ابرز ما تناولته الصحافة العبرية 9/12/2014
تاريخ النشر : 2014-12-09 10:34

لخرائط تكشف: إسرائيل استخدمت ذريعة "مناطق التدريب العسكري" للاستيلاء على اراض فلسطينية لأغراض الاستيطان!

نشرت صحيفة "هآرتس" تقريراً لمراسلها حاييم ليفنسون، يكشف فيه حقيقة المزاعم التي تطرحها اسرائيل بشأن الأرضي الفلسطينية التي تستولي عليها تحت ستار "مناطق التدريب العسكري". وتشير الى حقيقة طرح هذا الادعاء كذريعة للاستيلاء على الأراضي وتمهيدها لتعميق الاستيطان في الضفة الغربية.

وحسب تقرير "هآرتس" فإنه يستدل من تحليل معطيات تخص الادارة المدنية الاسرائيلية في الضفة الغربية، ان الادارة اعلنت في السنوات الأخيرة، عن 35 الف دونم من الاراضي المتاخمة للمستوطنات في الضفة الغربية، كأراضي دولة، بهدف اعدادها مستقبلا لتوسيع المستوطنات وتشريع البؤر العشوائية.

وكانت السلطات الاسرائيلية قد بدأت هذه السياسية في سنوات السبعينيات حيث اعلنت في حينه عن قرابة مليون دونم من اراضي الضفة الغربية كمناطق لإطلاق النيران، وتم حتى سنوات التسعينيات استخدام الكثير من هذه الأراضي للتدريبات العسكرية، فعلاً، ولكن مع انتقال معسكرات الجيش الى جنوب اسرائيل، بعد اتفاقيات اوسلو، تم تقليص المناطق التي تستخدم لإطلاق النيران في الضفة، بشكل ملموس، وباتت غالبيتها مهجورة اليوم، او تستخدم لتدريبات محددة. لكن الجيش يواصل منع الفلسطينيين من دخولها او الاقتراب منها، ويقوم بهدم بيوتهم التي تقام عليها المرة تلو الأخرى.

ويعتبر الاعلان عن الأراضي كمناطق لإطلاق النيران، خطوة بالغة النجاعة لتوسيع المستوطنات. وحسب قانون اراضي البور العثماني، الذي يحدد بأنه يمكن للشخص امتلاك قطعة الارض التي قام بفلحها طوال عشر سنوات، منعت إسرائيل الفلسطينيين من العودة الى السيطرة على اراضيهم بعد منعهم طوال عشرات السنوات من دخولها والعمل فيها، وبالتالي تستغل القانون العثماني لاعلان ملكيتها لهذه الاراضي!

ويشير التقرير إلى أنه تم حتى الآن تحويل اكثر من 99% من الاراضي التي صودرت من اصحابها بذريعة "الأغراض العسكرية"، الى المستوطنات. ورغم ادعاء الدولة بأن مناطق اطلاق النيران تستخدم للأغراض العسكرية فقط، حسب القانون الدولي، الا انه يتم في الواقع استغلال ذلك لاقصاء الفلسطينيين عن أراضيهم تمهيدا لوضع اليد عليها.

ويكشف التقرير أنه يجري حاليا اعداد خطة هيكلية لتوسيع المنطقة المحيطة بمستوطنتي اورانيت وشاعر هشومرون. كما تم في عام 2012، تخصيص 900 دونم من منطقة اطلاق النيران رقم 903، لتوسيع مستوطنة إلكناه.

وكانت "هآرتس" قد نشرت في أيار الماضي، تصريحات ادلى بها ضابط العمليات في المنطقة الوسطى، عيناف شليف، خلال مشاركته في اجتماع عقدته لجنة شؤون الضفة الغربية المتفرعة عن لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، قال خلالها انه يعتقد بأن"احدى الاجراءات الجيدة هي اعادة مناطق اطلاق النار الى الأماكن التي تتواجد فيها، وهذه هي احدى الأسباب الرئيسية التي تجعلنا ننقل الكثير من التدريبات الى الغور، هذا يعني، كل من ينظر الى التدريب الأخير للكتيبة، والذي شاركت فيه الطائرات الحربية والمروحيات والدبابات التي اطلقت النار، فإنني احاول (من ذلك) العودة عدة عقود الى الوراء ولن أذكر ذلك. ونحن الآن بصدد ادخال تدريب آخر الى هذه المنطقة". واضاف شليف ان "حكاية الصراع على مناطق اطلاق النار هي اكبر من اللجنة هنا ومن اعمال المراقبة الممتازة التي ينفذها ماركو (بن شبات، مدير وحدة المراقبة في الضفة في وزارة الأمن) بمساعدتنا. واعتقد ان حركة السيارات والاف الجنود في المنطقة، تساهم في ابعاد الناس، وانا لا اميز هنا بين اليهود والفلسطينيين وانما اتحدث بشكل عام.. هناك اماكن خففنا فيها كمية التدريبات فنشأت هناك ثآليل".

