هيثم المناع يشهد من الداخل
تاريخ النشر : 2013-11-16 16:03

ربع استفاقة من هيثم مناع ، تجعل شهادته بوصفه من أهل البيت أكثر من هامة لما يجري في سوريا .فهيثم مناع من أوائل الذين تطربشوا على الحراك الشعبي السوري( بعد) انطلاقته .

كان ولا زال مما يزعج عقل الثوريين والتقدميين والمدافعين عن الأمة ، أن ينتقل أشخاص معينون وقوى معينة إلى إصطفاف الطرف الآخر ، بينما موقعهم هو الفداء عن الأمة وعن مصالح الوطن في وجه الأعداء التاريخيين وعن الشعب بطبقاته الفقيرة.

لذلك كان هناك ولا يزال ضرورة لإعمال مبضع النقد الجارح ، كان لا بد من الصراخ على بعضهم كي يعود عن الضلال .

كان هذا البعض يستمريء المستنقع ويتظاهر بأنه( جنته) الموعودة، فيغلق باب العقل والفهم إما ضلالا ، وإما لأنه أغلق باب العقل والفهم ليفتح جيوبه للدولار ..

لقد أصبح الحلال بيّن والحرام بين فيما يجري في سوريا ، لم يعد هناك أي لبس في فهم الإصطفافات وأهدافها وتلاوينها وممارساتها على الأرض . أن استثمار الحراك الشعبي الذي حصل في نيسان 2011 ومفاعيله اللاحقة لم يعد كافيا لتفسير الذي يجري ، لأنه بعد ذلك جرت في النهر مياه كثيرة . بعد ذلك حضرت الدول الأجنبية المتدخلة في الشأن السوري وحضرت معها أموالها وقواها المكلفة بالعمل وحضرت أجندتها وأهدافها .هنا بدأ التدخل الأجنبي بتظافر عدد كبير من الدول المعادية لسوريا وبدأ يتضح الحلف الإمبريالي الغربي المتحالف مع الدول الرجعية العربية وتركيا والذي استخدم القوى والتيارات الرجعية المحلية من الجماعات الإسلامية ومجموعات ال إن جي أوز والقوى التي شملتها الإصلاحات الإقتصادية والإجتماعية السورية وأعداد كبيرة من المرتزقة المحليين والأجانب .

هنا أصبح واضحا أن الهدف ليس إصلاح سوريا بل تدمير سوريا والإستيلاء على سوريا وتدمير الدولة والجيش والسلاح وتحطيم وتفتيت النسيج الإجتماعي وإحداث التفرقة الطائفية والإثنية والجهوية ، وضرب سوريا كجزء من ضرب التحالف السوري الإيراني وحزب الله .

لقد أصبحت المعارضة خارجية الصنع" معارضة منفى تتقاذفها دول الجوار والقفار" كما وصفها هيثم مناع بحق .

هنا وضعت العقبات الكبيرة أمام فرص الإصلاح وخاصة بعد أن وافقت السلطات السورية على إجراء الإصلاحات في بنية الحكم ..

يقول هيثم المناع بحق وهو يحاول ملامسة المجريات : "مشكلتنا في سورية كانت منذ البدء في محاولة الخارج والإعلام السيطرة على الحراك الشعبي لأجندات لا تتناسب مع وتيرة الحراك الشعبي ووتيرة المتطلبات الداخلية. صار التدخل في أسماء أيام الجمعة واضحا، وصار بعض الميسورين يطلبون يافطات محددة من دول الخليج. وبدأنا نسمع من رجال دين في الجزيرة العربية جملا مثل “ألف ناتو ولا مجوسيون وصفويون"(وهم بهذا انما يحددون شكل الحرب التي يخوضونها كحرب طائفية ومن أجل ضرب تحالف قوى الممانعة وعلى المكشوف بما يتنافى مع منطلقات الحراك الشعبي في بدايته وقبل التماهي معه وحرفه بشكل نهائي )

ويضيف هيثم المناع "صوت الخارج غطى على صوت الداخل في العالمين الفضائي والافتراضي، وليس من قبيل الصدفة أن الستة الداعين لمجلس انتقالي سوري من اسطنبول كانوا من الخارج ويحملون جنسيات أوربية وأمريكية ولم يكن بينهم مواطنا واحدا من الداخل..."

