الأمم المتحدة .. الحاضرة الغائبة
تاريخ النشر : 2014-11-30 13:38

صادف 29/11/2014م مرور 67 عاما على قرار الأمم المتحدة 181 الذى صدر عنها بتاريخ 29/11/1947م والقاضى بتقسيم فلسطين التاريخية إلى دولتين فلسطينية ويهودية , والابقاء على القدس تحت الاشراف الدولى , وهذا ما رفضه الشعب الفلسطينى و الدول العربية على اعتبار القرار يمنح اليهود حقا فى فلسطين ويأتى ترسيخا و تجسيدا لوعد وزير الخارجية البريطانى "بلفور" الذى منح اليهود يوم 2/11/1917م وعدا بإقامة وطن قومى لليهود دون وجه حق , وهو القرار أسس لتوجه اليهود لفلسطين التى كانت تحت الانتداب الانجليزى آنذاك ما سهل لهم الهجرة المنظمة و بناء المستوطنات , والتدريب على السلاح والحصول عليه من معسكرات الجيش الإنجليزي , ومثل ذلك بيئة جيدة لظهور و تنامى المجموعات اليهودية فيما بعد نفذت جرائم القتل وارتكبت المجازر بحق السكان الفلسطينيين ما أدى لرحيلهم عن مدنهم و بلداتهم وقراهم ,وسيطرة الجماعات اليهودية عليها , إلى أن رحل آخر جنود الانتداب الانجليزى متزامنا ذلك مع اعلان اليهود دولتهم على أرض فلسطين المحتلة بتاريخ 15/5/1948م , تاريخ مشؤوم سبب اللجوء والمعاناة المستمرة للشعب الفلسطينى فى كل أماكن تواجده .

بتاريخ 29/11/1977م أعلنت الأمم المتحدة عن هذا اليوم يوما للتضامن الدولى عن الشعب الفلسطينى وتأييد حقه الغير قابل للتصرف بالحرية والعيش الكريم , ونيل استقلاله الوطنى على أساس حل الدولتين ,و بعد مرور 37 عاما على اعلان الأمم المتحدة عن تخصيص يوم للتضامن العالمى تقتصر فعالياته على التظاهرات التضامنية دون أن تتعداه إلى فعاليات دولية وعربية تشارك فيها كل الدول المعترفة بحق الشعب الفلسطينى بالحرية لدعمه و إرغام الأمم المتحدة على تنفيذ قرارتها السابقة الخاصة بالقضية الفلسطينية ومنها القرار 194 لعام 1948م والقاضى بضمان حق العودة والتعويض للفلسطينيين , والقرار242 لعام 1967م الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والقاضى بإنسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الضفة الغربية وغزة والجولان وسيناء على إثر حرب الأيام الستة بين الدول العربية و اسرائيل التى نشبت فى حزيران من العام 1967م , وهناك القرار 338 الصادر عن مجلس الأمن والقاضى بوقف إطلاق النار بين مصر وسوريا من جهة و دولة الاحتلال، وتنفيذ قرار 242, ويتم فى حينها تطبيق وقف اطلاق النار بين الدول المتحاربة ولا يطبق القرار 242 .

