فلسطين: أوباما و" النفس اليهودية "..!؟
تاريخ النشر : 2014-11-28 21:14

 [[ أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ربما توصل إلى أقوي طريق - وربما الطريق الوحيد -

لينتهجه نحو إحلال السلام وإقامة دولة فلسطينية والذي يتمثل في مخاطبة ضمير إسرائيل. ]]

( صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية )

في خطابه أمام الطلبة والشباب في مركز المؤتمرات الدولية بالقدس، بتأريخ الحادي والعشرين من آذار2013، كان الرئيس الأمريكي السيد أوباما، في غاية الصراحة والوضوح في خطابه المذكور، حول كل ما يتعلق بمستقبل المسار السياسي لدولة إسرائيل، وبكل ما له علاقة بمفهومه للسلام بين إسرائيل وجيرانها، وعن طبيعة العلاقة المفترض وجودها بين فلسطين وإسرائيل كشعبي ودولتي جوار، ولم يترك الرئيس أوباما، شاردة أو واردة، في شأن العلاقات الفلسطينية الاسرائيلية المستقبلية، إلا وتطرق اليها ، ناهيك عن مشاعره وأحاسيسه الشخصية بهذا الشأن..!(*)

المهم في الأمر، إشارة الرئيس أوباما المتكررة، حول " يهودية إسرائيل " ، و" يهودية " الشعب الإسرائيلي، ومخاطبة ما يختلج في نفوس الشباب الإسرائيلي من مشاعر التعصب العنصري، وتمجيد صفحات التأريخ من خلال ما تعرض له اليهود في العالم ، من مآس ومحن، ومعاناة، والتي باتت كالشرارة التي تقدح كل ذلك الركام، من الحقد العنصري، والكراهية المقيته، لتتجسد في مشروع قانون لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، تحت تسمية " قانون القومية " ، والذي أقل مايمكن القول عنه؛ أنه نسف من الجذور كل الأماني والطموحات التي حاول الرئيس أوباما أن يجسدها في خطابه المذكور؛ من إمكانية قيام حل الدولتين، ومن ضرورة تمتع الشعب الفلسطيني بحقه في قيام دولته الوطنية الديمقراطية، الى جانب دولة إسرائيل، كحق لا مناص من التمتع به، إسوة بالشعب الإسرائيلي..!؟؟(1)

ما حاول الرئيس أوباما أن يؤكده في خطابه من مفاهيم ومثل " إنسانية " عن دولة إسرائيل التي وصفها بالدولة" اليهودية الديمقراطية "، فإنها لم تنعكس لدى حكومة نتنياهو الحالية والمستوزرة منذ عام/2009، إلا في صورتها " اليهودية " العنصرية، بعد أن نزعت عنها أي شكل من أشكال الديمقراطية، التي أراد من ورائها الرئيس أوباما، أن يخفف من مغالاة الأحزاب اليمينية الإسرائيلية المتطرفة، وفي طليعتها حزب الليكود الإسرائيلي، برئاسة رئيس الوزراء الحالي السيد بنيامين نتنياهو، في تعصبها الديني العنصري الأعمى في إدارة دولة إسرائيل، رغم طبيعة التناقض الظاهر في مصطلح " اليهودية الديمقراطية" الذي إستخدمه الرئيس أوباما في مخاطبته لجموع الشباب الإسرائيلي، بهدف الإيحاء لهذه الفئة من المجتمع بما يعنيه تبني المسار الديمقراطي في بناء دولتهم، وقبول وجود من يشاركهم في الجوار من أبناء الشعوب الأخرى، ممن يمتلكون نفس الطموح، ويناضلون من أجله؛ قاصداً من وراء ذلك، تطلعات الشباب الفلسطيني الى بناء دولته الديمقراطية الحرة المستقلة...!

لقد كان في خطاب الرئيس أوباما الكثير والكثير من الأفكار التي ينبغي التوقف أمامها، إذا ما أخذها المراقب من زاوية المقارنة بمعاناة الشعب الفلسطيني، وموقف الولايات المتحدة الأمريكية السلبي من هذه المعاناة، طوال خمس وستين عاما، ناهيك عن حديثه عن أمن إسرائيل، والتهديد المبطن وغير المباشر لبلدان وشعوب المنطقة المساندة لحق الفلسطينيين المشروع ، في موقفها وردود افعالها من تصرفات دولة إسرائيل العدوانية، التي كرر وصفها بالدولة "الديمقراطية"، في حديثه عن السلام والإرهاب..!!؟

ومع أن إعتراف الرئيس أوباما في خطابه، بحق الشعب الفلسطيني في تحقيق مصيره، وضرورة أن يكون لهم وطن مستقل، فإن هذا الإعتراف، لن يجد له من الجانب الآخر، صدى أو ترجمة صادقة، من قبل الحكومة الإسرائيلية والسيد بنيامين نتنياهو، رغم كل النصح والإهابات بالدولة الإسرائيلية " الديمقراطية " من قبل الرئيس أوباما في ذلك الخطاب، بل على العكس من كل ذلك، فبعد مرور أكثر من عام على خطاب الرئيس الأمريكي، [[ اقرت حكومة اسرائيل مشروع قانون القومية، والذي يعرف بـ"يهودية الدولة" الذي من شأنه أن يحدد هوية دولة اسرائيل، القانون الذي يعبتره الفلسطينيون بمثابة "النكبة الثانية"، كونه يضيف الطابع اليهودي للكيان، وينفي الوجود العربي القومي في فلسطين.]](2)

وقد جوبه مشروع القانون المذكور بإنتقاد شديد من قبل السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني؛ فقد[[ هاجمت منظمة التحرير الفلسطينية يوم الثلاثاء اقرار الحكومة الاسرائيلية لقانون "يهودية الدولة"، وقالت إن ذلك "يقتل" كل امل في احلال السلام.]](3)

هذا في الوقت الذي شكك فيه الرئيس الإسرائيلي نفسه، بنجاح مشروع القانون المذكور، وبأنه "يعرض إسرائيل لتشهير خارجي، ويفسر كتشكيك بنجاح المشروع الصهيوني"..!(4)

ومع التسليم بطبيعة الخلاف في الرأي والتوقيت بالنسبة لرجال السلطة الإسرائيلية، فإن جوهر السياسة الإسرائيلية في المنطقة بإتجاه الشعب الفلسطيني، لن يتغير منذ عهد طويل، وهي تمثل ستراتيجية ثابتة مدعومة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، جيوسياسياً وعسكرياً وإقتصادياً، وفي جميع المجالات والمحافل الدولية؛ ولعل في الإيغال بسياسة الإستيطان، والقمع المستمر ضد الشعب الفلسطيني، ناهيك عن الرفض المتواصل لكل القرارات الدولية المتعلقة بالحق الفلسطيني في إقامة دولته الوطنية الحرة المستقلة، والتنكر لحق العودة للفلسطينيين؛ فإن في كل هذا ما يرسم مجرد ملامح واضحة لتلك الستراتيجية العدوانية، والتي تجسدت أخيراً في مشروع قانون "الدولة اليهودية"، الذي يرسم صورة واضحة المعالم عن الطبيعة العنصرية لحكومة اليمين المتطرف الإسرائيلي، والتي لا تخدم في جميع تداعياتها المستقبلية، كلا الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني، ولا تساعد على حفظ السلم والأمن الدوليين في المنطقة، طالما ظلت الحكومة الإسرائيلية متمسكة بسياستها في قضم الأراضي الفلسطينية وفي التنكر لحل الدولتين ورفض حق العودة..!؟