وقد تظافر مع دعوات الخليجيين العديد من كبار ما يسمى ب"علماء الإسلام الذين أيدوا قصف ليبيا وأفتوا بجواز التحالف مع أمريكا لضرب سوريا وعلى رأسهم القرضاوي وفقا لذات المناهج الدعوية التي تمزق البلد بدلا من الإصلاح .

وفسر هيثم المناع وهو شاهد من الداخل :" . وليس من قبيل الصدفة أيضا أن يتم تسويق هذا المشروع غربيا وخليجيا على حساب النضال الداخلي المنبثق من طين الأرض ورحم المجتمع. لقد حاولنا منذ اجتماع الدوحة الأول في حزيران 2011 تغليب حسن النوايا وإعطاء الصوت للداخل وطلبت من أحد المبشرين بمنصب في المجلس أن يعود لسورية حتى لا نصبح معارضة منفى تتقاذفها دول الجوار والقفار. ذهبت كل صيحاتنا هباء، وانهال الدعم الإعلامي والسياسي والمالي على معارضة الخارج.."

وكان هيثم المالح العجوز وهو عضو الأئتلاف السوري الذي شكلته أمريكا من أصدقائها متوافقا رغم انفه مع هيثم المناع قد قال في توصيفه للمرتزقة الذين تشرف عليهم امريكا ويدخلون سوريا من خلال الأردن ".. المقاتلون الذين تدرِّبهم أمريكا في الأردن ليس لهم ولاء لـسورية أبداً، فهم يتلقون رواتب شهرية من الولايات المتحدة كي يكون ولاؤهم التام لها. وقال المالح إن المليشيات المدربة أمريكياً في الأردن يمكن التعرف عليها من صفاتها التي يمكن التعرف عليها... كما أن لهم تجاوزات كثيرة بحق المواطنين هي أقرب إلى التشبيح كاستفزاز المواطنين وابتزازهم..."

والمالح يعلن صراحة :"أن الشعب السوري لا يخوض حربا ضد نظام الرئيس بشار الأسد وإنما ضد إيران وروسيا وحزبالله.."

ووكان كاو

وكان قد" كشف الرئيس المستقيل لـ "الائتلاف السوري" المعارض معاذ الخطيب خلال كلمة سورية في القمة العربية في الدوحة، أنه طلب من الولايات المتحدة خلق منطقة آمنة في شمال سورية من خلال مظلة باتريوت"وأضاف: "قلت لمسؤول اميركي نحن لا نخجل من أن نعلن مساعدات الاغاثة الأميركية التي تقدر ب 365 مليون دولار لكن ما ننتظره من أميركا أكبر من ذلك.."

ويضيف هيثم مناع "ومازلت أذكر جملة عزمي بشارة الذي قال “إذا اتفقتم على هيئة مشتركة ،الطائرة جاهزة للسفر لعدة بلدان للاعتراف بها”. وكأن الأنموذج الليبي قابل للتكرار؟؟

وشهد هيثم مناع على لسان ميشيل كيلو :" ، قال لي ميشيل كيلو ( عن إفشال الإتفاق )في منزل سمير عيطة: هذا عمل أجهزة أمنية؟ فلماذا يستهجن البعض قول مسئول أمريكي كبير مؤخرا بأن بلده كانت وراء صناعة المجلس والائتلاف؟"

ويمكن للمراقب العادي أن يلاحظ العديد من التصريحات والقرارات التي تشير إلى حرب ضروس يشنها حلف دولي معادي يستهدف ضرب سوريا وتجويفها من الداخل وضربها من الخارج وتسليمها لعصابات القتل المتواصل وتحطيم بنيتها الإقتصادية والإجتماعية وتفكيك تراكيبها الإجتماعية ..وأن هذا التوجه هو الذي دفعهم لتشكيل القيادات التي يمكن تمرير أجندتهم باسمها

