هل تثأر أمة العرب لكرامتها في ظل تحولات النظام العالمي الجديد؟
تاريخ النشر : 2023-03-20 16:10

منذ انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك ولاياته وانفراط عقد الاتحاد منذ العام 1989م أسدل الستار على النظام العالمي ثنائي القطبية الذي تزعمته كلٌ من الولايات المتحدة الأمريكية زعيمة الحلف الأطلسي (الناتو) والاتحاد السوفيتي والذي تزعم حلف (وارسو)، مما أدى إلى تفكك الاتحاد السوفيتي وانتهاء الوجود القانوني لاتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية وذلك في ديسمبر 1991م، وأصبح العالم منذ ذلك التاريخ أحادي القطبية تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية حيث وصفه العديد من الباحثين والكتاب والمثقفين وحيد القرن، مما أحدث تفردًا وهيمنة أمريكية بظهور مصطلح العولمة في العالم الذي نحن بصدده حتى يومنا هذا، وفى استعراض سريع لحقبة التفرد الأمريكي نجد أن متغيرات كثيرة لحقت بمناطق ودول عديدة لإحكام الهيمنة والسيطرة الأمريكية على مقدرات العالم وخاصة دول العالم الثالث، والسؤال الذي يطرح نفسه هل سيستمر التفرد الأمريكي خلال عشرينيات القرن الحادي والعشرين؟  

 في اعتقادي أن هناك استشراف لبروز أقطاب جديدة في العالم تنهي التفرد الأمريكي ليصبح النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب، فعندما أعلنت إيران والسعودية  استئناف علاقاتهما الدبلوماسية المقطوعة منذ 2016، بعد مفاوضات قادتها الصين، توالت ردود الفعل العربية و الدولية حول أثر هذا الاتفاق والبُعد الذي يحمله فيما يتعلق بعلاقات الصين ونفوذها في المنطقة وفي ذلك الوقت  شكرت فيه كلٌّ من السعودية وإيران الصين على الدور الذي لعبته وجهودها في التوصل لاتفاق، اعتبر كبير الدبلوماسيين الصينيين وانغ يي الاتفاق بمثابة "انتصار للحوار وانتصار للسلام" قائلًا إن الصين ستواصل لعب دور بناء في التعامل مع القضايا الشائكة في العالم وستظهر تحليَها "بالمسؤولية" بصفتها دولة كبرى. وأضاف: "العالم لا يقتصر فقط على قضية أوكرانيا"، من جانبه سارع البيت الأبيض للتأكيد على أن واشنطن كانت على إطّلاع على المباحثات بين الأطراف، حيث قال المتحدث باسم الأمن القومي جون كيربي إن الولايات المتحدة تتابع "بكثب"، سلوك الصين في الشرق الاوسط وأماكن أخرى، فيما رحّبت العديد من الدول العربية بالوساطة الصينية ووصفتها بمثابة نجاح لتقريب وجهات النظر. 

وفي خطوة غير مسبوقة اصدرت المحكمة الجنائية الدولية امر اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمفوضية الرئاسية لحقوق الطفل ماريا لفوفا بيلوفا، بتهم " ارتكاب جرائم حرب " في أوكرانيا ، بدورها أكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أن قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لامعنى له بالنسبة لروسيا وكذلك " روسيا ليست طرفا في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ولا تتحمل أي التزامات بموجبه لا تتعاون روسيا مع هذه الهيئة وستكون المذكرات المحتملة للاعتقال الصادرة عن محكمة العدل الدولية باطلة من الناحية القانونية بالنسبة لنا. 

في ذات السياق قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق نظيره الروسي فلاديمير بوتين "له ما يبرره"، وصرح أيضا أن الرئيس الروسي "ارتكب جرائم حرب بشكل واضح "، مذكراً أن الولايات المتحدة ليست جزءاَ من المحكمة الجنائية الدولية، لكنه رغم ذلك اعتبر أن قرارها يبعث إشارة قوية جداً. 

ومن جانبه قال الكرملين في بيان رداً على مذكرة الاعتقال إن روسيا إضافة إلى عدد من الدول لا تعترف بولاية هذه المحكمة لذا فمن منظور قانوني فإن قرار هذه المحكمة لا يعني شيئاً كما قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية . فالهدف من قرار المحكمة الجنائية الدولية في إصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي هو تقويض التحرك للرئيس الروسي في ظل العلاقات المتواصلة مع الدول . فهل سيكون لرئيس الروسي رداً على أرض الواقع بخصوص القرار فالأيام القادمة ستكون حبلى بالمفآجات الدولية ؟ 

   فهل تستطيع الإدارة الأمريكية أن تستمر في فرض هيمنتها على مقدرات العالم وصياغة العالم بدوله وخاصة دول العالم الثالث، بما فيها الدول العربية التي أصابها مرض ووباء ما يسمى بالربيع العربي بما أحدثه من تغيير في معالم الحياة السياسية والاقتصادية وتأجيج الصراعات في المنطقة ... فهل ستنجح الإدارة الأمريكية لتبقى هي وحيدة القرن في العالم أم أن هناك ملامح جديدة تبشر بصعود قوى جديدة تحد من العبث الأمريكي والإسرائيلي في مقدرات العالم ، بما في ذلك قضيتنا الفلسطينية وعالمنا العربي؟.

في ظل جرائم الحرب المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني منذ عام 1947 إلى هذا اليوم لم يصدر قرار من المحكمة الجنائية الدولية  بحق المجرمين الذي سفكوا دماء الفلسطينيين . فهل مراسم وداع وحيد القرن الأمريكي بات وشيكا لتنتهي سياسة الكيل بمكيالين ، وهل أمة العرب والمسلمين تستنهضها الزلازل السياسية لتعيد حقوقها المغتصبة وتثأر لكرامتها .