أردوغان.. جنون العظمة
تاريخ النشر : 2014-11-26 10:48

صدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بتصريحاته عن المرأة، أنصاره في العالم العربي قبل خصومه. أردوغان الذي غيّر وجه تركيا في العقد الأخير، وقاد بلاده إلى مصاف الدول المتقدمة، ظهرت عليه علامات جنون العظمة في الآونة الأخيرة. الرجل الذي فاز على الدوام بانتخابات ديمقراطية؛ رئيسا لبلدية اسطنبول، ثم رئيسا للوزراء ثلاث مرات، وحاليا أول رئيس للجمهورية منتخب مباشرة من قبل الشعب، أصبح يفضل دور السلطان على دور الرئيس المنتخب.
في اجتماع كبير حول العدالة والنساء في اسطنبول، قبل أيام، قال أردوغان: "لا مساواة بين الرجل والمرأة، ولا يمكن معاملة الرجل والمرأة بنفس الطريقة، لأن ذلك ضد طبيعة البشرية". وذهب أبعد من ذلك في إهانة النساء والحط من مكانتهن باسم ما يقول إنه الإسلام، عندما قال: "طباعهن وعاداتهن وأجسادهن مختلفة.. لا يمكن وضع امرأة ترضع طفلها على قدم المساواة مع الرجل". وأردف: "الإسلام حدد دور النساء بالأمومة".
أردوغان زعيم لحزب يقدم نفسه على أنه صورة مشرقة لحركات الإسلام السياسي؛ يؤمن بالديمقراطية والحريات الفردية، والتعددية، وحقوق النساء. وبالمناسبة، حصة حزب العدالة والتنمية من أصوات النساء في تركيا كبيرة، ولا تقاس بأي حزب منافس.
في الكلام المنسوب لأردوغان، تشعر أنه قد عاد بحزبه وتجربته الاستثنائية عقودا طويلة إلى الوراء؛ حيث الإرث التقليدي والرجعي الذي ثار عليه أردوغان بنفسه، وبنى على ركامه حزبا جديدا أكثر عصرية وحداثة، وتحول مع مرور الوقت إلى نموذج تتسابق على تقليده أحزاب وحركات الإسلام السياسي في العالم العربي.
كيف يمكن لرئيس بلد مثل تركيا، يكافح من أجل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بكل ما يترتب على ذلك من اشتراطات، تأتي قضية حقوق المرأة في صدارتها، أن يتحدث بهذه الطريقة البدائية عن النساء في بلاده؟
لكن، كما أشرت في البداية، تلك من علامات جنون العظمة التي أصابت أردوغان، بعد أن قضى فترة طويلة في الحكم. فقد تحول مع ما حققه من نجاحات، إلى زعيم يتقمص كل الأدوار والشخصيات.
لم تكن الإهانات التي وجهها للنساء هي العلامة الوحيدة على شعور العظمة الذي تملّكه؛ فالقصر الرئاسي الذي شيده مؤخرا أثار استغراب الجميع. كلفة "البيت الأبيض" كما يسميه الأتراك، بلغت 650 مليون دولار، وتزيد مساحته على مساحة قصر فرساي الشهير، ويضم نحو ألف غرفة.
يعزو البعض سلوك أردوغان الغريب، وتصرفاته وتصريحاته المتشنجة، إلى فشل سياسته في المنطقة، وعجزه عن تحقيق أحلامه الإمبراطورية. تبدى هذا الفشل في سورية، وفي مصر، وفي علاقات بلاده مع معظم دول الخليج العربي والعراق، وأخيرا مع إيران، والارتباك الحاصل في إدارة الملف الكردي.
لقد رغب أردوغان، ورئيس وزرائه حاليا ووزير خارجيته السابق أحمد داود أوغلو، في تصفير مشاكل تركيا مع جيرانها. فانتهى به الأمر إلى تصفير علاقاته مع هؤلاء الجيران. فلم يبق غير نساء تركيا المكافحات ليدخل معهن في شجار.

عن الغد الاردنية