وقام الباحث في شؤون الاستيطان، درور أتاكس، بإجراء تحليل للمعطيات الجغرافية المتوفرة لدى الادارة المدنية، وكشف ان الادارة قامت خلال السنوات الأخيرة بإعداد خرائط لمناطق تم اعتبارها اراضي دولة، رغم اعلانها في السابق كمناطق تدريبات عسكرية. ويعمل في الادارة المدنية منذ عام 1999 طاقم خاص يسمى "الخط الأزرق" والذي يقوم بفحص المناطق التي تم اعلانها كأراضي دولة، في السابق، واعادة التصديق عليها. وتم حتى الآن اعداد خرائط لـ260 الف دونم في الضفة، من بينها 35 الف دونم تقع في مناطق تدريبات عسكرية. وتم اعداد الخرائط، حتى الآن، في منطقة الأغوار، وبشكل خاص في المناطق المتاخمة للمستوطنات. وعلى سبيل المثال تم في منطقة التدريبات 203، الواقعة في غرب الضفة، اعداد خرائط لـ17 الف دونم، وفي منطقة التدريبات العسكرية 912، في غور الأردن، تم اعداد الخرائط لعشرة آلاف دونم، وفي غرب جبل الخليل، تم اعداد الخرائط لـ 4296 دونم في منطقة التدريبات العسكرية 935، و2808 دونمات في منطقة التدريبات 918.

وفي الوقت الذي تنظر فيه المحكمة العليا حاليا في قضية السكان الفلسطينيين الذين يقيمون في منطقة اطلاق النيران 918، فان المستوطنين الذين يقيمون في المنطقة ذاتها يحظون بالحماية ولا تطالب الادارة المدنية بإخلائهم منها. ويمكن استغلال هذه الاراضي التي يتم اعداد الخرائط لها، لتشريع البؤر الاستيطانية التي اقيمت  عليها، وتخصيص اراض لتوسيع المستوطنات القائمة.

وقال أتاكس لصحيفة "هآرتس" ان قيام طاقم "الخط الأزرق" باستثمار الكثير من العمل لا عداد خرائط "لأراضي الدولة" في الضفة، والتي اعلنت كمناطق تدريبات عسكرية في السابق، يندمج جيدا مع حقيقة كون هذه الأراضي لم تستخدم ولن تستخدم بتاتا للتدريبات العسكرية، ومن الواضح ان اعلانها كمناطق عسكرية ليس الا خديعة هدفها منع الفلسطينيين من استخدامها.

واضاف ان حجم الأراضي التي تم اعداد خرائط لها، واماكن وقوعها، يدل على انها تشكل "بنك أراضي" تديرها اسرائيل لدفع مصالح الاستيطان. وزعمت الادارة المدنية في تعقيبها على التقرير ان كل ادعاء كهذا لا يمت الى الحقيقة بصلة، وان عمل "الطاقم الأزرق" يهدف الى تحديث الخرائط التي تم اعدادها في الثمانينيات.

الكنيست تصادق على حل نفسها تمهيدا للانتخابات المبكرة

صادق الكنيست الاسرائيلي في القراءتين الثانية والثالثة، مساء امس الاثنين، على قانون حل نفسه تمهيدا للانتخابات المبكرة التي ستجري في 17 آذار القادم. وتمت المصادقة على القانون بتأييد 93 نائبا، وبدون معارضة احد.

وكتبت صحيفة "هآرتس" انه رغم التوقعات التي تشير الى امكانية عدم رجوع ثلث الأعضاء الى الكنيست القادمة، فقد تنفست المعارضة الصعداء، وقالت عضو الكنيست زهافا غلؤون، رئيسة حركة ميرتس، انه "كان من بالغ الفرح اسقاط هذه الحكومة التي ارتكبت الكثير من الشر".

