المرأة تقود ثورة الحريات ضد "داعش" في غزة
تاريخ النشر : 2014-12-03 00:26

أمد/ غزة – خاص: يمر منذ فترة غير بعيدة قطاع غزة بجولة من "الحرب" الخفية ، تقودها بيانات منسوبة الى تنظيم الدولة الإسلامية في بلاد الشام والعراق "داعش" ، وكان ظهورها المتواضع عبر عدد من الرايات السوداء ، التي علقت على مداخل بعض المدن والأحياء في القطاع ، وامتدت باستحياء الى شعارات مرسومة على جدران المؤسسات والملاعب الرياضية ، وزاد ظهورها وضوحاً بعد سلسلة التفجيرات التي استهدفت مداخل منازل قيادات فتح ومنصة الإحتفال التي كانت مقررة لإحياء ذكرى رحيل الرمز الشهيد ياسر عرفات ، والتي استدعت من قيادة تنظيم "داعش" عبر أكثر من منبر إعلامي مدار من قبلهم أشهره "مركز بن تيمية" لينفي بشكل كلي ما نسب إليه من عمليات تفجير في قطاع غزة ، وأكدت البيانات على أن الدولة الإسلامية لم تقيم ولاية لها في قطاع غزة .

ورغم نفي الدولة الإسلامية في الشام والعراق ، أي وجود لها في قطاع غزة ، استمرت البيانات بالصدور وعليها شعار الدولة ، وختمها "الأزرق" ، ورغم نفي داخلية حماس أكثر من مرة أي وجود لـ "داعش" في غزة ، استمر الناس بالحديث عن التنظيم وكأنه واقع معاش ، بات ويكبر ويزداد ، فانتشرت شعاراته على زجاج السيارات الخاصة والعامة ، وعلقت صور بعض القتلى الذين شاركوا "داعش" في مواجهاتها بالعراق وسوريا ، وأصلهم من القطاع ، وأقيم باسم التنظيم أكثر من حفل منه واحد كبير جداً في منطقة الشجاعية غرب مدينة غزة ، حتى أصبح شعار داعش يوسم على بطاقات الأفراح ، والدعوات الخاصة ، ورغم كل ذلك داخلية حماس تنفي أي وجود للتنظيم في قطاع غزة .

و مع رفع وتيرة البيانات المنسوبة الى "داعش" وتهديد بعض فئات المجتمع في القطاع ، بالتقييد والإلتزام ، بأحكام "الدولة الإسلامية" والتي ظهرت في الجامعات ووجهت الى الطالبات والمدرسات ، دخل القطاع كسكان في حالة من القلق ، وللأستقرار نفسي ، ولكن البيان الأخير والمنسوب الى التنظيم والذي صدر لأول مرة وفيه اسماء صريحة وجهت الى شعراء وكتّاب ، ويطالبهم البيان بالتوبة والعودة الى الدين الإسلامي وإلا سيواجهون عقوبة "الردة" ولهم موعد ينتهي من تاريخ صدور البيان الى ثلاثة أيام بعده ، هذا البيان الذي اثار الكثير من اللغط ، المشفوع بالارتباك ، ولكن المعنيين به من كتّاب ومثقفين وجدتهم في وضع دقيق للغاية ، وأقل ما يقال عنه ، أنهم شعروا ولأول مرة بالخوف من اليد الخفية التي تمارس " الأرهاب" رغم قناعة من سواهم أنه بيان هلامي ولعبة أولاد صغار ومراهقين ، وفي هذا الحدث الأخير ، لم نجد سوى المرأة سواء في الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية أو المؤسسات النسوية والتابعة لنشاطهن ، يقمن بدور المدافع عن الحريات والثقافة في قطاع غزة .

تقول عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وعضو إتحاد المرأة الفلسطينية أمال حمد : " أن القادم في قطاع غزة اسوأ ومن يتحمل مسئولية انتشار بيانات التهديد والترهيب هي أجهزة أمن حماس في القطاع ، وعليها أن تسلم حكومة التوافق وبشكل فعلي جميع المؤسسات الأمنية والمهام ذات الصلة التي تحمي المواطن ، لكي تقوم حركة حماس بعدها بتحميل المسئولية لحكومة التوافق ".

