تقرير : غزارة الاشاعات في الساحة الفلسطينية تجرح الواقع وتقلق المواطن
تاريخ النشر : 2014-12-09 18:10

أمد/ غزة – خاص : انتشرت الأسبوع الماضي اشاعة مفادها أن الرئيس محمود عباس أصيب بجلطة دماغية ، مما حدى برئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية اللواء ماجد فرج ، بمغادرة مكتبه والاتصال بالرئيس شخصياً ، وتم اقناع عباس بالنزول الى شوارع رام الله ، ودخول بعض المحال التجارية لنفي هذه الاشاعة ، ولكن مصادر هذه الاشاعة لم تكتفي بالصور التي نشرتها الوكالة الرسمية "وفا" عن جولة الرئيس فنقبت في اراشيف كبريات المواقع الألكترونية لتصل الى دليل يتماشي مع خطورة اشاعتها أن هذه الصور قديمة وليست حديثة ، ورغم ذلك بادر البعض بتزوير تواريخ الصور عبر برنامج الفوتشوب لينعش الاشاعة ، وزاد في الاشاعة اشاعات أخرى ، كان أقواها إقالة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبدربه ، معطوف عليها إشاعة إقالة محافظ طولكرم اللواء عبدالله كميل بسبب خلافاته مع حركة فتح بالمحافظة.

هذه الشائعات وغير أحدثت حالة إرباك وعدم رضى عند العامة من الناس ، رغم كثرة همومهم وانشغالاتهم ، وفجرت عندهم السؤال الكبير ، ماذا لو كانت هذه الاشاعات صحيحة وما مستقبلنا السياسي بغياب الرئيس عباس ؟

نائب نقيب الصحفيين في قطاع غزة الدكتور تحسين الأسطل ، قال لـ (أمد) : من خلال متابعتي لما يجري في الساحة الفلسطينية ، فأن الاشاعات المروجة تخدم اسرائيل كدولة تقوم على تفكيك المجتمع الداخلي الفلسطيني ، وإحداث أكبر مساحة من الانشغالات البعيدة عنها وعن مخططها الاستيطاني ، والقمعي الموجه في القدس ، وهذه الظاهرة ( الشائعات) بدأت تظهر بعد سلسلة عمليات طعن في القدس والمناطق التي يسيطر عليها الاحتلال ، ولإنهاء هذه الحالة لابد من إثارة مناطق أخرى لينشغل فيها المواطن الفلسطيني ، وتقوم هي باستخدام اساليبها القمعية لإنهاء عمليات الطعن والدهس ، ولذا يجب أخذ الحيطة والحذر وعلى الاعلام أن يتحمل مسئولياته الوطنية والاخلاقية ، وأن يفهم دقة المرحلة التي يمر بها شعبنا ، وقياداتنا التي تشد رحالها عم قريب الى المؤسسات الدولية ، وسحب دولة الاحتلال الى منظمات حقوقية وقضائية لمحاكة قاداتها بالجرائم المرتكبة بحق شعبنا وخاصة في قطاع غزة ، ولأن اغلب الاشاعات مصدرها إعلام حزبي معين فيجب التوقف فوراً عن مثل هذه الاشاعات وتسييج جبهتنا الداخلية ، وعدم اعطاء الاحتلال فرص الانقضاض على شعبنا ، وتفكيك نسيجه الوطني والمجتمعي ، وضرب استقراره المعنوي "

وكان موقع "الرسالة نت" قد نشر تقريرا مفاده أن الرئيس محمود عباس أخذ قراره النهائي بإقصاء أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، ياسر عبدربه ، وجاء في تقرير أحد صحفييها :" كشف مسؤول رفيع المستوى في السلطة، عن تصاعد حده التوتر في العلاقات بين رئيس السلطة محمود عباس، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه.

وقال المسؤول، في تصريح خاص بـ"الرسالة نت"، الثلاثاء، إن: "العلاقات بين الرجلين شهدت تطورا خطيرا، خاصة بعد وصول معلومات رسمية لعباس بإجراء عبد ربه لقاءات سرية مع مسؤولين في الإدارة الأمريكية وشخصيات مرموقة داخل الأوساط "الإسرائيلية".

وأوضح أن عباس طالب عبد ربه أكثر من مرة بعدم إجراء أي لقاءات سرية مع شخصيات أمريكية أو "إسرائيلية" إلا بعد علم السلطة الفلسطينية بها، لافتاً إلى أن عبد ربه رفض تلك الأوامر وأجرى لقاءات سرية في العاصمة الأردنية عمان والقدس المحتلة.

وشدد المسؤول، أن عباس غاضب جداً من عبد ربه، وأصدر قرارا رسميا ينتظر التنفيذ فقط بإقالة عبد ربه من منصبه الحالي في رئاسة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير .

ولفت إلى أن عباس استشار بعض المقربين منه بقرار إقالة عبد ربه ووجد موافقة كبيرة على القرار، متوقعاً أن يتم تنفيذه مطلع العام المقبل" .