وفي تلخيصه لدورة الكنيست الـ19، قال النائب ياريف ليفين، الليكود، الذي ترأس الائتلاف الحكومي المعقد، غالبية الوقت، "ان هناك الكثير من الأمور التي كنت آمل أن لا نراها ثانية من تلك التي سنحن اليها". واضاف في خطاب امام الكنيست: "يمكنني القول ان المسؤولية التي ترافق حصول الانسان على مقعد في الكنيست لم يتم التعبير عنها يوميا في السلوك الذي ساد الكنيست. لقد كان الائتلاف معقدا وصعبا، وجرت الكثير من المحاولات لجر الأمور الى الهامش بدل عمل الشيء الأساسي، والعمل المشترك. ولا يمكن للمعارضة، ايضا، النظر الى الوراء بفخر، فالائتلاف لم يخسر في أي من الالفي تصويت التي شهدتها الكنيست خلال دورتها المنتهية".

وقال رئيس الكنيست يولي ادلشتاين، في خطابه الذي انهى الدورة البرلمانية، انه "على الرغم من كون الانتخابات المبكرة مسألة غير مرغوب فيها، فإنها في الظروف التي نشأت، تعتبر أهون الشرين. ففي الواقع الذي تحولت فيه الخلافات المشروعة في الرأي الى خلافات سحيقة، وعندما يتحول الاختلاف في وجهات النظر الى عداء شخصي، تتحول الحكومة الى أداة فارغة وجهاز غير فاعل".

الى ذلك التقى وزير الأمن موشيه يعلون، مع رئيس الحكومة نتنياهو، امس، وسأله عما اذا وعد وزير الاقتصاد نفتالي بينت، بتسليمه حقيبة الأمن في حال فوزه في الانتخابات القادمة، لكن نتنياهو نفى ذلك، الا انه لم يلتزم امام يعلون بمواصلة تسليمه المنصب في الدورة القادمة.

واستغل الائتلاف الحكومي اليوم الأخير للكنيست، امس، لدفع سلسلة من القوانين المختلف عليها، وفي مقدمتها قانون منع التسلل، وقانون منع الأحزاب من تجنيد قروض بنكية لتمويل حملاتها الانتخابية. كما جرت نقاشات على تحويل ميزانيات ضخمة، من بينها النقاش والقرار الذي صادقت عليه لجنة المالية بتحويل 2.1 مليار شيكل من الفائض المالي الى الجهاز الأمني، وتحويل حوالي 110 مليار شيكل الى المستوطنات و5.8 مليار شيكل الى الأمن. لكن الائتلاف فشل بتحويل 107 مليون شاقل الى قسم الاستيطان.

وتمكنت غالبية كتل الكنيست، امس، من التوقيع على فائض الأصوات في الانتخابات القادمة. وفي خطوة مفاجئة تم التوقيع على اتفاق كهذا بين حزب يسرائيل بيتنا، بقيادة افيغدور ليبرمان، وحزب موشيه كحلون الجديد، ما اعتبر خطوة تمهيدية لتعاون مستقبلي بين الحزبين بعد الانتخابات. كما وقع العمل وميرتس على فائض للأصوات بينهما. اما البيت اليهودي فاعلن مسبقا انه سيوقع على اتفاق كهذا مع الليكود، فيما لم يوقع "يوجد مستقبل" على اتفاق مع أي حزب حتى امس.

وفي حزب العمل، علم ان رئيسه يتسحاق هرتسوغ، ينوي طرح اتفاق التحالف مع حزب الحركة على مركز حزب العمل، الأسبوع القادم. وقالت مصادر في الحزب ان الاتفاق ليس جاهزا بعد، لكن هرتسوغ ينوي استكماله خلال اليومين القريبين. وتبين من استطلاع اجرته قناة "الكنيست"، ان تحالفا بين العمل والحركة يمكنه ان يحقق 23 مقعدا، بينما سيحصل العمل في حال خوضه للانتخابات بدون تحالف على 17 مقعدا، والليكود على 21 مقعدا، والبيت اليهودي 18 مقعدا.

