معضلة المصالحة والانتخابات بالحالة الفلسطينية
تاريخ النشر : 2014-12-05 16:04

الشعب الفلسطيني به من المفكرين، والنخب، وأصحاب التجربة، ما لم يكن موجوداً لدى أنظمة سياسية عريقة، ولديه الكثير من التحديات التي تساعد على لملمة أوراقه، وتجسيد وحدته، ويشكل الاحتلال الصهيوني المرتكز الأهم في تحقيق ذلك.

وهذا يعيدنا لسؤال مهم: لماذا لم تنجز المصالحة الفلسطينية..؟ وهل من الممكن أن تنجز في قادم الأيام..؟ وهل الانتخابات مدخل لإنهاء الانقسام وبناء نظام سياسي موحد يدعم المشروع الوطني الفلسطيني..؟

قبل الإجابة على الأسئلة السابقة، لابد من الإشارة على أن القرار الوطني المستقل تم تجميد العمل به داخل مكونات النظام السياسي الفلسطيني، وأصبح المتغير الإقليمي هو أحد الفواعل الرئيسية بالقرار السياسي الفلسطيني، وأن سبب تعثر المصالحة الفلسطينية يعود لمراهنة طرفي الانقسام -حركتي فتح وحماس- على المتغير الخارجي لتحسين شروط التفاوض، مما يدلل على غياب ثقافة التعايش والمشاركة والشراكة السياسية، وأزمة الثقة بين النخب السياسية.

فالرهان على المتغيرات الإقليمية قد يأخذ الساحة الفلسطينية إلى مصير مجهول، لأن ثقافة التعايش بين القوى الوطنية والإسلامية وبين مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني تعاني أزمة حقيقية لابد من وقوف كل المنظرين والمفكرين أمامها، والعمل على تعزيزها من خلال العمل المشترك في  إعلامنا ومساجدنا ومدارسنا وبيوتنا، وصولاً إلى خلق ثقافة مدنية قادرة على بناء مؤسسات دولة لشعب يعاني من الاحتلال منذ عشرات السنين، وغير قادر على تحمل أي نزاعات أو صراعات حول سلطة تكاد تكون وهمية نظراً لهيمنة الاحتلال الإسرائيلي عليها.

وهذا ما يعرقل انجاز المصالحة الوطنية حتى اللحظة، وكأن الحالة الفلسطينية أصبحت جزء من حالة انقسام أكبر تتمثل في المنطقة العربية وما آلت إليه الأمور من تعزيز لسياسة المحاور والأحلاف، في وقت تشهد فيه إسرائيل تحولاً خطيراً عقب حل الكنيست والذهاب يوم 17/3/2014م لانتخابات مبكرة داخل إسرائيل، مؤشرات نتائجها تشير إلى مرحلة تحول لم تشهدها دولة الكيان منذ تأسيسها، بحيث سنكون أمام حكومة أكثر تطرفاً، وهذا لا يعني بأن حكومة نتانياهو لم تكن متطرفة، ولكن ربما إسرائيل ستذهب لجنون التطرف، وهذا سيكون على حساب ومستقبل الشعب الفلسطيني ومقدساته الإسلامية والمسيحية.

إن دولة فلسطين ينتظرها تحديات جسام، وإن العديد من القوى الإقليمية والدولية ستعمل من أجل إضعاف الروح المعنوية للشعب الفلسطيني، والضغط عليه وعلى قيادته للقبول بأنصاف الحلول، وصولاً إلى تصفية القضية الفلسطينية، ولذلك ستعمل على إثارة الفتن، وتأجيج الصراعات بين القوى الوطنية والإسلامية، وهذا بالتأكيد سيؤثر على النسيج الاجتماعي الفلسطيني، وستبقى الحالة الفلسطينية منقسمة لعشرات السنين، ورغم ذلك فإن أقصر الطرق وأقلها تكلفة هو بالعودة للمصالحة، ولكن لن يتم ذلك إلا بممارسة ضغط شعبي ومجتمعي على صناع القرار، وقد يذهب البعض ليقول إن الانتخابات هي الحل، وهنا أقول وأختم: بأن العملية الديمقراطية التي ينادي بها البعض في الحالة الفلسطينية هي بمثابة وصفة لنزع الشرعية عن الطرف الآخر، وهذا لن يحل المشكلة بل قد تفجر الانتخابات مشاكل أكثر تعقيداً.

وينبغي هنا البحث في مبادرة وطنية لتجنيب الفلسطينيين ويلات الحصار والاقتتال، والعودة بالبوصلة لاتجاهها الصحيح نحو المشروع الوطني التحرري القائم على العودة والتحرير.