داعش هي ام حماس ؟!
تاريخ النشر : 2014-12-01 16:24

منذ أن فازت حركة حماس ذات الطابع الاسلامي في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006، وبعد تشكيل حكومتها "الحكومة الفلسطينية العاشرة"على اساس حزبي بحت ، أرسلت الحركة عدة رسائل ضمنية لمنظمة التحرير ودولة الاحتلال (اسرائيل) والعالم الدولي مفادها أن الحركة لن تمارس الحكم بالشريعة الاسلامية ، بمعنى أنها لا تسعى لتطبيق الحكم بناء على تعاليم الشرع الاسلامي كجلد الزاني أو قطع يد السارق ... الخ ، جاء ذلك بعد عدة تساؤلات وتكهنات للمحللين والمراقبين داخل المجتمع العربي عامة والمجتمع الفلسطيني خاصة ، ذلك لأن حكم حركة حماس يمثل التجربة الأولى للإخوان المسلمين في الحكم، على اعتبار ان حماس الذراع السياسي والعسكري للإخوان في فلسطين باعتراف علني للعديد من قيادتها .

تلى ذلك العديد من الاحداث التي لستُ في خضم الدخول الى تفاصليها ، كان أبرزها انقلاب حماس الأسود ابان حكومة الوحدة الوطنية "الحكومة الحادية عشره" في غزة على حساب المؤسسات الشرعية لمنظمة التحرير الفلسطينية "المدنية والعسكرية" بتاريخ 14-6-2007 ، وبالتالي انقسم القرار الفلسطيني الي قسمين، الاول بزعامة حركة حماس في قطاع غزة والثاني بزعامة منظمة التحرير الفلسطينية في الضفة الغربية.

في شهر اغسطس من العام 2009 فوجئ العالم بهجوم وزارة الداخلية التابعة لحماس على مسجد ابن تيمة ونسفه على من فيه في محافظة رفح جنوب قطاع غزة ، جاء ذلك عقب إعلان الشيخ عبد اللطيف موسى إمام المسجد قيام الإمارة الإسلامية في أكناف بيت المقدس ، وقد سانده في ذلك جمع من السلفيين والجماعات المجاهدة و على رأسها جماعة جند أنصار الله ، و نتج عن المواجهة المسلحة أن تم قتل الشيخ الدكتور عبد اللطيف موسى وأمير جماعة جند أنصار الله أبي عبد الله المهاجر السوري وعدد من أنصارهما وأسر عدد آخر ، وتم استهداف كل ما هو سلفي أثناء وبعد تلك الأحداث ، وبذلك تكون المفاصلة حصلت بين تياري السلفية و الإخوان المسلمين الذي تمثله حركة حماس .وكانت الأحداث قد تسارعت في تسلسلها بعد سعي حماس إسكات أي صوت مخالف لها أو يسير على غير خطها السياسي ، أو يعكر على التهدئة التي وقعتها مع إسرائيل (2008-2009)، وحدث أن خرقت جماعة جند أنصار الله هذه التهدئة بعملية أحدثت ضجة إعلامية عالية ، مما جعل حماس في وضع حرج أمام العدو الصهيوني باعتبارها الجهة المسيطرة على القطاع و المتعهدة بعدم شن أي هجمات منه على إسرائيل ، وسعت حماس الى حصر الجماعة و التضييق عليها باعتقال أفرادها وتلفيق التهم لهم ، وكذلك إعلان الحرب على السلفية في القطاع ، فبدأت بمهاجمة المساجد التي يديرها أئمة سلفيون ترى حماس في وجودهم خطراً على سياستها ، واستمر الوضع في مهاجمة المساجد وتجريف المدارس الشرعية كمدرسة سعد ، حتى وصل الأمر لمسجد ابن تيمية في رفح حيث الشيخ عبد اللطيف موسى وهو الأعلى صوتاً في التيار السلفي المؤيد لتيار الجهاد العالمي ما يعرف اليوم بتنظيم "داعش" . كان ذلك بعد عامين فقط من إحكام حماس لحكمها في قطاع غزة وهو ما يمكن تسميته بفترة الذروة بالنسبة لسيطرة حماس الأمنية في قطاع غزة ، ثم توالت بعد ذلك الاحداث التي لفقت آنذاك لداعش "التيار السلفي الجهادي" والتي كانت تأخذ شكل التفجيرات المتتالية مستهدفةً المقاهي ومحلات الانترنت وخلافه من الممتلكات العامة التي تعود ملكيتها للمواطنين في قطاع غزة .

لا اريد الخوض في سرد تفاصيل تلك الأحداث منذ ذلك الوقت وصولاً الى مجريات احداث شهر تشرين الثاني من العام الحالي 2014 ، ففي الوقت الذي كان الجميع يعول على اجواء التفاهم والاتفاق بين الحركتين المتخاصمتين فتح وحماس وفي ظل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وبدء التحضيرات الفتحاوية لإحياء مهرجان الذكرى العاشرة لرحيل الرمز الفلسطيني والقائد المؤسس لحركة فتح ياسر عرفات في غزة بتاريخ 11-11 من العام نفسه ، يفاجئ الجميع بعدة تفجيرات طالت بيوت 15 كادرا وأعضاء اقاليم لحركة فتح في غزة اضافة لتفجير المنصة المعدة للاحتفال الآنف الذكر ، حماس بدورها نفت أي علاقة لها بهذه التفجيرات و اتهمت وبشكل مباشرة الحركات الاسلامية المتطرفة والمنطوية تحت ما يسمى بداعش "الامارة الاسلامية في العراق والشام !!

والسؤال هنا والذي يليه علامات استفهام كثيرة ، كيف لحركة متطرفة مثل (داعش) التوغل بهذا العمق داخل القطاع الغزي المحكوم بيد من حديد ويد من نار حمساوياً ، كيف لها القيام بكل هذه التفجيرات بنفس الدقيقة والثانية وفي 16 موقعا مختلفا داخل مدينة غزة دون معرفة من حركة حماس باعتبارها الحاكم الأمني والفعلي لقطاع غزة منذ سيطرتها عليه عام 2007 ؟

كيف لحركة حماس القدرة على القيام بمهرجان مهيب بتاريخ 13-11-2014 أي بعد يومين من التفجيرات السابقة الذكر دون التعرض للاستهداف الأمني التفجيري من قبل الجماعات الاسلامية المتطرفة "داعش" هذا لو اخذنا بعين الاعتبار العقيدة الايمانية للجماعات الاسلامية مفادها ان المعركة بالدرجة الاولى مع المرتدين "الجماعات الاسلامية المناوئة كحركة حماس ، وكيف لغزة ان تتحول من تورا بورا بلد الارهاب والتفجير الى ولاية ميامي الامريكية بلد الأمن والأمان في ليلة وضحاها في اشارة لتاريخ 11-13 من شهر تشرين ثاني الحالي ؟

كل ما يمكن استخلاصه من كل ذلك هو ان تنظيم داعش في قطاع غزة ما هو إلا القناع والبردعة التي تستطيع حركة حماس من خلاله تمرير مخططها الإخواني على شعبنا الفلسطيني وامتنا العربية بالمنطقة والمتمثل في الابقاء على حكمها لقطاع غزة في ظل استحقاقات اتفاقية المصالحة الحالية مع حركة فتح والتي تستوجب تسليم جزء من صلاحياتها الأمنية والسيادية لأجهزة منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بشقيها الأمني والمدني .