الى ذلك اعلنت وزيرة الثقافة والرياضة ليمور ليفنات (ليكود) امس، نيتها الاستقالة من الحياة السياسية، بعد 23 عاما امضتها في الكنيست، شغلت خلالها مناصب وزارية طوال 14 عاما. وقالت ليفنات انها فكرت بالاستقالة منذ عدة اشهر، وتحدثت عن ذلك مع رئيس الحكومة، وانها اتخذت القرار باقتناع كامل. في المقابل قال نواب من الليكود ان ليفنات اتخذت قرارها بعد ادراكها بأن فرص نجاحها في الانتخابات الداخلية ضئيلة، بسبب تطرف اليمين وعدم بقاء أي فرصة امامها لمواجهة مجموعات القوة ومقاولي الاصوات". وقال حزب العمل معقبا ان لفنات فهمت، ما فهمه قبلها غدعون ساعر وموشيه كحلون، عندما قررا القفز من سفينة الليكود قبل غرقها.

المصادقة على قانون منع التسلل

وصادقت الهيئة العامة للكنيست، امس، في القراءتين الثانية والثالثة على قانون منع التسلل، في سبيل منع تفكيك معسكر "حولوت" الذي يحتجز فيه اللاجئون من اريتريا والسودان. وصوت الى جانب القانون 47 نائبا، مقابل معارضة 23، وامتناع ثلاثة.

وقرر حزب "يوجد مستقبل" عدم التصويت على القانون بعد اعتباره تصويتا على الثقة بالحكومة، فيما صوت ستة من نواب العمل الى جانب القانون، بشكل خاطئ، كما ادعوا لاحقا.

واعلنت تنظيمات حقوق الانسان التي التمست مرتين الى المحكمة العليا ضد قانون منع التسلل ونجحت بإلغائه في صيغتيه السابقتين، انها ستواصل النضال ضده، وستلتمس مرة اخرى الى المحكمة العليا.

روسيا تشجب العدوان على سوريا

ذكرت صحيفة "هآرتس" ان روسيا شجبت، امس، الهجمات الاسرائيلية على سوريا وطالبت اسرائيل بتقديم توضيحات حول ما نسب اليها من عمليات هجومية استهدفت موقعين داخل الأرضي السورية. ونشر الناطق بلسان الخارجية الروسية، الكسندر لوكوبيتش، بيانا، قال فيه ان روسيا تنظر بقلق كبير الى التطورات الخطيرة، التي تحتاج الى توضيحات. واشار الى قيام روسيا بتوجيه رسالة الى الأمم المتحدة اشتكت فيها "العمل العدواني" الاسرائيلي وطالبت بعدم تكراره. ومن شأن الاحتجاج الروسي ان يثبت بأن الاهداف التي تمت مهاجمتها، شملت اسلحة روسية تم تحويلها الى سوريا.

 

مقالات

كفي "لإدارة الصراع"

نشر المدير العام سابقا، لوزارة الخارجية، آبي غيل، مقالة في صحيفة "هآرتس" يحذر فيها من سياسة "ادارة الصراع" التي تنتهجها الحكومة والمعارضة الصهيونية، في مسألة الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني، ويكتب انه على الرغم من كون المسألة الاسرائيلية – الفلسطينية، هي الأكثر مصيرية بالنسبة لمستقبل إسرائيل، الا انها لم تكن المسالة التي سببت سقوط الحكومة. ففي هذه المسألة تمسك الائتلاف بغراء ناجح يسمى "ادارة الصراع".

يدعي المؤيدون لهذه الصيغة انه "بما انه لا يوجد من نتحدث معه" فلا فائدة من محاولة التوصل الى حل للصراع، ويجب الاكتفاء بادارته. وطالما حظي هذا الادعاء بدعم من معسكر الوسط واليسار، يمكن ان يتم بعد الانتخابات تشكيل ائتلاف واسع آخر يضم "مدراء الصراع". وعلى غرار الائتلاف السابق، سيبرر الجمود السياسي، بادعاء عدم وجود من نتحدث معه – وهو الادعاء الذي نسمعه من كلا المعسكرين، فيما كان يفترض فيهما، في ظل ظروف مختلفة، الدخول في سجال فكري وسياسي.