بقيت جميع القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة و مجلس أمنها تراوح مكانها , دون أن تنفذ أى من بنودها لعدم توفر الإرادة الدولية بإلزام اسرائيل بإنسحابها من الأراضى المحتلة عام 1967م والتى أصبحت الآن حدود دولة معترف بها بصفة عضو فى المنظومة الدولية يوم 29/11/2012م , وهنا يشار للأمم المتحدة أنها تكيل بمكالين وفق مصالح أعضاءها المتنفذين فيها , وبالتالى تخرج عن أعرافها وميثاقها التى وجدت لأجل ارساء قواعد السلم والأمن الدوليين وهذا ما فشلت فى تحقيقه لغاية الآن , و تعزيز احترام حقوق الإنسان , وتأمين حقوق الشعوب وحرياتها في تقريرمصيرها , وهذا ما لم يحدث منذ بدايات القضية الفلسطينية وصدور قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية دون أن ينفذ أى من بنود القرارات القاضية بإنسحاب اسرائيل لحدود 1967م وحق تقرير المصير واقامة دولته المستقلة , والابقاء على معاناة الشعب الفلسطينى وسقوط عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى فى مشوار نضالى لازال مستمرا كان بإمكان الأمم المتحدة أن تتخذ قرارا جريئا لمرة واحدة يذكرها التاريخ بفعله بحق الشعب الفلسطينى وقضيته العادلة , لكنها اتخذت جملة من القرارات المتلاحقة بعد احتلال العراق للكويت تبعتها حرب الخليج الثانية والتى أطلقت عليها "عاصفة الصحراء" حيث دارت رحاها بعد احتلال العراق للكويت فى اغسطس من العام 1990م , وتداعت الأمم المتحدة واتخذت قرارا بمهاجمة العراق يوم 17/1/1991م بعدما استنفرت جيوش 34 دولة يتكون منها الحلف العربى الدولى لضرب العراق , وجاء قرار 678 الصادر عن الأمم المتحدة الذى أعتبر أخطر القرارات الملزمة التي صدرت بحق العراق والصادر بتاريخ 3/4/1991م ويعتبر أبو القرارات كلها، حيث احتوى هذا القرار على 34 مادة كلها وضعت العراق أمام خطر البند السابع المسخر لخدمة الأهداف الأمريكية الصهيونية، وينص البند السابع على إن مجلس الأمن الدولي بموجب البند السابع هو الذي يقرر فيما إذا وقع تهديد أو خرق للسلم والأمن الدوليين أو ارتكاب لعمل عدواني، ويحق له وفقاً للصلاحيات المنصوص عليها في الميثاق، إتخاذ جميع التدابير اللازمة، سواء ما يتعلق بفرض عقوبات اقتصادية أو وقف الاتصالات أو قطع العلاقات الدبلوماسية، أو اتخاذ تدابير عسكرية مباشرة، وهو ما منح الدول الأعضاء استخدام كل الوسائل الضرورية لدعم وتطبيق قراره 660 لعام 1990م الذى جاء بعد احتلال الكويت وكل القرارات ذات الصلة التي تلت القرار 660 لاستعادة السلام والأمن الدوليين في المنطقة , وترتب على هذه القرارات شن حربا على القوات العراقية المتمركزة فى الكويت وداخل العراق وارغامها على الانسحاب من الكويت بعد حرب استمرت 40 يوما , والاهم أن مجلس الأمن نفذ قراراته على أرض الواقع وخاض حربا لتحرير الكويت ليحافظ على السلم و الأمن الدوليين ..!! والحفاظ على مصالح الدول الكبرى فى المنطقة , من خلال استغلال المنظمة الدولية لتمرير قرارات تتماشى مع سياسات الدول المهيمنة واللاعبة الوحيدة و الحصرية فى سياسة دولية باتت عقيمة ولا تتحرك الا لمصالحها الخاصة و هذا ما أشارت إلية السعودية حينما رفضت قبول عضوية بمجلس الأمن عام 2013م , وجاء ردها " أن أسلوب وآليات العمل وازدواجية المعايير الحالية في مجلس الأمن تحول دون قيام المجلس بأداء واجباته وتحمل مسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلم العالميين" أشار البيان إلى بقاء القضية الفلسطينية بدون حل , وشغلت المقعد "الأردن" .

يأتى يوم التضامن العالمى مع شعبنا الفلسطينى مع انتقال القضية الفلسطينية نقلة نوعية بفعل الدبلوماسية الفلسطينية وتعزيزها بفعل مواقف الكثير من دول العالم التى باتت تولى القضية الفلسطينية اهتماما كبيرا ونزعت القناع عن الوجه البشع للاحتلال الاسرائيلى للأرض و الإنسان الفلسطينى وعن الأمم المتحدة وهيئاتها ومنظماتها المتساوقة مع الاحتلال الاسرائيلى وأهمها موقف مجلس الأمن الدولى وأعضاء فريقه ولاعبيه ال 5 المتنفذين , وهنا يشار الى الدور الأمريكى والفيتو الحاضر بوجه أى مساعى لحل القضية الفلسطينية ومن بعده الموقف البريطانى الداعم لإسرائيل وفرنسا التى تحاول أن تكون متوازنة فى مواقفة ..!! , ويبقى الموقف الروسى و الصينى أكثر وضوحا لناحية تأييد حق تقرير المصير للشعب الفلسطينى, ونجد ترجمة هذه المواقف حاضرة بإعترافات برلمانات الكثير من دول العالم بحق الفلسطينى بدولته المستقلة على حدود العام 1967م و عاصمتها القدس الشريف وفق مرجعية قرارات الشرعية الدولية الصادرة بذات الخصوص , وهذا يضع الأمم المتحدة أمام مسؤولية تاريخية تغيرت معها الكثير من الظروف الدولية واهمها حالة التأييد للحق الفلسطينى باتت واضحة فى كل المحافل الدولية و أهمها التصويت التاريخى لحق تقرير مصير الشعب الفلسطينى و الاعتراف بفلسطين دولة بصفة عضو مراقب الذى يمهد الطريق أمام قيام الدولة واقعا يحتاج لدعم قرار مجلس الأمن الدولى لانهاء الاحتلال الاسرائيلى عن حدود الدولة المعترف بها دوليا و ينهى عقود ممتدة من معاناة الشعب الفلسطينى تتحق معه الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس ..,, يبقى سؤال يحتاج لإجابة .. هل يمكن أن نشهد تغيرا جوهريا فى آليات عمل الأمم المتحدة التى أنشأت لأجلها فى العام 1945م..؟؟!! ومنها حفظ الأمن والسلم الدوليين , وتعزيز احترام حقوق الانسان , وتأمين حقوق الشعوب وحرياتها فى تقرير مصيرها.