القومية في كل زمان و مكان , كانت و ما زالت عند كل البشر ثابت أصيل ، تُعرف من حيث اللون و اللغة ، المكان و البيئة ، أما الدين فهو متحرك متغير ، لرفع منسوب الإيمان بالله و تهذيب النفس البشرية بكل مكوناتها ، فهنا لايجوز الخلط المتعمد لكليهما على حساب الآخر ، أي تصبح الديانة قومية أو العكس صحيح ، لأن الدين ببساطة ليس له وطن ، و لا يقتصر على لون أو عرق واحد ، التي تُعَرف الشعوب من خلالها أو تكتسب صفاتها الخاصة المسماه بالهوية ، فمراجع التاريخ و آثاره المحفورة في كل حجر و كتاب تقول ، أن الكنعانيين و ما تَفرع عنهم من خلف كاليبوسيين و لاحقاً الفلسطينيين ، هم وُجِدوا على هذه الأرض قبل الديانات السماوية الثلاث ، فكانت فلسطين مزار لمعظم الرسل و الأنبياء ، فإرتضينا الإسلام ديناً كما اليهودية و المسيحية من قبل ، فالشعوب الحرة عامة هي من تختار دينها و طريقتها بالحياة ، و نحن كفلسطينيين إخترنا الإسلام ديناً لنا ، لأنه روح الحياة التي نبحث عنها ، فكانت القدس لنا كأمة عربية أولى القبلتين ، مدينة الإسراء و المعراج ، جزء أساسي في ثقافتنا اليومية ، و التي هي المقياس الحقيقي لهذه الأمة ، عندما تَكتسي بعنفوانها و قوتها و تماسكها ، تكون المدينة المقدسة دُرة التاج لهذه القوة ، و عندما نكون ضعفاء متفككين ، تصبح بإيدي الغزاة و المتربصين ، هكذا تعلمنا من التاريخ ، عند رصدنا لأكثر من ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد ، لتلك المدينة من تاريخ و جغرافيا حتى يومنا هذا ، فالصراع في الماضي و الحاضر هو ليست صراع سياسي ، بل هو صراع بقناع ديني بإمتياز، لإستعباد الشعوب و مصادرة إرادتها و تسيير نهب خيراتها ، أن تكون أو لا تكون ، بغض النظر عن أفكارنا كانت دينية أو علمانية أو يسارية ، فعندما نتعرض كشعب فلسطيني و خاصة في القدس على مر التاريخ ، لعملية تطهير عرقي من جميع الغزاة ، حيث تعرضت القدس للتدمير مرتين ، و حوصرت 23 مرة ، و هوجمت 52 مرة ، و تمّ غزوها و فقدانها 44 مرة ، يجب علينا أن نقف هنا لنحلل الضروف و الأسباب لتلك الحقب ، عندما يأتوا هؤلاء الغزاة ، لإحتلال تلك البقعة من وراء البحار تحت مسمى الدين ، هنا يجب أن ندخل بالمنطق الديني اللذي يَدَعُونه ، و هو أن يصبح الدين قومية ، و أن يُقَسم هذا العالم حسب الديانات السماوية ، كلُ حسب عدد معتنقين كل ديانة ، فليكن هذا أن تُستبدل الديانة بالقومية ، إذاً نحن كمسلمين تجاوز عددنا 1,57 المليار ، أي بنسة 23% من سكان تلك الكرة الأرضية ، لنا الحق حسب منطقهم إعادة حدود الدولة الإسلامية بجميع مكوناتها ، من الأندلس حتى حدود النمسا ، و دول البلقان حتى الشيشان ، و القرن الأفريقي ، و لكن عندما نتحدث عن منطق السلام الإنساني النسبي في العلاقات الدولية من وجهة نظرنا ، هناك وقع إحتلال صهيوني إجرامي لتلك البلد ، التي كانت و مازالت تسمى فلسطين ، و يجب أن يزول عن هذه الأرض ، فلو تعرض أي شعب لهذا الإحتلال ، يجب علينا كبشر أحرار ، أن نقف ضد هذا المحتل ، بعيداً عن خلفيته الدينية أو التستر الديني لهذا الإحتلال ، الخطر عندما تُدار المنظومة العالمية بعيدة عن العدالة النسبية حسب القوة أو الضعف ، رغم علم اليقين المسبق ، بأن القوة ليست دائمة ، فعندما يكون ضعيف اليوم قوي في الغد ، و يتذكر ما حلى به من آلام و عذاب في حقبة الضعف ، يمكن أن يكون شرس في الأخذ بثأر أجداده ، بمن كان بالأمس قوي ، لهذا نحذر كل من اعتدى و مازال يعتدي علينا ، بأننا كفلسطينيين نتمتع بذاكرة حديدية لكل الأحداث و النكسات ، التي مررنا بها على مر الزمان بأدق تفاصيلها ، و عندما تدور الدوائر و نستعيد عافيتنا ، سوف نلاحق كل من عذبنا في قبره ، بل سوف نثأر من نسله أيضاً ، و لو كانوا في أبراج مشيدة ، و سوف تكون فلسطين مكان لتجريف مقابر تلك الغزاة ، و يكون البحر أو موطنهم الأصلي مكب لتلك العظام ، حتى نزرع أشجار البرتقال و الياسمين مكان تلك القبور الآثمة ، و نستظل تحت أشجار الزيتون و النخيل ، التي حُرمنا منها منذ زمن طويل , فحذاري حذاري من صمتنا ، الذي تغلي بداخله نيرانٌ ، لا يعلم بها إلا الله ... فالسلم العالمي يمر من الشرق الأوسط ، عبر أرض فلسطين ... تحديداً من القدس الشريف .
القدس بوابة السماء لا السلام للغُزاة
تاريخ النشر : 2014-12-02 11:00