المعسكر الذي يعارض حل الدولتين يستخدم هذا الادعاء كذريعة للرفض، والمعسكر المؤيد لحل الدولتين، يعتقد أنه في المستقبل المنظور لا يعتبر الاتفاق مسألة عملية. وعليه تعتبر صيغة "إدارة الصراع" بمثابة الحل السحري، الذي يتيح لكلا المعسكرين التعاون والتغلب على الفجوة الأيديولوجية بينهما. ويمكن لهذا التزاوج الغريب والمسبب للضرر ان يتكرر، حيث سيواصل من يرفضون قيام دولة فلسطينية "ادارة الصراع" بشكل يضمن استمرار السيطرة على المنطقة الممتدة بين النهر والبحر، فيما يواصل المؤيدون طرح خطوات عبثية لحلول مرحلية واحادية الجانب. وهذه اللعبة مبيوعة مسبقا، لأن جانبا واحدا يمكنه الانتصار فيها، هو الجانب الذي يعارض حل الدولتين. وسيكون مصير المعسكر المؤيد لقيام الدولة الفلسطينية الفشل، المرة تلو الأخرى، لأن خطته تقوم على فشل أساسي: لا توجد عملية مرحلية ملموسة، لا تشمل اخلاء المستوطنات. لكن مثل هذا الاخلاء الذي يعتبر ثمنه صعبا حتى في اطار الاتفاق الكامل، اصبح غير ممكن سياسيا، لأنه لن يمنح إسرائيل أي مقابل ملموس.

وتحت شعارات الوضع الراهن - "لا يوجد من نتحدث اليه" و "ندير الصراع" - تكتسب الاتجاهات السلبية الزخم: فالديموغرافية في الضفة تعمل ضد هوية إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، ويتواصل ترسيخ إسرائيل في الضفة، وتتعمق معه المصلحة السياسية الانتخابية في عدم المس بالمستوطنين ومؤيديهم. وهكذا تدخل إسرائيل واقعا لا رجعة فيه، ولا تريده الغالبية العظمى من المواطنين الإسرائيليين: دولة ثنائية القومية.

في سبيل إنقاذ إسرائيل من فقدان الهوية يجب أن ينتهي أولا الشذوذ، الذي لا تملك فيه الدولة حدود دائمة يعترف بها القانون الدولي. فعندما يتم ترسيم هذه الحدود، ستتبخر الذريعة التي حركتها الحكومة الاسرائيلية "لفرض الحقائق على الأرض". ولن يتم ثانية الغمز المشجع لإنشاء وتوسيع المستوطنات على الأراضي التي تم تحدد مصيرها. ولن يتم كما كان في الماضي، استثمار ثروة في منطقة من الواضح أنها لن تبقى خاضعة للسيادة الإسرائيلية. مع مرور الوقت، وعدم وجود حوافز حكومية واغراض أيديولوجية، سوف يتزايد تحرك المستوطنين باتجاه الأراضي السيادية لإسرائيل.

إسرائيل تتواجد الآن في موقف مساومة جيوسياسي، يسمح لها بضمان المسار الأمثل للحدود والترتيبات الأمنية المشددة. ويرتبط التوقيت الحالي بالعلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة ووجود مبادرة السلام العربية، التي تقترح التطبيع والسلام ضمن حدود 1967، مع تبادل متفق عليه. لكن هذا الواقع الجيوسياسي ليس مضمونا إلى الأبد. فالخطوات الديموغرافية وغيرها في الولايات المتحدة (وفي الجالية اليهودية هناك) تشير إلى أن الوضع المفضل لإسرائيل ليس أبديا. كما أن مبادرة السلام العربية، التي تنتظر على الرف منذ عام 2002، لن تنتظر إلى أجل غير مسمى.

مع مرور الوقت ستتقلص المساعدات الأمريكية، ذلك ان إسرائيل المتمسكة باستمرار الاحتلال  تحولت تدريجيا الى مصدر إزعاج دبلوماسي للولايات المتحدة، والتعاطف الشعبي معها يتآكل، خاصة بين جيل الشباب.

نحن نتواجد في نهاية ساعة الرغبة الاستراتيجية. وبدلا من الذعر من مجلس الأمن الدولي، يمكن لإسرائيل بمساعدة الولايات المتحدة، تجنيد هذه الهيئة الى جانبها. وستستفيد اسرائيل من قرار ملزم يصدر عن مجلس الأمن، ويحدد المقاييس الرئيسية لاتفاق الوضع النهائي، وخاصة الحدود. ان صدور نوع مطور لقرار 242، سيكون مستحيلا، كما بالنسبة للقرار الصادر في عام 1967، في أي مفاوضات واتفاق مستقبلي.

