لا حظوظ لنتنياهو ...
تاريخ النشر : 2014-12-03 20:53

أُسدل مبدئيا الستار على حكومة نتنياهو الثالثة والكنيست التاسعة عشر مع تصويت الكتل امس الاربعاء باغلبية (84) صوتا لصالح اجراء انتخابات مبكرة في ال17 من آذار/مارس 2015، بعدما فجر نتنياهو قنابله في وجوه حلفائه من "هناك كستقبل" و"الحركة" بزعامة كل من لبيد وليفني، ومن ثم اقالهما من الحكومة، مما دفع ممثليهما للاستقالة.

لم تكن حكومة نتنياهو الثالثة مذ تشكلت قادرة على حماية مرتكزات بقاءها. لان مركباتها الائتلافية والنواظم السياسية والدينية والاقتصادية /المالية لها، كانت هشة، وتناقضات اقطاب الائتلاف أكثر من نقاط الاتفاق فيما بينها. وجاءت حربها المسعورة على محافظات غزة تموز وأغسطس الماضيين، لتزيد الطين بلة، وان لم تظهر حتى الان تداعياتها على المجتمع الاسرائيلي، بسبب سقوط الشارع في مستنقع السياسات اليمنية المتطرفة والحريدية العنصرية.

الازمات اثقلت كاهل الحكومة الثالثة لنتنياهو، الموازنة، الضريبة الصفرية، قانون "قومية الدولة" العنصري، وإتساع دائرة عزلة إسرائيل وحرب غزة، جميعها عوامل ساهمت بتسارع وتيرة سقوط الحكومة، وطي صفحة الكنيست التاسعة عشر. واخذت الكتل والقوائم والاحزاب في اسرائيل ترتيب اوراقها وتحالفاتها للانتخابات القادمة.

وبالتوقف امام حظوظ نتنياهو في تولي الحكومة الرابعة لاحقا، فإن المراقب الموضوعي للمشهد الاسرائيلي، يلحظ غياب حظوظ زعيم الليكود، رغم ان إستطلاعات الرأي حتى الان، تعطيه الافضلية على منافسين آخرين، وبالتالي تشير إلى انه "الاوفر" حظا في تولي قيادة الحكومة الرابعة. والاسباب الذاتية والموضوعية، التي يستند لها المرء في قراءة مستقبل بيبي، تقوم على الاتي:

اولا  فشل نتنياهو في تحقيق برنامجه الانتخابي السابق. فلم يحقق تقدما اقتصاديا، ولم يحقق الامن للشارع الاسرائيلي. بل العكس صحيح كانت النتائج وبال على رأس الاسرائيليين. ثانيا فقدان نتنياهو الثقة في اوساط احزاب وقوى الحريديم، التي راهن عليها لدعمه في تولي الحكومة اللاحقة. رغم ان مواقف "يهوديت هتوراة" و"شاس" تتغير وفقا لمن يدفع لها ثمنا اعلى، إلآ انها ضاقت ذرعا من رئيس الحكومة الحالي، ولم تعد تثق به. لهذا طالبت منه في لقاءاتها الاخيرة الالتزام خطيا بتنفيذ ما سيتم الاتفاق عليه. وهو لا يستطيع مسبقا ان يلزم نفسه تجاهها، لانه بذلك يفتقد للمناورة مع القوى الاخرى. ثالثا قوى اليمين المتطرف "البيت اليهودي" و"إسرائيل بيتنا" ومن لف لفهم، من حيث المبدأ تولدت الرغبة لدى كل من بينت وليبرمان بمنافسة نتنياهو. اضف الى انهما ليسا على وئام، لا بل انهما في تناقض، على سبيل المثال، يرفض ليبرمان ان يتولى بينت وزارة الدفاع في الحكومة القادمة، كما ان هناك تحفظات من العديد من القوى على تولي ليبرمان وزارة الخارجية، وغيرها من التباينات والاختلافات. رابعا تعميق نتنياهو شقة الخلافات مع الولايات المتحدة، الحليف الاستراتيجي لاسرائيل، الامر الذي سيدفع قطاع واسع من الاسرائيليين لعدم منح حزبه الاغلبية؛ كما ان الادارة الاميركية ستساهم بشكل غير مباشر على دفع آخرين لتبوا مركز القرار في إسرئيل. خامسا توسيع دائرة العزلة الاسرائيلية، والاعترافات المتزايدة بالدولة الفلسطينية الرمزية والكاملة وخاصة في اوساط دول الاتحاد الاوروبي، تلعب دورا مهما في حجب الثقة عن الليكود عموما ونتنياهو خصوصا. سادسا إستشعار القوى العلمانية الاسرائيلية الخطر من تزايد مكانة ودور الحريديم في المشهد السياسي، سيحثها على النزول مجددا للتصويت، وإستثمار صوتها في الدفاع عن توجهاتها وخيارها، لاسيما وان في الانتخابات السابقة تراجع دورها وحضورها في الادلاء بصوتها. سابعا قتل نتنياهو خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، والتخندق في خنادق الاستيطان الاستعماري، وترسيم العنصرية، وانعكاس ذلك على مكانة اسرائيل ورخاءها الاقتصادي، سيترك اثاره على التصويت لليكود.... إلخ من العوامل، خاصة وان الشهور القليلة القادمة تحمل في طياتها الكثير من التطورات، التي ستمزق آخر ما تبقى من الغربال، الذي يغطي وجه الليكود وزعيمه الحالي، الذي ضاقت به الساحة الاسرائيلية بما في ذلك اقطاب الليكود الحاليين او الذين خرجوا من حاضنته امثال كحلون، اضف الى  امكانية بناء تحالف واسع بين احزاب العمل و"هناك مستقبل" و "الحركة" و"كاديما" وغيرها من القوى، التي  لديها رغبة بتصفية حساب مع الليكود ونتنياهو، ستكون عوامل مساعدة في نهاية دور الرجل في المشهد السياسي الاسرائيلي. إلآ ان حصلت تطورات دراماتيكية تخدم بقائه في الحكم، وكل السيناريوهات ممكنة في الساحة الاسرائيلية.

[email protected]

[email protected]