يرد عبد ربه على ما نشر بقوله :" هذا كلام غير صحيح ، والمستهدف منه استقرار منظمة التحرير الفلسطينية ، وإحداث بلبلة في المجتمع ، وما يثار من اشاعات تهدف بقصد او بدون قصد الى تحصين حكومة نتنياهو من الانهيار ، ونقل ميدان التوتر الى الساحة الفلسطينية ، والعبث بأمن المواطن ، ويجب التوقف عن هذه الاساليب الغير مهنية التي تقوم بها بعض الوسائل المحسوبة على الشعب الفلسطيني ".

فيما يرى عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني وليد العوض ، أن اثارت الاشاعات في المجتمع الفلسطيني وبهذه المرحلة بالذات  تعكس مدى التجاذبات السياسية الداخلية ، وخطر تمديد فترة الانقسام الداخلي ، وهذه الشائعات تهدف الى ضرب التعاطف الدولي مع قضيتنا الوطنية ، خاصة في هذه الفترة التي تتزايد فيها الدول التي تنوي الاعتراف بالدولة الفلسطينية ، كما تهدف الى زيادة حالة الارباك ، لتنتقل من مكان الى أخر ، لضرب وحدة شعبنا ".

واضاف العوض بإتصال مع (أمد) أن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، يجب أن تقف عند مسئولياتها لمعالجة رزمة الملفات الوطنية العالقة ، والاسراع في التوجه الى المؤسسات الدولية وخاصة محكمة الجنايات الدولية ، ويجب عليها قطع الطريق على الجميع الذي يتربص بوحدة شعبنا ، كما على الجميع تحصين المصالحة وتطبيق بنودها بالشكل الذي يؤمن حصانة شعبنا من كل التجاذبات وانعكاساتها السلبية في الساحة الداخلية".

و صحفية أخرى تابعة لحركة حماس نشرت تقريراً أمس الاثنين عن إقالة اللواء عبدالله كميل من منصب محافظ طولكرم ، رغم وصولها نفي رئيس ديوان المحافظين في ديوان الرئاسة اللواء اسماعيل جبر ، إلا أن النفي جاء مزوياً على حساب تفاصيل الخلافات بين اللواء كميل وحركة فتح بالمحافظة ، وخبر الاشاعة نفسه ، والصورة التي تم فيها إبلاغ كميل بالاقالة فجاء في بيان وكالة صفا :" سرت أنباء في محافظة طولكرم اليوم الاثنين عن إقالة محافظها اللواء عبد الله من منصبه سرعان ما نفاها مسئول المحافظين في ديوان الرئاسة الحاج إسماعيل جبر.

وكانت الأخبار غير الرسمية تواردت عقب زيارة مفاجئة تمت اليوم لمقر المحافظة من قبل جبر ومدير المخابرات العامة ماجد فرج ورئيس الوزراء رامي الحمد الله حيث عقدوا اجتماعا مطولا مع اللواء كميل.

وتشير مصادر في حركة فتح في طولكرم لوكالة "صفا" إلى أن العلاقة بين كميل وتنظيم فتح في طولكرم تشهد قطيعة كاملة، وهناك قرار بمقاطعته في المحافظة بعد مطالبة الحركة بإقالته من منصبه في أكثر من مناسبة.

وقالت المصادر ( لم تسمها الوكالة ) إن احتفالية كانت ستقام في محافظة طولكرم لمناسبة ذكرى استشهاد الرئيس الراحل ياسر عرفات الشهر الماضي لكنها ألغيت بسبب التوترات بين التنظيم وبين اللواء كميل .

وكانت حركة فتح في طولكرم أصدرت أكثر من بيان خلال الشهور الماضية وجهت خلالها اتهامات عديدة للواء كميل عكست حجم التوتر والاحتقان بين الطرفين ومستوى القطيعة بينهما وأثارت أجواء مشحونة في المحافظة تصاعدت بشكل ملفت مؤخرا.

وبحسب المصادر في فتح فإن تعميم المقاطعة لكميل تم بشكل رسمي من قبل أطر فتح في طولكرم وعمم على جميع مؤسسات المحافظة مما زاد من حدة الاحتقان وأشعل فتيل الأزمة من جديد.

وتؤكد المصادر أن جزءا من الهجوم على كميل لا يعود لشخصه بقدر ما يعود لصراعات قوى في طولكرم على منصب المحافظ .

وكان تشكيل محافظ طولكرم للجنة التكافل الاجتماعي في المحافظة أحد أسباب التوتر حيث اعتبرت فتح في طولكرم أن المحافظ تجاهلها في آلية توزيع المساعدات فزادت من حدة الهجوم عليه". انتهى تقرير وكالة صفا.

هذه الشائعات ونفيها فتحت شهية الكثير من كتّاب الرأي في الساحة الفلسطينية ، وغذوا مقالاتهم بالسؤال الذي يحتاج وبإلحاح الى إجابة ، لو استثنينا الرئاسة ، أين دور باقي مؤسسات السلطة الوطنية من حكومة ومجلس تشريعي ،  ومنظمة التحرير الفلسطينية ، من القرارات السياسية ، وهل وصلنا الى نظام فردي يملك فيه الرئيس جميع سلطات المؤسسات التابعة للمنظمة والسلطة؟

اسئلة برهن الاجابة لمواطن تتفاقم معاناته يوماً بعد يوم ، والاجابات حق من حقوقه لكي يرسم لحياته خطوطها العريضة ويضع خطط معاشه وفق المستقر والمتقلب السياسي .