غموض آلية سيري لإعادة الإعمار
تاريخ النشر : 2014-11-30 10:52

حالة من الاستياء والخوف في أوساط مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني, والمواطنين المدمرة بيوتهم أثارتها آلية سيري لتزويد قطاع غزة بمواد البناء اللازمة لإعادة الإعمار, التي طرحها مؤخرًا روبرت سيري, الممثل الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام, نظراً لأن هذه الآلية حسب رأيهم تؤدي إلى إطالة أمد عملية إعادة الإعمار, وتفرض رقابة دولية على أعمال وأنشطة شركات المقاولات.

حيث أعلن السيد روبرت سيري عن التوصل لاتفاق بين حكومة الاحتلال والسلطة الفلسطينية برعاية الأمم المتحدة حول آلية لإدخال مواد البناء اللازمة لإعادة إعمار القطاع, اقتصرت تفاصليها على أن يتم توريد كميات من مواد البناء إلى ثلاثة أو أربع مخازن كبيرة في قطاع غزة, ومن ثم تزويدها إلى التجار وفقًا للكميات المطلوبة والمحددة بموجب أذونات رقابة من الاونروا, وبموافقة الجهات المسؤولة في السلطة.

اتصفت هذه الآلية بالغموض وعدم الوضوح, إذ لم يعلن عن تفاصيلها بالكامل, وأن ما تم إعلانه بعض البنود عبر وسائل الإعلام أو ما صرح به روبرت سيري نفسه, هذا من جانب, ومن جانب آخر أعطت الآلية الاونروا الحق في المراقبة على مواد البناء, الأمر الذي يجعلنا نتساءل كيف ستراقب الاونروا وتتأكد من وصول مواد البناء إلى الجهة المقصودة ؟ أليس من الأجدر بوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الاونروا أن تهتم بتقديم المساعدات العاجلة لإغاثة المنكوبين والمدمرة بيوتهم والعمل على وقف الانتهاكات الإسرائيلية للأراضي الفلسطينية بدلاً من مراقبة دخول مواد البناء!

من الواضح أن آلية سيري لإعادة الإعمار هي بمثابة ثوب أزرق جديد ألبسه الاحتلال الإسرائيلي للاونروا, وبالأحرى مادة تجميلية للوجه القبيح للحصار الذي طال أمده, وبمعنى أدق آلية جديدة لإدارة الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 8 سنوات.

يجب أن ندرك أن حكومة الوفاق الوطني في حال بسط صلاحياتها الكاملة على قطاع غزة, وبالشراكة مع مؤسسات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني باعتبارهم أطراف التنمية قادرة على إعادة الإعمار خلال فترة زمنية وجيزة تمتد لثلاث سنوات كحد أقصى, وهو ما تم تقديمه في مؤتمر القاهرة لإعادة إعمار غزة.

على كل حال إن نجاح تنفيذ آلية سيري لإعادة الإعمار بالرغم من قسوتها, مرتبط بثلاث عناصر وهي:

أولاً: الإطار السياسي, وأقصد بالإطار السياسي أن تقوم إسرائيل برفع الحصار عن قطاع غزة وفتح كافة المعابر, وبالتالي السماح بدخول مواد البناء اللازمة للإعمار.

ثانياً: تمكين حكومة الوفاق الوطني من بسط صلاحياتها على القطاع, وأن تتولى عملية إعادة الإعمار بالشراكة مع مؤسسات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني, بحيث يتم تكلف الجهات ذات الاختصاص في تنفيذ عملية الإعمار والتنمية.

ثالثاً: التزام الجهات والمؤسسات المانحة التي تعهدت بها في مؤتمر القاهرة لإعادة إعمار غزة, لكي تتم إعادة الإعمار ضمن الإطار الزمني.

خلاصة القول: آلية سيرى هي إملاءات إسرائيلية على الأمم المتحدة وتهدف بشكل أساسي إلى شرعنة الحصار, وإطالة أمد عملية الإعمار لسنوات طويلة, لذلك يتطلب إعادة النظر في هذه الآلية, والبحث عن آلية جديدة تتضمن رفع الحصار كلياً عن قطاع غزة, وإعادة فتح كافة المعابر, وفق خطة شمولية متكاملة بعيدة كل البعد عما طرحه سيري من رقابة دولية على إعادة الإعمار