ونقتطف من هيثم المناع عن موقف الإخوان المسلمين :".. ويوم أطلقنا شعار إسقاط السلطة الدكتاتورية واللاءات الثلاث (لا للطائفية، لا للعنف، لا للتدخل العسكري الأجنبي) قال المتحدث باسم حركة الإخوان المسلمين لا يوجد لاءات مقدسة. وفي العاشر من آب/ أغسطس بعد يومين على استشهاد الفقيد معن العودات( وهو أخ هيثم المناع) نشر موقع الإخوان المسلمين ومواقع سلفية مقالة تقول نعم للتسلح تحت راية الجهاد ونعم للرد على طائفية السلطة بتعبئة أهل السنة ونعم للتدخل العسكري الخارجي لأننا بدأنا مرحلة الهدنة بين القوى الغربية والإسلام..".

أما النصرة فيقول مناع " أحضر لي يوما مناضل أمضى في السجن 14 عاما شريطا لأبي عمر الحسيني القرشي البغدادي قائلا: هذا من كلف أبو محمد الجولاني بقيادة جبهة النصرة. استمعت للفقرات التسعة عشرة التي يتحدث بها ومنها (وجوب هدم وإزالة كل مظاهر الشرك وتحريم وسائله، الرافضة طائفة شرك وردة، العلمانية على اختلاف راياتها وتنوع مذاهبها كالقومية والوطنية والشيوعية والبعثية هي كفر بواح، طوائف أهل الكتاب وغيرهم من الصابئة ونحوهم اليوم أهل حرب لا ذمة لهم، نرى وجوب قتال شرطة وجيش الطاغوت…).

فالتيار الديني وبعد أن اتفق على الهدنة بين القوى الغربية والإسلام أراد أن يترجم هذ الإتفاق بتعزيز طائفية السنة وتجنيدها لشن حروب طائفية في المنطقة عموما وفي سوريا خصوصا وبطلب الدعم والتدخل الخارجي الذي هو تدخل أمريكي وتدخل الناتو ،أي انهم جندوا انفسهم حسب اتفاقهم مع الغرب لخدمة الأجندة الغربية دون حرج ..

وهم معادون للقومية العربية والحداثة ويريدون إقامة حكم الأمويين واسترجاع الخلافة العثمانية الرجعية والمستبدة .

ويشهد هيثم المناع بقوله :" حتى أعز الناس إلي حذروني من صعوبة مواجهة تيار جارف تقوده دول كبرى وصغرى وإعلام قاتل. لن أطيل في التذكير، فالغاية منه القول أن هذا الموقف يعبر عن عشرات بل مئات الآلاف التي أرادت تحولا سياسيا سلميا. وكانت تكرر جملة الصديق المعتقل عبد العزيز الخير “يجب أن نعضّ على أصبعنا وأوجاعنا ونبقى سلميين حتى لا نقع في الفخ المنصوب لنا بالذهاب من الثورة للحرب”.

ولكن هل نفعت التحذيرات ؟ والسؤال الأهم : هل بقي الحراك بيد السوريينأنفسهم ؟

 

الجواب من هيثم مناع :" وجرى تهميش كل محاولات العمل المدني السلمي. ومقابل هذا التهميش تم تعويم فكرة العمل المسلح. لم تستنكر معارضة الخارج ما جرى من قتل لجنود بسطاء في جسر الشغور مبكرا"

