسمع من حركة حماس، و من قياداتها المفروزين للإعلام، نفس الكلام القديم الذي فقد معناه و فقد مصداقيته لتناقضه الشديد مع الواقع الذي يعرفه جميع الناس في الساحة الفلسطينية، و هو الكلام عن اختلاف البرامج و تناقض البرامج تبريراً للانقسام الذي وقع منذ أكثر من سبع سنوات، و يتضح الآن أن أهل الانقسام و صانعيه عاجزون تماماً عن الخروج من حفرته، و كلما امتدت لهم يد الشرعية الفلسطينية لتنقذهم من حفرة الانقسام أخذوا يصرخون تماماً كمن تعود أن يعيش في كهف مظلم لفترة طويلة، فحين نخرجه من العتمة إلى ضوء النهار تؤلمه عيناه فيصرخ بأنه يفضل الظلام.

حديث الانقسام يتواصل تحت عناوين زائفة مثل ادعاء برنامج المقاومة و برنامج المفاوضات، و كأن المفاوضات التي أجرتها حماس قبل عهد محمد مرسي و بعد عهد محمد مرسي لا يعلمها الناس، و هي اليوم مستمرة بأشكال أخرى، و هي مفاوضات وصلت إلى حد القبول بالدولة ذات الحدود المؤقتة، و بأن يخرج قطاع غزة من فضائه الفلسطيني و مساره الفلسطيني و يقذف به في صحراء سيناء، و أن يكون قطاع غزة هو الدولة الفلسطينية بل لا بأس أن يطلق عليه الخلافة الإسلامية، المهم أن لا يتقدم المشروع الوطني الفلسطيني الذي ينضوي تحت لوائه الكل الفلسطيني باستثناء حماس.

يتباكون هذه الأيام بدموع التماسيح على الكفاح المسلح، مع أن القاصي و الداني يعرف أن الأخوان المسلمين الفلسطينيين و غيرهم، ظلوا على امتداد اثنين و عشرين سنة خارج الثورة الفلسطينية المعاصرة، و خارج الكفاح المسلح الفلسطيني في اعظم اطواره، و لم يكن لهم عمل سوى مهاجمة الكفاح المسلح و اعتباره غير شرعي لأنه لا يتم تحت لواء أمير المؤمنيين، و يهاجمون شهدء الكفاح المسلح بصفتهم ليسوا شهداء لأنهم شهداء من أجل الوطن، و الوطن و الوطنية في فقههم كفر مباح.

في العلاقة الوطنية مع حماس، فإن المصالحة لم تتحقق و لا للحظة واحدة، بل إنه في الذكرى السابعة و العشرين للإنتفاضة الأولى التي كان من بين نتائجها المبهرة السقوط النهائي للإنكار الصهيوني لوجود الشعب الفلسطيني، استطعنا من خلال نتائج الانتفاضة أن نجبر إسرائيل على توقيع آتفاق مع منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الفلسطيني، و كانت الانتفاضة قد أسقطت كل المحاولات الخبيثة لضرب وحدة التمثيل و هي المحاولات التي تورط فيها كثيرون و على رأسهم حماس، التي لم ينجح الكل الوطني طيلة سنوات الانتفاضة أن تنضوي حماس تحت لواء القيادة الموحدة للانتفاضة بل ظلت نشاذاً يجدف ضد التيار الوطني الرئيسي الذي يريد الاستقلال و الدولة المستقلة.

الحالة الفلسطينية اليوم تصعد إلى الذروة على مستوى المشروع الوطني، و الاضطراب بدأ يتوسع في صفوف العدو، و نتنياهو حاول حتى اللحظة الخيرة الإفلات من تجربة الانتخابات المبكرة و لكنه لم ينجح، و بالتالي نحن نتوقع تجربة صعبة في هذه الانتخابات التي تقرر موعدها في السابع عشر من آذار القادم، و قد رأينا بوادر لمزايدات بين أطراف اللعبة، فهناك رشوات مبالغ فيها للإستيطان و المستوطنيين، و هناك تهديدات تافهة بضم الضفة الغربية، و هناك محاولات إسرائيلية للإفلات من اللحظة الخانقة ربما إلى مغامرات عنف جديدة تولد ضد شعبنا الفلسطيني أو ضد المنطقة بوجه عام، و كان الأمل أن تكون حماس ضمن السرب الوطني لمواجهة هذه التحديات، و لكن حماس تتحدث عن كل شيء إلا وحدة الموقف الفلسطيني، و هي ترمي وراء ظهرها تلك المكاسب التي يحققها الشعب الفلسطيني على المستوى السياسي، و هذا الحجم من الانتباه العالمي للقضية الفلسطينية، و تفتعل قضايا زائفة أخرى، مثلما حدث في تفجيرات غزة، و في البيانات الصادرة في غزة بإسم داعش، و في الحديث عن انتهاء صلاحية حكومة التوافق، و بقية المسلسل الكلامي الذي لا يصدقه أحد، ضاربين بعرض الحائط بكل الآلام التي سببوها لأهلنا في قطاع غزة، و مصرين على أجواء التوتر و الهجوم البشع و صب النار في جراح الشعب الفلسطيني في قطاع غزة كما لو أنه رهينة و ليس هو الشعب صاحب القضية، فكيف توجه حماس كل الاتهامات بحكومة التوافق بالتقصير، و هي لا تسمح بأية صلاحيات لهذه الحكومة؟؟؟ هذا السؤال يطرحه كل إنسان في قطاع غزة، لأن الناس يعرفون تفاصيل التفاصيل، لأن هذه التفاصيل هي حياتهم التي لا يمكن أن يخدعهم بشأنها أحد.

حماس ترفض اليد الوطنية التي امتدت لها، و مستمرة في لعب الدور السلبي لصالح جهات لا علاقة لها بالشعب الفلسطيني و قضيته، إنها عملياً تعود إلى حظيرة الانقسام الأسود من جديد.

[email protected]

[email protected]