وتقول حمد :" أن الحديث في حقوق الانسان بالوضع الذي يعيشه سكان قطاع غزة ، حديث لا جدوى منه ، لطالما بقية جهات خفية تسيطر على مفاصل الحياة ، وأن أمن المواطنين بات رهينة بيانات منسوبة الى الدولة الإسلامية ، فمن هو المسئول عن كل هذا ، وهل الأجهزة الأمنية في قطاع غزة ، تستخدم هذه الوسائل لكي توصل المواطن الى وضع ما؟".

فيما توجهت الشاعرة دنيا الأمل إسماعيل وهي إحدى المهددات ببيان "داعش" الأخير والذي استهدف ثلة من الشعراء في غزة ، الى النائب العام في القطاع ، لتقدم شكوى ضد جهة مجهولة حررت البيان ونسبته الى الدولة الإسلامية ، طالبة الحماية من الأجهزة الأمنية ، ومحملة إيها المسئولية عن أمنها الشخصي ، في الوقت الذي تجمعت من حولها النساء العاملات في مؤسسات نسوية ، واحطن بها ، ودللن لها على تعاطفهن معها ، ومساعدتها بأي شيء تطلبه ، واضعت كل طاقتهن تحت تصرفها ، في المحنة التي وضعت بها من قبل "ظلاميين" لا عناوين لهم سوى بيانات مذيلة بتوقيع تنظيم يخوض حروبه خارج جغرافيا فلسطين كلها ، وتدون الشاعرة دنيا على صفحتها الخاصة "الفيس بوك" عتبها على كثير من المؤسسات ومراكز حقوق الانسان والشخصيات التي غابت مواقفهم تماماً عن "الأرهاب" الذي تعرضت له وبعض الزميلات والزملاء الشعراء ، فتقول الشاعرة اسماعيل :" أشهد بأن تنظيماتنا ومؤسساتنا و بعض شخصيات حقوق الانسان والمجتمع المدني وبعض إعلاميينا وكتابنا جبناء وذوو مصالح كبيرة ج مع الصمت........ز لا ألومهم على شيء فقط أنا شخصيا لن أسمح باستغلال الضحايا للبحث عن برستيج أو بروباجندا اعلامية تلعب على الحبلين ويا رب تكون رسالتي وصلت هؤلاء البعض".

وتقول الشاعرة دنيا الأمل اسماعيل عقب بيان داعش وتهديدها بالقتل :

 بينما واجهت الشاعرة منال مقداد وهي ضمن قائمة التهديد الصادرة من جهة مجهولة نسبت بيانها الى الدولة الإسلامية بكل صلابة ، معتبرة التهديد حافزاً لكي تكون شاعرة ذات تأثير في المجتمع ، مع أنها ملتزمة بزي الدين الاسلامي ، وتقوم بفروضها كأي فتاة فلسطينية ملتزمة أخلاقياً ، ولم تبدي سفوراً ولا فجوراً ، ولوحاتها الشعرية تعزز ثقافتها كتجريبية للتو بدأت مشوارها الابداعي ، وماردها على بيان الترهيب الأخير ، إلا تعليقاً خفيفاً دونته على صفحتها الخاصة الفيس بوك تقول فيه :" ابحث عن ‏الكائن الذي سنعلن أمامه العودة عن ردتنا وفسقنا والدخول في الدين الإسلامي من جديد!!!".‏

بينما تختصر الجهات الأمنية مسئولياتها بتصريح مقتضب جداً لا يتعدى السطرين ، "مطمأنة "سكان القطاع بأن لا وجود لداعش والوضع الأمني تحت السيطرة.

المرأة النورس القوي فوق بحر غزة لا زالت تحلق على أكمل وجه لسماء كلما الضباب أرهقها ، أرخت ضيائها على جناحين من فضة لها .