ويعود مناع للتساؤل عن شدة جرائم قوى مخطط الناتو :" وهل الشرطي الذي ينظم السير خادما للدكتاتورية؟ وهل الجندي الذي يُقتل على حاجز مستباح قتله؟ وهل الأحياء والقرى التي تستهدف بشكل عشوائي من هذه المجموعة المسلحة أو تلك مشروعة الهدم والردم؟ وهل تزر وازرة وزر أخرى؟ وأين عين الرقيب الأخلاقية والثورية عند مقاولي معارضة الخارج؟ مثّل مقاتلو قريش بجثث أنبل الناس فمنع الرسول الكريم (صلعم) المثلة والإساءة لميت. فأين إسلامهم من الإسلام؟ ولماذا يتهم كل من يشجب جرائم الغرباء بالعمالة لنظام أو حلف؟ أما آن الأوان لوضع حد لهذه المهازل؟ ألم يفكر السياسي والعسكري الصامت أو المشارك في هذه الممارسات أن سورية ستبقى لأهلها وبأهلها وأنه محكوم عليه بالعيش مع جاره وليس مع الطالبان والشاشان وشذاذ الآفاق حملة رسالة الموت من أي بلد جاءوا ولأي معسكر انضموا؟"

وتحت عنوان الأوجه المتعددة للشيخ أحمد الخطيب ورد في فولتير نت بقلم تيري ميسان

"دُفع بالشيخ معاذ الخطيب الى رئاسة الائتلاف الوطني السوري، الذي يمثل المعارضة الموالية للغرب عند حكومة دمشق. وصفته حملة مكثفة بأنه أكبر شخصية اعتبارية غير مرتبطة حزبيا أو اقتصاديا، هو في الواقع عضو في جماعة الإخوان المسلمين وإطار في الشركة البترولية "شل " ويؤكد الكاتب أنه ظل على علاقة وطيدة معها ..

ويضيف ميسان في مقالته:

" ونشستحضر بالخصوص المجلس الوطني السوري المعروف أيضا باسم مجلس اسطنبول لأنه تشكل هناك . تسييره بيد من حديد المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي وتموله قطر .... ومثلت لجان التنسيق المحلية هناك المدنيين داعمة العمل المسلح . وأخيرا ، الجيش السوري الحر المؤطر بشكل رئيسي على يد تركيا يشمل معظم المقاتلين بمن فيهم كتائب تنظيم القاعدة أي 80% يعتبرون الشيخ التكفيري عدنان العرعور زعيمهم الروحي مستندا على المملكة العربية السعودية ...

"سعيا منها لاستعادة زمام الزعامة واستعادة النظام في هذا النشاز، ألزمت واشنطن الجامعة العربية بعقد اجتماع في الدوحة، فأغرقت المجلس الوطني السوري، وأجبرت أكبر عدد ممكن من المجموعات على الاندماج في هيكل واحد: "الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة". وفي الكواليس، اشرف السفير روبرت.س. فورد بنفسه على توزيع المهام والمواقع. في نهاية المطاف، عَين في منصب رئيس التحالف شخصية لم يسبق ذكرها في الصحافة حتى ذلك الوقت: الشيخ أحمد معاذ الخطيب.."

فإذا جمعنا كل ما ورد أعلاه فإننا نلاحظ بيسر وسهولة ، أن دول الغرب الإستعماري وبالتعاون مع حلفائها من الدول الرجعية العربية وتركيا ، تمكنوا من تجييش قوى معادية لمقاتلة سوريا وتجويفها وذبحها وإثارة كل النعرات بداخلها .. وأن هذا لم يعد خافيا على كل من له عينين .. وحتى أن هيثم المناع يرى ذلك بوضوح

لا توجد في سوريا ثورة ولو كانت فإننا كنا ولا زلنا مع الإصلاحات السياسية والأقتصادية والإجتماعية لمصلحة الغالبية العظمى من الشعب السوري .

نحن مع إصلاح الإقتصاد وتطهير القطاع العام وتوسيعه واستعادة ما تسرب منه وتقويته ، نحن مع إصلاحات ديموقراطية تخدم هذه التوجهات ، نحن مع تحالفات سياسية محلية تنفذ الإصلاح الديموقراطي والقانوني والإقتصادي وتقوية الجيش وتعميق حلف الممانعة والمقاومة والتحرر من أي إلتزامات رجعية . نحن مع سوريا وبقائها حرة عربية مستقلة ومع وحدة سوريا ومع الوحدة العربية ...