ما يمكننا تحقيقه اليوم بدعم أميركي، مع مساعدة ودعم أوروبي ودولي، وبموافقة معظم أنحاء العالم العربي، ليس مضمونا لنا في المستقبل. ومن شأن هذه الخطوة أن تحسن مكانة إسرائيل في العالم، وتوفر مصداقية لادعائها بأنها تسعى الى السلام، وسيعزز دعم متطلباتها الأمنية ويوجه ضربة قوية للجهات التي تدير ضدها حملات المقاطعة ونزع الشرعية.

يتحتم على الإسرائيليين الذين يؤيدون حل الدولتين، ولكنهم يعتقدون أنه لا يوجد شريك فلسطيني حاليا، تفضيل "خيار مجلس الأمن" على "خيار إدارة الصراع". فالأول سينقذ إسرائيل لأنه سيمنحها الحدود المعترف بها، والثاني سيقود إلى واقع مأساوي لدولة ثنائية القومية. الحملة الانتخابية تشكل فرصة للمعسكر الذي يدعم حل الدولتين لصقل رسائله وتمييز نفسه عن المعسكر الذي يعمل على نسف هذا الحل. والشرط الأول لتحقيق ذلك هو: التخلص من صيغة "إدارة الصراع".

اخفاقات المعارضة

يوجه يحزقيل درور في مقالة نشرها في "هآرتس" انتقادات شديدة الى سلوك المعارضة الاسرائيلية، ويتهمها بالقصور وعدم طرح رؤية سياسية بديلة لسياسة الحكومة.

ويكتب انه رغم أوجه القصور في سياسة الحكومة، والتي يمكن أن تشكل خطرا على مستقبل إسرائيل، ليس هناك أي يقين بأنه إذا وصل أحد أحزاب المعارضة إلى السلطة سيكون أكثر قدرة على التعامل مع التحديات السياسية والأمنية التي تواجه البلاد. ان التوجه للانتخابات حول مسالة "ضريبة القيمة المضافة"، التي تعني في المستقبل الصفر، وحول "قانون القومية"، الذي وعلى الرغم من وزنه الرمزي لا يؤثر على مستقبل البلاد، ولا على الموضوع الأمني – السياسي، يدل على وجود خلل في النظام برمته، بما في ذلك المعارضة. ولذلك يبدو أنه لن يتم التصحيح إلا بكسر الأداة، اي استبدال القيادة السياسية في كلا الجانبين.

لقد برز الفشل الحاسم للمعارضة (بما في ذلك المعارضة داخل الحكومة) في المجال الأمني - السياسي. فالقضايا الاجتماعية التي تسببت في الأزمة تعتبر ضئيلة على المدى الطويل. والقوانين التصريحية، كقانون القومية، والقرارات الاقتصادية، كإلغاء ضريبة القيمة المضافة على الشقق الجديدة، مهمة ربما في وقتها، ولكن تأثيرها على مستقبل إسرائيل ضعيف. ولذلك، فإنه حتى إذا كان هناك في بعض الأحيان ارتقاء لمواقف المعارضة في القضايا الاجتماعية، فإنها تكاد لا تذكر مقارنة بالأخطاء المتعلقة بالموضوع السياسي - الأمني.

والمفاجئ – ان إخفاقات المعارضة هذه، تشبه بشكل ملحوظ فشل الحكومة في هذا المجال، حتى لو كانت مواقفها تظهر وكأنها متناقضة. فالحكومة والمعارضة تعانيان من عدم وجود توازن بين الرؤية والواقع، على الرغم من أن الحكومة تؤمن بأرض إسرائيل الكبرى والمعارضة تؤمن بأن إنشاء دولة فلسطينية فقط، يضمن السلام والاستقرار.

في الحكومة والمعارضة على حد سواء، يكثرون من الحديث عن "استئناف العملية السياسية"، ولكنهم لا يطرحون مقترحات واقعية في القضايا الأساسية: الحدود والقدس واللاجئين ومستقبل المستوطنات في مناطق الدولة الفلسطينية المستقبلية. وبدون التوصل الى اتفاق بشأن هذه القضايا، لن تجري المفاوضات. علاوة على ذلك - تفتقد الحكومة والمعارضة الى رؤية إقليمية تمكنهما من طرح مزج للاتفاق مع الفلسطينيين والتسوية الشاملة في الشرق الأوسط. كلاهما لا تعرضان خطة واضحة لكيفية ترسيخ أمن إسرائيل بعد الانسحاب من الضفة، ما عدا المبدأ المجرد الذي يتحدث عن وجود "التفوق العسكري الإسرائيلي"، الذي يفتقد الى معنى واضح.

لقد تم تمويه العلاقة بين تعزيز السلام ووضع الأقلية العربية في اسرائيل، من قبل الحكومة والمعارضة على حد سواء. ولا تملك الحكومة والمعارضة سياسة واضحة بشأن إمكانية وصول إيران الى العتبة النووية، باستثناء تعزيز الردع، الذي يعتبر ضروريا ولكنه ليس كافيا. هذا يعني أن الحكومة والمعارضة تتميزان بغياب الإبداع والمبادرة والشجاعة السياسية للتعامل مع القرارات الأساسية التي يستحيل بدونها إحراز تقدم في عملية السلام. وبدلا من ذلك، تبقيان معا مع "إدارة الصراع" المعروف بفشله المسبق. وتضيف الحكومة الى ذلك إجراءات مثل البناء في المستوطنات، التي تعارضها المعارضة بصوت عال. هذا لا ينطوي على التغطية على عدم وجود فكر سياسي عميق على المدى الطويل، سواء في الحكومة أو في المعارضة.

يمكن لرئيس الوزراء المطالبة بظروف مخففة حتى لو وجد مذنبا في تشكيل خطر على مستقبل إسرائيل: فالسياسة الداخلية في الليكود تصعب عليه، كما يصعب عليه ادارة الائتلاف. كما يمكنه أن يشير إلى الخطوات الهامة التي أحرزها في مجال الأمن، كتعزيز اسطول الغواصات، ولكن هذا لا يعفيه من المسؤولية عن الفشل الأمني - السياسي ككل.

لماذا حدث ذلك؟ هناك تفسير واحد فقط، وهو انه من الخطير من الناحية الانتخابية عرض برنامج سياسي سيثير الجدل حتما. ولذلك من المفضل الوصول إلى السلطة بفضل فشل الحكومة، وعندها فقط يبدأ التفكير والتخطيط بشكل جدي. ولكن هذه الحجة ليست سوى ذريعة، وتعتبر خطأ فادحا، لأنه من المشكوك فيه أن العواقب الوخيمة للقصور السياسي للحكومة ستجد تعبيرا لها في المستقبل القريب، وستؤثر على الانتخابات. علاوة على ذلك، وبغض النظر عن ما يقوله مختلف المسوقين السياسيين، الذين يتوجون أنفسهم "كمستشارين استراتيجيين"، فان الجمهور لا يتمتع دائما بالحكمة، ولكنه ليس غبيا بشكل دائم. ويمكن للبرنامج الأمني - السياسي الموثوق به والمنسق بشكل جيد، والذي يمكنه أن يجلب السلام المستقر حتى على حساب تنازلات مؤلمة، أن يحظى بالدعم.

وهناك تفسير أكثر ركاكة، وهو: أن زعماء المعارضة غير قادرين على صياغة سياسة جديدة خلاقة وشاملة. اذ لا يوجد لدى المعارضة ما يكفي من الناس الذين يملكون المعرفة والخبرة الأمنية - السياسية، وتخشى القيادة من أن يؤدي تجنيد مثل هؤلاء الناس، الى التعتيم عليها واحتلال المناصب الهامة بدلا منها، خاصة إذا كان لديهم الكاريزما، التي تفتقر اليها المعارضة.

ومن دون التقليل من شدة أخطاء نتنياهو، فانه لا يوجد لهم منافسون، تقريبا، في التفكير السياسي، حتى لو لم يكن في الاتجاه الصحيح. اذا كان هناك اصحاب مهارات مشابهة او حتى أفضل منه، فقد تم دفعهم خارج السياسة لكونهم "منافسين" أو غير ملائمين لهذا النوع من الثقافة السياسية. النتيجة المحزنة هي انه في الوضع الحالي لا يوجد، حسب رأيي من يستحق التصويت له. سيكون هناك من يمكن التصويت له فقط اذا ترفعت المعارضة على نفسها وعرضت خطة سياسية – امنية ملموسة، ولكنني لا اعتقد انها تستطيع ذلك.

ربما سيتمكن المجتمع الاسرائيلي من تنمية جيل شديد ومناسب من القياديين في الحكومة والمعارضة، ولكنه يزداد التخوف من أن ذلك سيحدث فقط بعد أزمة سياسية – أمنية خطيرة. وتتحمل المسؤولية عن ذلك الحكومة، ولكن المعارضة، ايضا.